ازدواجية المعايير في سياسات الأردن ومصر.. تجاه سوريا

ازدواجية المعايير في سياسات الأردن ومصر.. تجاه سوريا
بكثير من الطمأنينة يمكننا القول: إن الرؤية العربية العامة لبلدان ثورات الربيع العربي، وخاصة القضية السورية الاستراتيجية، أظهرت كثيرا من العقم السياسي العربي أو محاولة اقتلاع السياسة من جوهرها (فن الممكن) بعد أن كان وما زال ممكناً تجنب هذه الأزمات بخطوات بسيطة وإن كانت معقدة، فليس من المعقول والاستراتيجي أن أتمعن في مشاهد الإبادة الجماعية في سوريا، وأُحجم عن التدخل في صناعة المشهد السياسي السوري ولو بحالة نسبية تسعى لتحفيف فاتورة الدم التي يدفعها السوريون فيما يعرف العالم كله من هو قاتلهم ومن ألقى البراميل واستخدم الكيماوي لقتلهم، ومع من تحالف لتهجيرهم وتشريدهم..  لأتبنى في النهاية سياسة الاستيعاب من الأعلى إلى الأسفل في محاولة حزينة بائسة للهروب إلى الخلف.

ليس من المعقول والاستراتيجي أن أتمعن في مشاهد الإبادة الجماعية في سوريا، وأُحجم عن التدخل في صناعة المشهد السياسي السوري ولو بحالة نسبية تسعى لتحفيف فاتورة الدم التي يدفعها السوريون فيما يعرف العالم كله من هو قاتلهم 

هذا هو العنوان العريض للمشروع العربي في المنطقة العربية التي تشهد عمليات إبادة جماعية منظمة ضدّ عمودها الفقري (الكتلة الديمغرافية السنية العربية)، ولعل أكثر المتأثرين هم دول الحزام المحيط بسوريا كلبنان والأردن ومصر، سواء بموجات النزوح المليونية أو الأخطار الأمنية المتمثلة بمئات الميليشيات الإرهابية الطائفية الشيعية التي يرعاها نظام الملالي من وسط آسيا وحتى حدود سيناء، أو بخيار حرب المخدرات المدمرة وسياسة التسوية مقابل منع تدفق شحنات المخدرات إلى الدول العربية!    

فتصريحات ملك الأردن (عبد الله الثاني) بعد زيارته الرئيس الأمريكي (جو بايدن) تشير إلى الرغبة الأمريكية الجامحة في جعل نظام ولاية الفقيه متفرداً بقرار المنطقة والسيطرة، ضمن ما تقتضيه مفاوضات الملف النووي مع إيران والتلاقي التنظيمي الاستراتيجي داخل حلف الأقليات الذي يسعى جاهداً لانتزاع صيغة المنطقة السياسية من القاعدة السنية العربية بما يتلاقى مع المشاريع الخارجية المختلفة ويحفظ مصالحها، وكأن ملك الأردن نسي أو يتناسى تصريحاً شهيراً لوزير إعلامه السابق (صالح القلاب) وهو يقول عبارته الشهيرة: "إلي من العرب بدّوا يتخبى ورا إصبعوا..  يتخبى لما يجوا ياخدوا من راسوا على قم".

هذا الأمر الذي ما انفك يؤكده الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) في كثير من حديثه حول علاقة مصر بإيران، ففي كل مرة يوحي للمتابعين والقادة العرب بإمكانية التسوية مع إيران -"بينما يحاكم في القضاء المصري مئات من المنتمين إلى حزب الإخوان المسلمين بتهمة التخابر مع إيران والتعاون معها!"-

سواء بداعي الابتزاز أو بداعي ضبابية الرؤيا، متجاهلاً أن الإضرار بسوريا عبر التاريخ أشد خطورة على مصر مما يجري في جنوبها (سد النهضة الأثيوبي)، فلا يمكن دخول مصر براً إلا من بوابة سوريا وهذه من مسلمات الجغرافيا الطبيعية والسياسية.

ثم أن يخرج لوسائل الإعلام المصرية قبل أيام قرار من السيسي بترميم أضرحة وقبور آل البيت، ويطل علينا اليوم ملك الأردن الهاشمي بدعوته إلى التسوية مع المجرم بشار الأسد الحاكم - بالوكالة عن خمسة جيوش أجنبية- في دمشق، فهذا ما صار يستوجب فصل الدين عن الدولة، والهرطقة عن السياسة، كما يراه الرأي العام العربي!

حين يطل علينا اليوم ملك الأردن الهاشمي بدعوته إلى التسوية مع المجرم بشار الأسد الحاكم - بالوكالة عن خمسة جيوش أجنبية- في دمشق، فهذا ما صار يستوجب فصل الدين عن الدولة، والهرطقة عن السياسة!

وإن كان من حق دول الحزام حول سوريا التفكير بواقعية مفرطة والاستجابة للمخاطر الجمة التي تصدرها الحالة السورية، إلا أنه يجب أن نذكر أن الأردن كان شريكا رئيسا في اتفاق التسوية والمصالحات الذي جرى تحت ألسنة لهب الميليشيات الإيرانية براً والطيران الروسي جواً في الجنوب السوري، والذي بموجبه نالت إيران امتياز السيطرة على المعابر التي يتدفق منها الإرهابيون والسلاح والمتنفس الاقتصادي وشحنات المخدرات إلى الدول العربية!

كما تعيدنا الذاكرة إلى مشاهد قصف المدن السورية بالذخائر المصرية والذي كثيراً ما تداولته وسائل الإعلام سابقا، لنسأل ما إذا السياسة المصرية تعي مخاطر وأد الشعب السوري بأكمله ودفن مستقبله في بؤر الميليشيات الطائفية المختلفة؟!.

تعيدنا الذاكرة إلى مشاهد قصف المدن السورية بالذخائر المصرية والذي كثيراً ما تداولته وسائل الإعلام سابقا، لنسأل ما إذا كانت السياسة المصرية تعي مخاطر وأد الشعب السوري بأكمله ودفن مستقبله في بؤر الميليشيات الطائفية المختلفة

ستظل سوريا وقضيتها صفعة مدوية للضمير العربي الميت في السياسة العربية التي مازالت مصبوغة بممالئة القتلة والحكام غير الشرعيين، وستظل سورية محطة استنزاف لقدرات الدول والشعوب العربية، ما لم تخرج الدول العربية الفاعلة برؤية استراتيجية لاستئصال المرض العضال وليس استنزافه أو الظن بإمكانية إصلاحه أو تطويعه على المدى البعيد، وهذا يستوجب قليلا من التصريحات وكثيرا من العمل. 

التعليقات (2)

    HOPE

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    بعد 70سنه من بداية استقلال العرب عن المستعمرالمشروع العربي الوحيد كان اتلاف عقول الاجيال لتثبيت حكم الديكتاتوريات و ايجاد شعوب خانعه غير قادره على تغيير واقعها.ردة فعل الشارع العربي لما يحدث تظهر مدى نجاح هذه الديكتاتوريات في احداث عجز الشعوب, واذا نظرنا لمستوى العلاقه الدونيه التي ينظر بها الغرب للحكام العرب نعرف انهم مجرد احجار شطرنج لا اكثر! هذا هو المشروع العربي؟؟!

    مفيد

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    لا يمت الشيعة الى البيت النبوي الشريف بأي صلة فهم خوارج يتلطون به. المجوس تاريخهم أسود مثلهم وعلاقتهم بالصليبيين معروفة ويخدمونهم بكل ما أوتوا من قوة للقضاء على المسلين السنة بعد أن استحال عليهم القضاء على الاسلام. العرب اليوم هم """ جرب """ صعاليك عبيد عند الصليبيين. لا ننسى أن كل هذا بارادة العلي القدير لأن وعد الآخرة بدأ منذ قرن.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات