وقال المعهد في تقرير عبر موقعه الإلكتروني إن بيانات المشتريات الصادرة حديثاً تُظهر أن وكالات الأمم المتحدة أنفقت 14.9 مليون دولار العام الماضي على الإسكان والخدمات الأخرى في فندق فورسيزونز دمشق، بإجمالي إنفاق يصل إلى 70.1 مليون دولار في الفندق منذ عام 2014.
وأضاف أن ذلك يأتي رغم فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على الفندق عام 2019 بسبب دور مالكه في تمويل نظام بشار الأسد، مشيراً إلى أن منح الأمم المتحدة المستمر عقوداً للكيانات التي يسيطر عليها النظام يُظهر إلى أي مدى حوّل الديكتاتور المساعدات الإنسانية إلى مصدر دخل لحكومته التي تعاني من ضائقة مالية.
يشير التقرير الإحصائي السنوي لعام 2020 عن مشتريات الأمم المتحدة إلى أن وكالات الأمم المتحدة اشترت ما قيمته 244.5 مليون دولار من السلع والخدمات في سوريا العام الماضي ، بما في ذلك 14.9 مليون دولار أنفقت في فندق فورسيزونز دمشق.
عقود غامضة
يسرد موقع "مشتريات الأمم المتحدة" على الإنترنت جميع المورّدين الذين حصلوا على عقود بقيمة 30 ألف دولار أو أكثر. إلا أنه يخفي هوية مورّدين لـ 212 عقداً متعلقاً بسوريا بقيمة إجمالية تبلغ 44.4 مليون دولار، وبدلاً من ذكر اسم المورّد، كتب في الخانات المخصصة "تم حجبه لأسباب أمنية" أو "تم حجبه لأسباب تتعلق بالخصوصية".
بدأت مشتريات الأمم المتحدة في سوريا تحظى باهتمام كبير في عام 2016 عندما وجد تحقيق أجرته صحيفة الغارديان أن الأفراد والكيانات المقربة من الأسد تلقّوا عقوداً بقيمة عشرات الملايين من الدولارات ، بما في ذلك 9.3 مليون دولار لفورسيزونز دمشق.
وقالت الأمم المتحدة عند استجوابها إن الفندق هو المكان الأكثر أماناً لموظفي الأمم المتحدة للبقاء في العاصمة السورية التي مزقتها الحرب. لكن حتى بعد انتقال الخطوط الأمامية إلى محافظات بعيدة عن دمشق ، ظل موظفو الأمم المتحدة في فندق فورسيزونز.
ووفقاً للطبيبة وباحثة الصحة العامة آني سبارو، فقد أجبر نظام الأسد الأمم المتحدة على أن يقيم موظفوها في الفندق المملوك جزئياً لوزارة السياحة السورية.
غوتيريش في موضع الاتهام
في كتاب نُشر في وقت سابق من الحالي، يروي الدبلوماسي السابق في الأمم المتحدة كارستن فيلاند كيف بدأت الأمم المتحدة جهداً لإصلاح عمليات المساعدة في سوريا بعد أن وثقت كل من صحيفة الغارديان والعديد من منظمات حقوق الإنسان مصادرة نظام أسد الممنهجة للمساعدات الإنسانية.
وقد أدى هذا الجهد إلى قيام الأمم المتحدة بإصدار وثيقة تسمى "معايير ومبادئ مساعدة الأمم المتحدة في سوريا" وإنشاء مجموعة مراقبة مكلفة بضمان تنفيذها. ولكن تلك المجموعة لم تلتئم ولو لمرة واحدة، وهو ما ينسبه ويلاند إلى إحجام الأمين العام أنطونيو غوتيريش عن استعداء رعاة الأسد الروس أو وكالات الأمم المتحدة الميدانية المستاءة من التعرض للانتقاد.
نظراً لأن التبرعات من الولايات المتحدة وحلفائها هي المصدر الرئيسي لتمويل مساعدات الأمم المتحدة، فإن الأسد يدعم بشكل فعال موارده المالية بدولارات دافعي الضرائب الأمريكية والأوروبية. علاوة على ذلك، فإن هذا التحويل للمساعدات يقوّض فعالية العقوبات الأمريكية والأوروبية التي تهدف إلى الحد من قدرة نظام أسد على تمويل مجهوده الحربي، والذي ينطوي على فظائع متعمدة ضد المدنيين.
وطالب تقرير المعهد وزير الخارجية وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة بالضغط على غوتيريش لعقد اجتماع مجموعة المراقبة المعطّلة، وتوجيه جميع وكالات الأمم المتحدة لضمان أن عملياتها في سوريا تتوافق مع وثيقة المعايير الجديدة.
ودعا التقرير إلى إنشاء اتحاد من كبار المانحين للأمم المتحدة للضغط بشكل مشترك من أجل إصلاح مساعدات الأمم المتحدة لسوريا، وأن تتضمن التغييرات قدراً أكبر من الشفافية حول مستلمي العقود وعدم حجب أسمائهم لأسباب مزعومة تتعلق بالخصوصية أو الأمان. كما حث الكونجرس على النظر في جعل الدعم المالي الأمريكي لتلك المساعدة مشروطاً بإصلاحات الأمم المتحدة السريعة.
التعليقات (5)