ميليشيا قسد في دير الزور .. نمر من ورق وداعش يحكم بأسلوب جديد

ميليشيا قسد في دير الزور .. نمر من ورق وداعش يحكم بأسلوب جديد
منذ إعلان ميليشيا قسد انتهاء المعارك ضد تنظيم «داعش» وسيطرتها على آخر معاقله في الباغوز بريف دير الزور الشرقي بداية عام 2019، والذي جاء بعد سلسلة معارك طويلة وبدعم من التحالف الدولي الذي تقودهُ الولايات المتحدة الأمريكية، ما تزال مناطق سيطرة قسد في دير الزور تعيش فلتاناً أمنياً غير مسبوق، وتشهد نشاطاً متصاعداً لخلايا تنظيم داعش يستنزفُ قسد في شرق الفرات بعملياتٍ شبه يومية تستهدف عناصر الميليشيا والمتعاونين معها بالدرجة الأولى.

وتعجز قسد عن احتواء التنظيم وفرض الأمن في المنطقة الممتدة من الباغوز بريف دير الزور الشرقي وصولاً لجنوب محافظة الحسكة، ومناطق أرياف الرقة الجنوبية والشرقية، فرغم كل المحاولات التي تنفذها الميليشيا لتدارك الأمور، من اعتقالات عشوائية تنفذها عادةً على الشبهة أو تستهدف فيها عناصر سابقين للتنظيم، وإنزالات جوية وحملات أمنية ينفذها التحالف الدولي وقوات ما يسمى مكافحة الإرهاب"HAT" التابعة لـميليشيا «قسد» لكن دون جدوى، فإن خلايا التنظيم تنشط بكل حرية.

ففي الشهور الثلاثة الأخيرة نفذت قسد والتحالف الدولي أكثر من 23 عملية اعتقال وإنزال جوي تم من خلالها اعتقال ما يزيد عن (350) شخصاً غالبيتهم من المدنيين، إضافة لعناصر سابقين في تنظيم «داعش» من عموم مناطق دير الزور الخاضعة لسيطرة «قسد»، معظمهم من البصيرة، ليتم لاحقا إطلاق سراحهم بعد أن تعرضوا للتعذيب في سجون قسد سيئة الصيت، ومن هؤلاء الذين تم اعتقالهم وينتمون لداعش شخصٌ يدعى خضر الدلّي في عمليّة مداهمة، من قرية ماشخ التابعة لناحية البصيرة شرق دير الزور، وهو عنصر سابق لدى داعش كان يعمل محاسباً مالياً على آبار النفط، قبيل انتهاء سيطرة التنظيم على المنطقة.

لكن هذه العمليات المستمرة لم تأت بجديد، فالفلتان الأمني بات واقعاً معتاداً يخيّم على المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا «قسد» شرق الفرات وفي دير الزور تحديداً، حتى سكان المنطقة اعتادوا على حوادث قتل يومية ينفذها تنظيم داعش، كان آخرها 4 تموز الجاري حين ألقى مجهولون قنبلة على منزل الكومين (المختار) فيما يسمى بالإدارة الذاتية "محمد الختلان"، في بلدة الباغوز شرق دير الزور.

وتطال عمليات التنظيم أحياناً أشخاصاً مدنيين لا علاقة لهم بأي طرف، حيث إن القتل على أيدي عناصر التنظيم يتم غالباً على الشبهة وحسب إملاءات مخبرين وعيون متعاونين معه، فقد يُقتل شخص على كلمة قالها أو لنقدهِ للتنظيم.. وحصلت كثيرا هكذا حوادث في المنطقة ومن بين الضحايا نساء.

محاولات يائسة وداعش يفرض نفسه

وضمن محاولاتها اليائسة لاحتواء التنظيم باتت «قسد» تعمد على نشر عشرات الحواجز بين مدن وبلدات دير الزور، كذلك قامت وبإملاء من التحالف الدولي بتوظيف عشرات الأشخاص في المنطقة كعيون وجواسيس يراقبون أي تحركات مشبوهة، لكن جميع هذه المحاولات لم تقدم أي جديد ولاتزال خلايا تنظيم داعش تضرب بشكل شبه يومي وتغتال المتعاملين مع قسد، آخرهم كان المدعو "حمادي الخليل" والذي تم اغتياله من قبل خلايا داعش قرب بلدة الجرذي الغربي شرق دير الزور، بتهمة التعامل مع قوات قسد وذلك صباح السبت 10 تموز الجاري، سبقتها عملية مشابهة تمت في 5 تموز إذ قامت خلايا التنظيم بقتل المدعو "أحمد عواد المعلاش" بعد اختطافه والتحقيق معه بتهمة التعامل مع قوات قسد، وذلك في بلدة الزر شمال شرق دير الزور، وفي ذات اليوم الذي قُتل فيه "المعلاش" تم اغتيال المدعو "عماش حجي الملج" من قبل مسلحين مجهولين، بالقرب من منزله في مدينة صبيخان شرق دير الزور وسبب القتل مجهول.

وليس هذا فحسب، بل أصبح داعش يشكل هاجس رعب حقيقي لكل من يعيش في دير الزور، وبالأخص لعناصر ميليشيا قسد الذين لا يجرؤون على البقاء في حواجزهم عادةً بعد صلاة العشاء في عموم أرجاء مناطق سيطرة قسد شرق الفرات، وذلك خوفاً من استهداف خلايا التنظيم لهم، إذ تختفي أغلب الحواجز من ريف دير الزور وجنوب الحسكة وريف الرقة، ويبدأ دور عناصر التنظيم في التجول ليلاً.

وآخر ما ابتكرته قسد والتحالف الدولي من محاولات لضرب التنظيم وخلاياه ولحماية المتعاونين معها منه، ما قام به طيران التحالف الدولي قبل أيام قليلة من إلقاء مناشير ورقية في ريف دير الزور وريف الحسكة الجنوبي، وتحمل المناشير صورة تطبيق جديد يتم تحميله من "متجر بلاي"، يحمل اسم فراتنا الآمن ليتم الإبلاغ عن عناصر داعش وقادته، من خلال هذا التطبيق، والذي وصفوه بالآمن، وذلك بعد تعرّض الكثير من أبناء المنطقة المتعاملين مع التحالف وقسد للقتل والخطف من قبل خلايا داعش.

ولكن يبدو أن بعض عناصر التنظيم هم من أبناء تلك المناطق المستهدفة نفسها كونهم يتحركون بسهولة وحرية وعلى دراية جيدة بطبيعة هذه الأماكن، وهناك من يتعاون معهم من المدنيين ويتسترون عليهم إما تأييداً أو خوفاً من بطشهم.

داعش يحكم بأسلوب جديد 

في ظل الانفلات الأمني المذكور فإن خلايا داعش تصول وتجول في المنطقة كما تشاء وتحكمها بأسلوب جديد، عبر الاقتصاد والعمليات الأمنية الخاطفة بدلا من الحكم المباشر، فهم يفرضون "الزكاة" على التجار وأصحاب الحلال "تجار الماشية" والعاملين في قطاع النفط، إذ تصلهم تهديدات بوجوب دفع الزكاة لتنظيم «داعش»، وإلا فسيكون العقاب.

وآخر تلك التهديدات ما تعرض له حراس يعملون في حراسة آبار النفط شمال دير الزور إذ قام عناصر من تنظيم داعش بمهاجمة حراس بئر دعاس النفطي شمال دير الزور، واعتدوا عليهم بالضرب لإجبار مستثمر البئر على دفع مبالغ مالية للتنظيم، حيث توكل ميليشيا قسد كل بئر نفطي لمستثمر محلي يعمل معها ويشرف على البئر. 

وقبلها تعرض التجار وأصحاب المواشي في ريف دير الزور الشمالي للتهديد في حال عدم دفع الزكاة، إذ عمد عناصر التنظيم على إرسال رسائل لهم عبر تطبيق واتساب تطلب من كل شخص منهم دفع مبلغ مالي محدد حسب ما يملك من مال، وإلا سيتعرض للعقاب. 

هذا الابتزاز دفع أغلب من وصلتهم التهديدات للفرار والهجرة من دير الزور مع عوائلهم، ليتعرض بعضهم لمحاولات استهداف فعلية كما حصل مع عدد من تجار مدينة البصيرة بعد رفضهم دفع ما يسمى بأموال الزكاة لهم، وكذلك الحال تم توثيق عدة حالات استهداف لأصحاب المواشي في ريف الحسكة الجنوبي، وذلك بعد مطالبتهم بدفع الزكاة من عناصر يقولون إنهم ينتمون للتنظيم. 

لم تقتصر عملية الابتزاز على أصحاب الأموال فقط، بل وصلَ الأمر للأطباء والعاملين في القطاع الصحي وأشهر محاولات الابتزاز تلك التي كانت قد حصلت مع أحد الأطباء في مدينة البصيرة شرق دير الزور، والذي غادر المنطقة أيضاً بعد تهديدات التنظيم له بالقتل لأنه لم يدفع المبلغ الذي طُلب منه، ليغادر إلى محافظة الحسكة بعدها، وهذا ما حصل مع السيد "خالد الوليد" نهاية العام الماضي وهو مدير مشفى بلدة جديد عكيدات شمال شرق دير الزور، حيث تم استهداف منزله بعبوة ناسفة، ما دفعه لتغيير مكان سكنه.

فشل قسد في ضبط الأمن، والقوة التي يتمتع بها التنظيم واقع فرض نفسه، حتى إن بعض السكان المحليين باتوا يلجؤون لعناصر «التنظيم» لحل المشاكل فيما بينهم، وأغلب تلك المشاكل تكون عادة حول الميراث، أو المال أو الثأر أو الظلم أو قضايا تتعلق بشكايات عن السحرة والدجالين لخلايا التنظيم الموجودة في كل مكان في أنحاء شرق الفرات، فيكفي أن يذهب أي شخص إليهم ويشتكي على غريمه ليقوم عناصر التنظيم بالباقي.

وهذا الباقي يبدأ من توجيه إنذار ورقي باليد للمتهم بضرورة الاحتكام لشرع الله أو التوقف عن مضايقة جاره أو رد المال لأصحابه، وقد ينتهي بالاعتقال أو الاستهداف .

لقد طالت سطوة التنظيم كل شيء حتى الموظفين لدى مؤسسات مايسمى الإدارة الذاتية «المدنية» قد طالتها أذرع التنظيم فلا يستطيع أحد أن يتوظف دون إذن من أمنيي التنظيم بأغلب القطاعات الخدمية عدا مجال التعليم فالتنظيم يعفي المعلمين من الملاحقات.

التعليقات (1)

    حسان عبجي

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    يبدو القهر مطول بسوريا الله يعين البشر اسد وقسد وداعش وحالش
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات