هل كان إيلي كوهين مستشارا لوزير الدفاع؟ وهل كان وزير الدفاع هو حافظ الأسد؟

هل كان إيلي كوهين مستشارا لوزير الدفاع؟ وهل كان وزير الدفاع هو حافظ الأسد؟
نشر موقع أورينت نت مقالاً للدكتور علي الحافظ بعنوان (أمين الحافظ وإيلي كوهين: حمّى بحث الروس عن رفات كوهين) وقد أورد فيه معلومات تقول إن الرئيس أمين الحافظ "قام بترقيته في السلم الوظيفي عندما أصبح رئيساً لسوريا، حيث أصبح في البداية مستشاراً له، ومن ثم ضابطاً في جهاز الأمن برتبة عقيد.. مضيفا أنه: "كان إيلي كوهين مُقنعاً جداً لدرجة أنه أربك الجميع، وكاد أن يصبح رئيساً لسوريا؛ فقد عُدّ المرشح الثالث لهذا المنصب!"

وقد نشر موقع أورينت نت هامشاً أسفل المقال، يتحفظ فيه على هذه المعلومات بالقول: 

" تتحفظ (أورينت نت) على بعض المعلومات التي يوردها د. علي الحافظ في هذا المقال، لجهة منح إيلي كوهين رتبة عقيد في جهاز الأمن الخاص بالرئيس أمين الحافظ، وكونه "المرشح الثالث لرئاسة سوريا"! هذه معلومات عارية عن الصحة ونفتها المصادر الإسرائيلية، لأن الموساد - حينها - كان يطلع من خلال كوهين على حالة الانقسام والتناحر المشحون التي كانت تعيشها أجنحة البعث بعد الوصول إلى السلطة، وكانت تحذر كوهين من أن ينتمي لأي محور، وأن يبقى صديقا للجميع، كما رفضت أن يقبل عضوية قيادة حزب البعث وإن حضر أحد مؤتمرات البعث بصفته صديقاً، وكان رأي الموساد أنه لا يُعرف غداً من سينقلب على من، ومن سيَسجن من؟! وهي حقيقة أكدتها الأحداث التي وقعت بعد ذلك.. حين أُطيح بالرئيس أمين الحافظ في انقلاب عسكري، ثم أُعدم سليم حاطوم وبدر جمعة، واعتُقل اللواء أحمد السويداني الذي قبض على كوهين، واستمرت الانقسامات ومحاولات الانقلابات حتى وصول حافظ الأسد إلى السلطة في انقلاب عسكري أيضا". 

رد الدكتور علي حافظ: لا يمكن إلا أن يكون ضابطا في المخابرات!

ونعقيبا على هذا التحفظ والهامش أعلاه،  أرسل الدكتور علي الحافظ رداً على هامش أورينت يقول فيه:

" لا يمكن لشخص - سائح أو رجل أعمال أو حتى دبلوماسي - أن يصل في سوريا ذلك الوقت إلى مرتفعات الجولان بكلّ سهولة، أو يقود مقاتلة من طراز ميغ 21 الروسية التي وصلت حديثاً، أو يحضر اجتماعات حكومية على أعلى مستوى، أو يقيم حفلات صاخبة يحضرها الرئيس وكبار المسؤولين والضباط في الدولة، إذا لم يكن ضابط مخابرات رفيعاً أو على ارتباط وثيق مع أجهزتها.

هناك الكثير من المواد والأبحاث والمقالات المنشورة بلغات أجنبية تتحدث عن تدرج كوهين ضمن صفوف الجيش وقوات الأمن السورية في ذلك الوقت، حتى إن بعضها رشّحه ليكون وزير دفاع. ورغم أن الكاتب غير مجبر بالكشف عن مصادره، إلا أنني سأرفق هنا بعض المقاطع المترجمة، كنماذج لتلك المواد:

مقال بعنوان: "جيمس بوند من الشرق" نشر في موقع "Лента.Ру" الروسي (7 سبتمبر 2019) ويقول: "حصل كوهين على ثقة النخبة السورية، في أقصر وقت ممكن، وأصبح مستشاراً لوزير الدفاع. لكن العرب الآن ينكرون هذه الحقيقة. يبدو أن السوريين لم يتخيلوا حتى أن المقرب من الرئيس، عقيد قوات الأمن في البلاد والمفضل لدى الجميع، كان في الواقع يهودياً صهيونياً، مستعداً لفعل أي شيء لهزيمة العرب!".

المادة موجودة على الرابط الآتي باللغة الروسية: https://lenta.ru/articles/2019/09/07/cohen/

مقال بعنوان: "إيلي كوهين من جاسوس رئيسي إلى شهيد" بقلم روبرت شليكويتز نشر في موقع "haGalil.com" الإسرائيلي الذي ينشر باللغة الألمانية (18 مايو 2016) ويقول: "كما استمرت شائعة لفترة طويلة، تفيد بأن كوهين كان من المفترض أن يتولى منصب نائب وزير الدفاع؛ وهي شائعة رفضها الجانب السوري منذ ذلك الحين، تماماً كما نأى حافظ بنفسه بوضوح عن إيلي كوهين في عام 2001.

المادة موجودة على الرابط الآتي باللغة الألمانية:https://www.hagalil.com/2016/05/eli-cohen/

مقابلة مع شقيق إيلي كوهين "ألبرت أبراهام كوهين" يقول فيها: "إن العميل الإسرائيلي لديه فرصة جيدة لتعيينه نائباً لوزير الدفاع السوري. ويقال أيضاً إنه كان أحد المرشحين المحتملين لمنصب الرئيس".

المقابلة موجودة على الرابط الآتي باللغة الألمانية:https://project38956.tilda.ws/page2874080.html

علي حافظ 15/7/2021

التعقيب على الرد: هل كان كوهين بحاجة لمنصب رسمي؟

إن رد الدكتور علي الحافظ لا يقدم أي إثبات أن كوهين قد تقلد أي منصب رسمي في سورية، فعظم ما أورده كان يعتمد على كلمات مثل "هناك شائعة تفيد..." و "يقال إن".... وهذه ليست لغة توثيق، حتى لو كانت منشورة في مواقع أجنبية، لأنها لا تقدم أي وثيقة تؤكد هذا الكلام. الذي يبدو من سياق صياغته أنها جزء من حالة التضخيم لكوهين لا أكثر. 

النقطة الأهم أن كوهين لم يقدم نفسه على أن لديه أي خبرات عسكرية، بل رجل أعمال سوري مغترب في الأرجنتين عاد إلى وطنه لأنه يحنّ إلى بلده. فكيف يمكن أن يغدو مستشارا لوزير الدفاع أو نائبا له، دون أن يحمل أي اختصاص أو خبرة عسكرية... في وقت كانت كل النخبة البعثية الحاكمة هي من العسكر ذوي الرتب، بمن فيهم رئيس الجمهورية نفسه! 

إن ما ذكره الدكتور علي من محطات اختراق إيلي كوهين المتقدمة، هي جزء من طبيعة عمله كعميل استخبارات.. فما قيمة عمل استخباراتي  كهذا إن لم يكن التقرب من القيادة ومعرفة أسرارها، ودخول المطارات، والوصول إلى جبهة الجولان على رأس أولوياته؟ 

لقد استخدم كوهين صداقته مع معزى زهر الدين والعديد من الضباط الذين كانوا يسهرون معه في بيته المقابل لمقر الأركان في أبي رمانة، واستخدم بذخ رجال الأعمال، والمزاودة الشعاراتية في الحنين للوطن كي يوثق علاقته بالقيادة السورية في تلك الفترة، ولعل أصدق تعبير عن نجاحه في تحقيق مهمته دون أن يكون موظفا أو مرتبطا رسميا بالمؤسسة العسكرية الأمينة، ما كتبه شيموئيل شيغيف في كتابه المرجعي الهام عن كوهين (وحيدا في دمشق) حيث يقول:

" إيلي كان ضحية لنجاحه، وإن قدرته على اختراق المراتب العليا في القيادة السورية بشكل متقن لدرجة أن اعتقد معها هؤلاء أنه ينتمي إلى المؤسسة السورية الحاكمة، هذه القدرة وثقة القادة به، خففت من حدة يقظته، ويقظة قادته المسؤولين عنه".

إذا يؤكد شيغف أن نجاح كوهين جعل الناس يظنون أنه ينتمي إلى المؤسسة السورية الحاكمة، وهو قول يؤكد تماما أنه لم يكن منتمياً لتلك المؤسسة أصلا.. ولعل معرفة الواقع السوري في تلك الفترة تؤكد ذلك.. فلو كان ذا رتبة لحُسب على محور دون آخر، ولما تمكن من إقامة علاقات صداقة مع الجميع.. لا ننسى في تلك الفترة أن الصراعات كانت على أشدها حتى بين النخبة العسكرية العلوية (الصراع بين صلاح جديد ومحمد عمران).. ناهيك عن الصراعات التي تفجرت فيما بعد مع الرئيس أمين الحافظ والقيادة القومية. 

ويوضح شيغف أنه رغم توثق علاقاته بكبار قيادات البعث وضباطه، كانت تعليمات الموساد لكوهين واضحة: " عليك ألا تنضم إلى حزب البعث كي لا تطالك التصفيات حينما يُهزم التيار الذي تنتمي إليه. كما أمروه بألا يتنازل عن جواز سفره الأرجنتيني كي يضمن حرية مغادرة البلاد وقتما يشاء"، وحين حضر كوهين وقائع المؤتمر السادس لحزب البعث دُعي للحضور بواسطة جورج سيف ومحمد حمزة، ممن التقوا به حين كان في الأرجنتين وتوطدت علاقتهم به، وقد دُعي بصفته رجلَ أعمال مغترب حريص على مقاومة المؤامرة على بلده، في مؤتمر حضره ممثلون عن لبنان والعراق والأردن أيضا. 

النقطة الأخيرة والأهم التي تُبنى عليها شائعة أن كوهين كان مستشارا لوزير الدفاع، هي فرضية أن وزير الدفاع في تلك الفترة كان حافظ الأسد.. لكن الحقيقة أن حافظ الأسد لم يكن وزير دفاع حينها بل قائد سلاح الطيران فقط، وقد عُيّن الأسد وزيرا للدفاع لأول مرة في حكومة يوسف زعين التي أعقبت انقلاب صلاح جديد على الرئيس أمين الحافظ في 23 شباط 1966، أي في الوقت الذي كان قد مضى على إعدام إيلي كوهين تسعة أشهر.. أما فرضية أنه كان المرشح الثالث لرئاسة الجمهورية، فهي فرضية خاطئة تماما.. فلم تكن بعد انقلاب البعث، هناك ترشيحات للرئاسة ولا مرشحون.. بل أشخاص مُعيّنون تختارهم القيادة العسكرية من أعضاء القيادة القطرية أو القومية في حزب البعث، الذي لم يكن كوهين عضواً فيه على الإطلاق. 

التعليقات (4)

    خالد محمد

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    نقد علمي جميل

    ابراهيم

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    يعني لو صار رئيس لسوريا شو كان راح يختلف عن حافظ ويمكن كان ارحم لان ماعنده ولد متل البهيم يلي ورث البهيم .

    تم استبدال كوهين بالبهرزي

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    خدام او خا ادام يهودي الاصل واسرة الغوول ومخلوف او ماك لوف معناها باليهودي الاسد وهم شراكس يهود اشكيناز بينما كوهين هو يهودي يوناني الياس كانو في مصر وكل اسرته جواسيس وتم بيعه من قبلهم وطلبوا من الروس ابعاده ،بينما المخابرات السورية غطت عليه وعلى البهرزي واخفت اصولهم اليهودية المسيحية لذا تجد اغلبهم في قبرص مسيحيين

    أعلامي سوري کوردي في برلین

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    موضوع ومقال مفید .. تعلیق «تم استبدال كوهين بالبهرزي» غیر مؤکد .. المثبت هنا: نظام حکم سوریا منذ 1966/69 للیوم (خدام منه) عسکري عصابي ماسوني مکیافیلي تابع ل یهود عالم (بریطانیا) .. للأسف المعارضة الأخوانیة مثله أیضاً .. کلاهما یدعون العروبیة .. !؟!
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات