رحيل الروائي اللبناني جبور الدويهي: ابن طرابلس الذي كره نظام الأسد وتفهم أسباب الجهاد!

رحيل الروائي اللبناني جبور الدويهي: ابن طرابلس الذي كره نظام الأسد وتفهم أسباب الجهاد!
في حوار متلفز بثه تلفزيون أورينت معه عام 2016 ضمن برنامج (أنا من هناك) الذي كانت تعده ديما ونوس، قال الروائي اللبناني جبور الدويهي موضحاً علاقة الكتابة في سياسته في تجربته الأبدية، فقال: 

 "أنا الحقيقة يوم تخففت من السياسة بدأت أكتب. كانت معادلة معاكسة طرداً. لكن بالنسبة للحياة اللبنانية ونزاعاتها أنا أعتبر نفسي خلقان فيها. أنا وعيت ببلدي كان فيها حرب أهلية سنة 1957- 1958 وكتبت عن هالشي رواية اسمها "مطر حزيران" هي بداية كل شيء. بعدها جاءت مراحل قصيرة من الاستقرار ثم اشتعلت مجددا.. فأنا عايش فيها. السياسة والتغيير والانخراط والالتزام، هو شيء ضروري ومررت به، لكن بعد ذلك الكتابة طغت على هالشي". 

في الحوار ذاته تساءل جبور الدويهي: "لماذا نحن محكومون بالطائفية السياسية" وأكد أن  السوريين لن يكتبوا عن الصراع العربي الإسرائيلي، وبين أيديهم صراعات أهم". في إشارة إلى معركتهم المريرة مع نظام أسد، المدعوم دوليا رغم كل جرائمه. 

جبور الدويهي، الذي توفي مساء أمس الجمعة، عن عمر ناهز 72 عاماً، بعد صراع مع المرض، والمولود في بلدة (زغرتا) بالشمال اللبناني عام 1949 بلدة الرئيس رينيه معوض الذي اغتالته مخابرات حافظ الأسد بعد 17 يوماً من انتخابه رئيساً للبنان عام 1989 ولهذا غرّد رئيس حركة الاستقلال ميشال معوّض عبر “تويتر” قائلاً في نعي الدويهي: “حبر زغرتا والرواية اللبنانية جفّ ونبض القلم همد برحيل الصديق والمفكر والكاتب جبور الدويهي الذي أرّخ لأمكنة ومراحل لبنانية بحبكة رواياته. خسرنا في زغرتا الزاوية كما لبنان والعالم العربي قامة أدبية كبيرة تركت أثرها العميق في المشهد الثقافي والفكري من خلال إبداعاتها التي تبقى شاهدة على عظمة الفكر. صديقي جبور، سأفتقد آراءك السديدة ونصائحك الصائبة والمحبة، ومواكبتك الدائمة في كل المراحل. نعزي أنفسنا وأسرة الراحل الكبير ومحبيه في لبنان وكل مكان”.

ابن الشمال وروائي الحياة اللبنانية

ونعى عدد من أهل الأدب الراحل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، من بينهم الروائي والناقد والكاتب المسرحي اللبناني إلياس خوري، الذي كتب أن الدويهي "يعانق أمطاره الداخلية ويمضي، تاركاً إرثاً أدبياً ونضالياً كبيراً"، فيما وصفه الناقد عقل العويط في حديثه لوكالة فرانس برس بـ "روائي الحياة اللبنانية".

الروائي والناقد اللبناني إلياس خوري كتب عنه: "يعانق أمطاره الداخلية ويمضي، تاركاً إرثاً أدبياً ونضالياً كبيراً"، فيما وصفه الناقد عقل العويط بـ "روائي الحياة اللبنانية".

أديب وأستاذ جامعي وحاصد جوائز 

وكان الدويهي الذي يكتب بالعربية والفرنسية، يحمل إجازة في الأدب الفرنسي من كلية التربية في بيروت، ودكتوراه في الأدب المقارن من جامعة باريس الثالثة (السوربون الجديدة). قد عمل أستاذا للأدب الفرنسي في الجامعة اللبنانية، كما مارس نشاطه كناقد أدبي في مجلة "لوريان لكسبرس" الصادرة بالفرنسية، وفي ملحق صحيفة "لوريان لوجور" الأدبي.

ونال عدداً من الجوائز الأدبية المرموقة، من بينها جائزة سعيد عقل 2015 عن روايته "حيّ الأميركان"، وجائزة الأدب العربي عام 2013 عن روايته "شريد المنازل"، التي رُشحت أيضاً ضمن "القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية" عام 2012.

كذلك وصلت "مطر حزيران" (2006) التي تُرجمت إلى الفرنسية والإيطالية والألمانية والإنجليزية، إلى القائمة القصيرة للجائزة نفسها عام 2008، واختيرت ضمن اللائحة القصيرة لجائزة "بوكر" للرواية العربية.

وحاز على جائزة "سانت إكزوبيري" الفرنسية لأدب الشباب عن روايته "روح الغابة"، التي صدرت بالفرنسية عام 2001. كذلك حصلت "اعتدال الخريف" (1995) على جائزة أفضل عمل مترجم من جامعة أركنسو في الولايات المتحدة. ومن مؤلفاته الأخرى "ريّا النهر" (1998)، و"عين ورده" (2002) و"طبع في بيروت" عن "دار الساقي" (2016). 

حي الأمريكان وإرهاب المخابرات

آخر روايات جبور الدويهي، صدرت في حزيران / يونيو الماضي عن دار الساقي تحت عنوان: "سم في الهواء" وهي تنطلق من نصيحة سمعها الراوي من والدته: "اسكن في قلب أسد، ولا تسكن في قلب إنسان". ومع رحيل الوالدة، تتحوّل حياة الراوي إلى مسار تراجيدي يجد نفسه مستسلمًا له، فيما يخطف القدر أصدقاءه واحدًا تلو الآخر.

كتب جبور الدويهي عن لبنان الممزق، وعن طرابلس المضطهدة التي جاء منها، ومن نسبه الطرابلسي، أدرك جرائم حافظ الأسد باكرا، وعقم إصلاح نظام الأسد الابن لاحقا.. كانت روايته (حي الأمريكان) التي تدور أحداثها في حي الأمريكان الفقير بمدينة طرابلس، وما يفجره من صراعات، وعن سيطرة التيار الإسلامي على الأحياء السنية الفقيرة في طرابلس

كتب جبور الدويهي عن لبنان الممزق، وعن طرابلس المضطهدة التي جاء منها، ومن نسبه الطرابلسي، أدرك جرائم حافظ الأسد باكرا، وعقم إصلاح نظام الأسد الابن لاحقا.

 إذ تصور الرواية التي لا تزيد عدد صفحاتها على (160) صفحة،  الحياة الاجتماعية الصعبة لأبناء الحي وخصوصاً عائلة "بلال محسن" وعلاقتهم بـ "آل العزام" الأثرياء. ويحاول الكاتب معالجة الوضع العربي المتردي إثر  حرب العراقي، جراء العمى الأيديولوجي الذي ساهم أيضاً بوجود تربة خصبة للتطرف الديني والمذهبي على حساب الوعي الاجتماعي الوطني.

كانت هذه الرواية بشكل من الأشكال محاولة حقيقية للغوص في مسألتي الفقر والإرهاب المخابراتي الحكومي المنظم الذي يصنع الظاهرة الجهادية، ولهذا انحاز للثورات العربية، واعتبر أن إرهاب المخابرات أبشع ألف مرة من إرهاب الأصولية الإسلامية، بل قال في حواره مع تلفزيون أورينت: 

"أنا أتفهم أسباب الجهاد لكن لا أتفهم سلوكه اللاحق، لا أتفهم لماذا كي تعبر عن قضيتك عليك أن تذهب إلى محل على  "بوسطة" لتفجر نفسك بأناس لا تعرفهم"! 

التعليقات (1)

    حسام حسن

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    التعليق بذيء ومخالف لقواعد النشر
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات