قصة مثيرة لدار المسنين الأولى في الشمال السوري: عجوز تستعطف المارة أشعلت الفكرة واجتذبت المتطوعات! (صور)

قصة مثيرة لدار المسنين الأولى في الشمال السوري: عجوز تستعطف المارة أشعلت الفكرة واجتذبت المتطوعات! (صور)
تتجلى روح الإنسانية عند الشباب السوري مابين الحين والآخر، وتطالعنا أمثلة مختلفة تعبّر عن تلك الروح، التي تهدف إلى خلق حالة تكافل اجتماعي تترك بصمتها الإيجابية على حياة السوريين، للتخفيف من وطأة النزوح والتهجير والشتات المُر.. 

ولما كانت فئة المسنين هي الفئة الأكثر تأثراً بقسوة النزوح والتهجير، فإن العمل على تأسيس دار تجمع من تقطعت بهم السبل منهم، كانت إحدى المبادرات المهمة التي لفتت الأنظار ودعتنا للتعريف بها في هذا التحقيق.  

مبادرة السيدة يسرى

باتت (دار البشير لرعاية المسنين) في مدينة معرة مصرين شمال إدلب، مصدر فخر لأبناء المدينة كونها الأولى من نوعها على مستوى الشمال المحرر عامةً.. وقد بنيت هذه المبادرة على فكرة خلاقة لسيدة مهجرة من مدينة حلب هي (يسرى صبرة) التي تحدثت لأورينت نت عن مبادرتها قائلة:

 "جاءت فكرة إنشاء الدار عند مشاهدتي إحدى المسنّات تستعطف المارة في طرقات إدلب للحصول على الطعام، فكان المشهد مؤثراً إلى أبعد الحدود، فعزمت أن أقدّم المساعدة لها ولأمثالها عبر افتتاح دار خاصة بالمسنات تقدم لهن الرعاية الصحية والاهتمام المطلوب ". وأضافت ( صبرة ): "افتتحنا الدار بتاريخ 1/3/2021 وتضم حالياً سبع نزيلات من محافظات مختلفة، ويعتني بهن كادر مؤلف من 13 متطوعة على مدار الساعة، وتشمل الخدمات التمريض والدعم النفسي والحركي والطبابة والحاجات اليومية من طعام وشراب بشكل مجاني،  حتى تشعر الأم أنها في منزلها وضمن أسرتها".

 وحول المعايير الموضوعة لقبول النزيلة في الدار أوضحت السيدة (يسرى صبرة) قائلة:

 "نقبل كل أم أو مسنّة في الدار من أي مكان أو محافظة بشرط عدم وجود الأولاد أوالمعيلين لها لأي سبب من الأسباب، فالوضع المعيشي في الشمال السوري صعب للغاية لعامة المهجرين، فما بالك بمن بلغ من العمر الكِبر عتياً ولا معيل له إلا الله، فلذلك يجب أن نأخذ دورنا الإنساني في تقديم ما يمكننا ضمن الإمكانات المتاحة لإسعاد الأمهات المسنات وإشعارهن بأن هناك من يهتم بهن ويسعى لخدمتهن وللعرفان بالجميل المبذول من قبلهن فهن من ربانا صغاراً". وعبّرت ( يسرى ) عن سعادتها الغامرة، كونها ترى في كل نزيلة أماً لها، وأكدت استمرارها بالعمل الإنساني، على الرغم من قلة الدعم والموارد، واقتصارها على جهود وتقديمات فردية وخاصة، وقسمٍ من راتبها الشهري التي تتقاضاه من عملها كمدرّسة في أحد مراكز العناية بالأيتام.

من أم الكل إلى الخالة كوكب!

تختلف القصص والروايات، مابين واقع اجتماعي مرير، وأمل بقضاء بقية العمر بشكل أفضل، (الحاجة أمينة الحديدي) الملقبة "أم الكل" تحدثنا عن شعورها في الدار قائلة: "كلهم أولادي.. كتير مبسوطة، بيعملوا أكل طيب".

وباستفسارنا عن حكايتها، أجابت المتطوعة (ناديا المصري) مقدمة الرعاية الصحية في الدار بقولها: "الحاجة أمينة هي أول نزيلة بالدار، وتبلغ من العمر ٩٢ عاماً، ولا تزال صحتها جيدة ما شاء الله، أحضرَها إلى الدار زوج ابنتها المريضة بعد التنسيق مع الإدارة، يحبها الجميع كونها تتمتع بروح اجتماعية وهمّة عالية، وتحب الترتيب والحديث الدائم عن الأمل، والدعاء للجميع بالخير والتوفيق، وتشارك حتى في الطبخ وإعداد الطعام، وتنظيف المكان، وتحب أكلة الكبّة التي نقدمها لها بشكل متكرر بكل رحابة صدر" .

أما بالنسبة لحكاية الخالة ( كوكب) فترويها لنا المتطوعة (نهيدة العبد الله) بقولها: "حضرت الخالة كوكب إلى الدار منذ فترة ليست بالطويلة، برفقة أحد أقاربها، بعد أن قرأ إعلان انطلاق دار المسنين، في معرة مصرين، ويبلغ عمر الخالة كوكب ٧٥ عاماً، وهي من بلدة "كفرعويد" في ريف إدلب الجنوبي، زوجها متوفى وليس لديها أولاد، مصابة بجلطة دماغية، ما يجعلها بحاجة للرعاية أكثر من غيرها، وأنا أقدمها لها بكل سرور، وتكاد فرحتي لا توصف كلما تناديني الخالة كوكب يا بنتي يا نهيدة".

من جهتها أكدت لنا الخالة كوكب حبها للمتطوعة نهيدة بقولها "حبابة حبابة" مع تربيت  على الكتف كإشارة للامتنان الكبير. 

صعوبات عمل... ورسائل أمل

لكل عمل صعوبات تكتنفه، يحاول القائمون عليه تذليلها للنهوض بالواقع نحو الأفضل، وعن الصعوبات في دار المسننين تحدثنا يسرى صبرة مديرة الدار : "أبرز الصعوبات تكمن في تأمين الدعم اللوجستي، وارتفاع كلفة تأمين المستهلكات اليومية، كون النزيلات بحاجة لها بشكل يومي، ناهيك عن تكلفة الإيجار الشهرية المرتفعة للدار ونحن بأمس الحاجة للأدوية والمحروقات بشكل أساسي".

 

وأضافت ( صبرة ): "على الرغم من كل العوائق والمصاعب خاصةً أن الدار لا تزال تطوعية، وفي بداية انطلاقتها إلا أننا مستمرون في عملنا التطوعي من منطلق إنساني بحت، وأخاطب جميع المنظمات والأشخاص القادرين على الدعم والمساعدة بضرورة تقديمهما للدار على اختلاف الطرق، لنتمكن مستقبلاً من زيادة عدد النزيلات في الدار، وزيادة وتيرة الخدمات المقدمة لهن، وتوسيع دائرة الاهتمام بهن، وأتمنى من كل شخص لديه أو يعرف أي حالة إنسانية وفق معاييرنا التواصل معنا لنقوم باستضافتها عندنا، ونضمها لأسرتنا معززة مكرمة".

ويبقى شعاع الأمل معقوداً على عزائم السوريين، وهمم المخلصين تجاه الإنسان بالدرجة الأولى، وللأم والأخت والمربية بالدرجة الثانية، لتكون مبادرة إنشاء دار المسنات مثالاً يحتذى به ومصدر عز وافتخار، بالرغم من كل الصعوبات الاجتماعية والمعيشية، ليتجسد القول السائر: "لا تخلو الدنيا من فاعلي الخير" و " الدنيا إن خليتْ خربتْ" واقعاً ملموساً وثقافة حاضرة.

التعليقات (2)

    ابو خلدون

    ·منذ 3 سنوات 4 أشهر
    الصليپي والاسرئيلي والقحب الروسي بدهم يخلوا هالمنيوك بشار5يثي القرد مخوزق بسوريا غبصب عن الشعب السوري

    Khaled Alkanj

    ·منذ 3 سنوات 4 أشهر
    الله يبارك فيكم على المبادرة الاكتر من رائعة
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات