ميليشيا أسد تعتقل المئات في دير الزور من أجل "القمح" وتحتكر شراءه بشروط تعجيزية

ميليشيا أسد تعتقل المئات في دير الزور  من أجل "القمح" وتحتكر شراءه بشروط تعجيزية
رغم موسم زراعي كارثي كان له وقعٌ قوي على الفلاحين في شرق وشمال سوريا بشكل عام، إلا أن ذلك لم يشفع لأهالي دير الزور أمام ميليشيا أسد الطائفية في المناطق التي تسيطر عليها، حيث فاقمت من مأساة ومعاناة الفلاحين في دير الزور ولم تتعاطف مع وضعهم الاقتصادي والمعيشي المتردي أساساً، وتسلّطت على قوتهم وقوت أبنائهم.

فخلال شهري (مايو أيار - يونيو حزيران)  من العام الجاري تم توثيق اعتقال (114) شخصاً في ريفي دير الزور الشرقي والغربي من قبل "الأمن الجنائي" التابع لميليشيا أسد، أضافة لجهاز "الأمن العسكري"، معظمهم من أبناء البوكمال والميادين وموحسن وبقرص والمسرب والشميطية، والتهمة هي "احتكار القمح"  وعدم توريد الكمية المحددة من محصول القمح لمؤسسة الحبوب للتابعة للنظام .

حملات الميليشيا تلك جاءت بسبب عدم تسليم بعض الفلاحين لمحاصيلهم من القمح، إذ تم إجبار جميع الفلاحين في محافظة دير الزور هذا العام على توريد كافة محاصيل القمح للنظام وتم منعهم من الاحتفاظ به، ولو كانت الكميات قليلة، وذلك تحت طائلة الملاحقة والغرامة والسجن.

ففي مناطق الميادين والبوكمال وموحسن بريف دير الزور الشرقي تم اعتقال اكثر من (90) فلاحاً وجاءت الاعتقالات على خلفية طلب حكومة النظام من كل فلاح في المنطقة تسليمها كمية محددة من القمح فاقت إنتاج أراضيهم، ما دفع بعض الفلاحين للهروب من المنطقة بسبب عجزهم عن تأمينها، ومن رفض هذا الطلب تم اعتقاله. 

وعن الموضوع يقول السيد (خ.م) وهو فلاح من ريف الميادين، إن أعداداً كبيرة من فلاحي محافظة دير الزور هربوا خلال الأيام الماضية من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام باتجاه مناطق سيطرة ميليشيا «قسد» خوفاً من الاعتقال، لعجزهم عن تأمين ما طلبه النظام من كمية محددة من القمح، إذ طالبت الجمعيات الزراعية التابعة للنظام الفلاحين بتأمين كمية (240 كغ ) لكل دونم زراعي يمتلكه الفلاح، وهو رقم ضخم ومبالغ فيه، في ظل موسم سيّئ شهدته محافظات الحسكة والرقة ودير الزور تحديداً.

و السبب الآخر كما يقول هو أن هناك أعداداً كبيرة من الفلاحين كانوا قد ضاعفوا عدد الدونمات لدى تسجيلها في الجمعيات الفلاحية، بهدف الحصول على دعم أكبر من الجمعيات فيما يتعلق بالسماد والحبوب، لكن الذي حصل هو أن النظام بدأ يطالبهم بمحصول القمح وفقاً للأعداد المسجلة، وهذا ما دفع قسماً كبيراً منهم للهروب خوفاً من الاعتقال، وكان النظام قد حدد سعر شراء كيلو القمح من الفلاحين بمبلغ 900 ليرة سورية، لكنه لم يدفع سوى 700 ليرة، ما دفع بعض الفلاحين للاتجاه لبيع القمح في السوق السوداء حيث يصل سعر الكيلو فيها 1200 ليرة وذلك لتأمين احتياجات معيشتهم.

ويتابع: "باختصار كان الموسم كارثياً والأسباب هي قلة الأمطار هذا العام وانخفاض منسوب نهر الفرات بسبب السياسة الجديدة التي انتهجتها السلطات التركية، وقلة دعم الفلاحين بالأسمدة وكثرة الأوبئة".

 وفي ذات السياق، لم يسلم تجار الحبوب من ملاحقة أجهزة ميليشيا أسد الأمنية فقد تمت مصادرة كل أطنان القمح التي كانوا يمتلكونها، ففي مدينة البوكمال قامت دورية تابعة للأمن الجنائي باعتقال "عبد الرحمن الحرفوش" من بلدة الهري بريف البوكمال لأنه يشتري القمح من الأهالي، ومع أن الكمية التي اشتراها الرجل كانت قليلة إلا أن الأمن التابع لميليشيا أسد صادر كل ما يمكله الحرفوش واشترط لإطلاق سراحه أن يجلب (10) أطنان من الحبوب ويسلمها لمؤسسة الحبوب، وبالفعل قام ذووه بعدها بشراء الكمية من العراق وقاموا بتسليمها لسلطات النظام بهدف إخراج ابنهم من السجن بعد تدهور حالته الصحية فيه.

كذلك قامت دورية تابعة للأمن الجنائي بمداهمة منزل أحد التجّار في بلدة السكرية بريف البوكمال وصادرت منه 30 طناً من القمح .

وتتكرر حالات اعتقال الفلاحين بدير الزور بين الفينة والأخرى بسبب مطالب ميليشيا أسد التعجيزية، وعدم تكافئها مع ما يقدمه لهم.

وتشدد الفروع الأمنية والشرطة التابعة للميليشيا من إجراءاتها بخصوص القمح، إذ إنها تمنع الأهالي في عموم أرياف دير الزور من تخزين القمح ولو كان بكميات قليلة، وتقوم حواجز النظام بالتدقيق على جميع السيارات، لمنع تهريب القمح خارج مناطق سيطرتها، من جانبها شددت الجمعيات الفلاحية وبإملاءات من "أمن الدولة" على ضرورة تسجيل إنتاج كل فلاح من قبل مالكي الحصادات وأنهم مسؤولون عن ذلك، وهددوهم بأشد العقوبات إن حصل تزوير في التسجيل أو أي تساهل مع أي فلاح .

وتندرج جميع هذا الممارسات ضمن محاولات نظام الأسد اليائسة لسد العجز الذي يعاني منه لتأمين احتياجاته من القمح، كما بات يلجأ كذلك لشراء كميات من القمح من تجار في مناطق سيطرة ميليشيا قسد وتصل الحبوب لمناطق النظام عبر مهرّبين يتعاملون مع ضباط في "الفرقة الرابعة" التابعة لقوات النظام، حيث يهربون القمح من مناطق الجزيرة، عن طريق العبّارات النهرية وقوارب الصيد الصغيرة إلى معابر بقرص والميادين، ليتم نقله لاحقاً بواسطة شاحنات مجهزة تحمله بدورها إلى مدينة دير الزور، وبعدها يذهب باتجاه محافظة حمص. 

وخلال الموسم الزراعي الماضي عمدت ميليشيا أسد وعبر ضباط ومسؤولين كبار فيها للاستيلاء على أعداد كبيرة من الأراضي الزراعية في مناطق موحسن والبوليل ومحكان والبوكمال تعود ملكيتها لأشخاص معارضين له وتمت زراعتها بالقمح، لكن الموسم كان ضعيفاً جداً رغم الاهتمام بهذه الأراضي وتهميش احتياجات باقي فلاحي المنطقة .

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات