العرب والكرد الشراكة التاريخية الإنسانية والعائق السياسي!

العرب والكرد الشراكة التاريخية الإنسانية والعائق السياسي!
فكرة الانتصار مع الآخرين أو تحقيق الانتصار الثقافي بواسطة تحقيق الانتصار الديمقراطي فكرة عبقرية بالكامل، لكونها تخرق النمط السائد في الشرق وتأتي تفاعلاً وانسجاماً مع الشرط الموضوعي الذي لا يمكن القفز فوقه بحال من الأحوال، فلا بد إذاً من التحايل عليه بتغيير نمط التفكير والحركة .

هي فكرة خلاّقة في جدتها ولا نمطيتها -إذا جاز التعبير- لأنها تنتصر على الذات المضطهدة صاحبة المظلومية وتسعف نفسها بالآخرين تستعين بهم وتعمل معهم لتحقيق الديمقراطية أولاً للوصول إلى هدف ثقافي هووي أو هوياتي ألا وهو تحقيق الذات الجمعية القومية أو الوطنية عبر الحصول على حقوق ثقافية (حق ممارسة اللغة التراث الفولكلور) علناً دون خوف أو قيود ...الخ، وبالتالي لاحقاً الاعتراف بهوية جماعة لم تحظَ باعتراف رسمي دولي لوقت طويل، وكانت مهمشة من قبل الثقافات الإقليمية أو العالمية.

الانفتاح أولاً الخروج من القوقعة أو الشرنقة، القفز من داخل شرنقة الهوية إلى خارجها دون التخلي عنها طبعاً. المرونة والتفاعل مع الآخرين بما في ذلك ترك نزعة التعصب والانغلاق والتشاوف على الآخرين أو إظهار التفوق والتميّز عنهم، عداوة الآخرين أو الشعور بالكراهية تجاههم، كلها أشياء ضرورية لتحقيق هذا الهدف الأول أي الديمقراطية.

 القفز من داخل شرنقة الهوية إلى خارجها دون التخلي عنها طبعاً. المرونة والتفاعل مع الآخرين بما في ذلك ترك نزعة التعصب والانغلاق والتشاوف على الآخرين أو إظهار التفوق والتميّز عنهم، كلها أشياء ضرورية لتحقيق الديمقراطية.

هذا يعني أيضاً التخلي عن الذاتوية الفردية للفرد العامل إضافة لتخفيف النزعة الهوية. والمفارقة هي هنا : التخلي عن إظهار الهوية الجمعية لتحقيقها في النهاية بشكل ثقافي إنساني وليس بشكل قومي سياسي، فالسياسة ليست سوى إطار عام تتحقق داخله المطالب الحيوية للبشر، بما فيها مطالب الحاجات النفسية الفردية والجمعية والحاجات العضوية.

فما يهمنا هو تحقيق الجوهري (الحضور الحر المطمئن للذات الجمعية  وليس الشكلي (السياسة شكلاً كممارسة، أو مضموناً كعقيدة أو إيديولوجيا)، لكن فكرة التخلي لا تتحقق إلا برياضة تطويع النفس الصابية أو بقمع ذاتي للنفسية المتعالية، لكن قبل الوصول إلى التخلي لا بد من المرور بمرحلة التساؤل. 

ثانياً.. المشكلة في العلاقة بين شعبين هم مثقفوهما وأحزابهما أو الطبقة العليا التي تُظهر وتنفخ في التصورات السلبية عن الآخرين وهي طبقة لأنها منفصلة عن شعبها وعن أي شعب آخر فهي تسيء فهم الذات- الشعب وفهم الآخر- شعب آخر . لو ترك القرار السياسي أو الاجتماعي للشعوب لما وجدنا أي مشكلة حقيقة بينها، فالشعوب تبني علاقات متوازنة قائمة على المصالح على التبادل التعايش التجاور دون أي إشكال حقيقي . حتى إنها تتداخل عبر الزواج والتفاعل الاجتماعي وتأخذ جزءاً من عادات أو مظاهر بعضها البعض ( تحولت بعض العشائر العربية إلى الكردية وبعضها تعود بنسبها إلى آل البيت. وكذلك مشاركة كثير من العرب في أحد الأحزاب الكردية الأممية ) كل الإشكالات التي توجد في إطار هذه العلاقات هي ذاتها إشكالات الحياة التي يجري حلها بطريقة مرنة وبأقل الخسائر إلا إذا تدخلت فيها طبقة السياسيين أو المثقفين المسيّسين بحيث يتم النفخ في أي مشكلة عادية لتصبح أزمة كبرى.

ثالثاً " مادمت أعيش في مكان ما فإن علي أن أكون وفياً للتراب الذي أعيش عليه، أي اعتداء على جيراني هو اعتداء علي" . من رواية "جمهورية الكلب" للروائي والسياسي الكردي السوري إبراهيم اليوسف.

 المشكلة في العلاقة بين العرب والكرد هم مثقفوهما وأحزابهما أو الطبقة العليا التي تُظهر وتنفخ في التصورات السلبية عن الآخرين وهي طبقة لأنها منفصلة عن شعبها وعن أي شعب آخر فهي تسيء فهم الذات- الشعب وفهم الآخر- شعب آخر .

قمت أسوة بكاتب صديق من حوران تقدم للحصول على عضوية اتحاد الكتاب الكرد، بالطلب من صديقي الروائي الكردي المعروف للحصول على عضوية اتحاد الكتاب الكرد. دون أن أسأل عن شروط عضوية الاتحاد . جرى ذلك بشكل عفوي وبحماسة دافعها المحبة لأن أكون وسط مجموعة مثقفة ذات قضية، شجعني على ذلك أيضاً ترحيب ومساعدة أخوية من صديقي الروائي الكردي حتى قبل أن نلتقي فيزيائياً.

فكيف لا يكون العربي كردياً أمام هكذا شخصية هائلة الود والإخاء والتفهم؟ كيف لا يكون العربي كردياً مع من هو عربي مثله بمعنى ما (المعنى الثقافي على الأقل) وإنساني أكثر منه في نواحٍ عديدة؟ 

أجل نحن شعبان متشابهان في نواحٍ عديدة يجمعنا الشرق أخلاقاً وأدياناً وقيماً قبل أن تجمعنا الجغرافيا والتاريخ الشقيّان...

نحن شعبان متشابهان في نواحٍ عديدة يجمعنا الشرق أخلاقاً وأدياناً وقيماً قبل أن تجمعنا الجغرافيا والتاريخ الشقيّان 

 مختلفان في اللغة والتوتر فحسب . واختلاف اللغات أمر حيوي وطبيعي من سنن المجتمعات والجغرافيا، أما التوتر الذي يلم بشخصية الكردي فمرتبط بتاريخه القلق عبر الإمبراطوريات التي عبرت جباله، وهو توتر في العصر الحديث سببه الأول منعه أو امتناع تشكيل دولة يحلم بها.

نحن شعبان متشابهان في أشياء كثيرة إنما بيننا فروقات قليلة، لكن الإيديولوجيات السياسية وضعت على قلوبنا وأعيننا طماشات فبتنا لا نرى سوى السواد.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات