وأقول لكم أيها النبلاء بعد إرسال المحبة والشوق: لا عليكم، حسبنا أنهم مشغولون بي.
ويا أحبائي ويا من غدوتم زملاء بعد سبع سنين من الرحيل عنكم، شتّامونا جمهور من التحوت على عدة أنواع:
أولاً : نوع يعاني بسببنا من عقدة الخصاء. صحيح بأن عقدة الخصاء عقدة أنثوية أمام الذكر، لكنها تقال على كل من يعاني الشعور بالنقص. وأغلب من يعاني عقدة الخصاء بسببنا هم أولئك الذين يضعون الدال قبل أسمائهم بغض النظر عن مواقفهم السياسية.
ثانياً: هناك نفر من الكويتبيين الذين لديهم شهوة الحضور ولا يملكون الموهبة التي تحقق لهم هذه الشهوة، فيظنون بأن التطاول على من هو حاضر في حياة الناس الفكرية قد يجلب لهم حضوراً ما، وبخاصة أنهم يطمعون برد عليهم، لأنه على يقين بأنا إذا ما ذكرناهم سيصيبهم حظ من الحضور. ونحن طبعاً لا نمنحهم هذا الشرف.
ثالثاً: من أساليب الجماعة الحاكمة أن توظف في صفحات الفيسبوك أشخاصاً يتخذون موقفاً راديكالياً مع الثورة، ويُظهرون تطرفاً في مناهضة النظام، ويخلقون لدى المتلقين اعترافاً بهم، وفي مرحلة ثانية وبعد أن تجري عملية الثقة بهم، ينبرون للنيل من الأقلام التي انتمت إلى الثورة. وهم ليسوا أكثر من صندوق نفايات.
رابعاً: أما النوع الرابع فهو الصادق في موقفه المؤيد للنظام، وهو يعلن عداءه لنا دون تحفظ أو تقية، وهؤلاء أسماؤهم معروفة.
خامساً: هناك نوع كان يُظهر لنا الود أملاً بنيل الاعتراف منا به، ولكننا لا نملك صكوك اعتراف كي نمنحها لأحد، فالفلسفة كالشعر تحتاج إلى موهبة. وكان يحس باستصغارنا له ظناً بأن سلوكناً تكبر. فراح يناصبنا العداء عن بعد وحين توافرت له وسيلة الفيسبوك وفرت له هذه الوسيلة الشجاعة التي كان يفتقدها أمامنا.
سادساً: وأخيراً فإن جمهوراً من المتعصبين الدينيين لا يطيقون فلسفتنا وعلمانيتنا وعلميتنا، فلا يدخلون معنا بنقاش أو حوار، بل يتوسلون لغة السوقة في مهاجمتنا.
أما لماذا لا نرد على هذه الأصناف حتى ولو أطلعنا الأصدقاء على مهارشاتهم فهذا لأن أنانا أعلى من أن ينحدر إلى الأدنى. فهل يستوي الأعلون والأدنون؟ وقلمنا أسمى من أن يدخل في شجار أو مهارشة. فهل يليق بنا أن نجعل منهم أنداداً؟
فالشعر والفلسفة يملآن الذات بالحب، ويقللان من هيجان النفس الغضبى. وفرحي بطلابنا الذين صاروا زملاء يشقون طريقهم في عالم الإبداع لا يوازيه فرح.
وحبي لأصدقائي الحقيقيين والافتراضيين ومتابعيّ يملؤون روحي بهجة. ونقادي بأدبهم الجم يمنحونني سناءات جديدة للتفكير. والمقالات التي تتناول مؤلفاتنا بالعرض والتحليل تغنيني بما لم يخطر على بال.
والفيسبوك بالنسبة لي، كما ترون، ليس سوى منصة أطل بأفكاري منها على القراء. فليست صفحاتي سوى جريدتي الفكرية الفلسفية الشعرية. ويندر جداً أن أكتب فيها عن حياتي اليومية، إلا حين يقتلني الحنين لحفيداتي وحفيدي فأضع صورة لأحداهن أو له لأشعر بالفرح.
في قصيدة "أنا" التي افتتحت بها ديواني قلتُ:
أيها الضيوف الثقلاء على الحياة،
أيها المتطفلون اﻷدنياء على الموت،
ايها المعتدون الجبناء على المتعة،
أيها النائمون السعداء في الكهوف المعتمة
من أجسادكم تفوح رائحة العفن
والدود الشره -صديقكم الحميم- يعبث بجماجمكم.
أيها المارون بجوار الحياة،
أيها السائرون على خُطا الأموات،
أيها الخائفون من النسائم العليلة،
أيتها اﻷغنام اﻷليفة- الحقودة
عيونكم أعجز من أن تراني.
يا من تغلقون قلوبكم رعبا من العشق،
وتغلقون عيونكم هربا من الحسن،
وتغلقون أكفكم رهبة من العطاء،
وتغلقون عقولكم رعبا من النور،
وتغلقون أرواحكم أمانا من الحرية
ما أنتم إﻻ العدم وقد سرت فيه أرواح اﻷرانب.
أما بعد..
فنحن لا ننكر بأننا نسكن برجاً عاجياً مع عدد من سكان الأبراج الكثيرين مثلي ومثلكم يا أحبائي، فمن شاء أن يصعد إلينا فعلى الرحب والسعة، أما نحن فلن ننزل إلى الأسفل أبداً.
التعليقات (4)