رجال الأعمال بين الحقيقي والزائف (4 من 5) حكم اللصوص والحريق الأخير

رجال الأعمال بين الحقيقي والزائف (4 من 5) حكم اللصوص والحريق الأخير
بدأ تلفزيون أورينت تحدي سياسة مافيا أسد اللصوصية العنيفة قبل بضعة أشهر من انفجار الربيع العربي، حينما بدأ بث برنامجه الجريء آنذاك البلد بارك،10/10/2010، ثم زاد جرعته أضعافاً مع انفجار الربيع العربي.

قبل انطلاق الثورة السورية بعدة أسابيع وردني هاتف في مكتبي في بروكسل من "رجل الأعمال" أيمن جابر يحاول استدراجي إلى دمشق عبر اللعب على وتر طموحات ورغبات رجل الأعمال بداخلي. رفضت. لأني تأكدت أن بشار أسد أصدر حكم الإعدام عليّ، بعد فشل مفاوضاتي مع مناف طلاس آب 2010.

أيمن جابر علوي وصهر لعائلة أسد، مع انطلاقة الربيع العربي وتحسباً لانطلاق الثورة السورية أسس كتائب شبيحة يمولها وتتبع له شخصياً.

أيمن جابر علوي وصهر لعائلة أسد، مع انطلاقة الربيع العربي وتحسباً لانطلاق الثورة السورية أسس كتائب شبيحة يمولها وتتبع له شخصياً.

تتشارك دول الربيع العربي بعوامل عدة، أهمّها الفساد المستشري عبر مجموعة مختارة من بطانة وأقرباء الحاكم، وتحويلهم إلى طبقة أعمال تتبع لهم، تتحكم بالاقتصاد والتجارة وبقوت فئات المجتمع. أعْتبرُ أن هذا هو السبب الأساسي للانفجار العنيف الذي شهدناه في الربيع العربي. هذه الفئات متشابهة في اللصوصية في ليبيا ومصر وتونس واليمن مع عينة أيمن جابر ومحمد حمشو ومخلوف.. كأحمد عز في مصر وأفراد أهل ليلى الطرابلسي زوجة بن علي في تونس، الكوافيرة التي لعبت الصدفة دوراً في تحويلها إلى سيدة أولى تعيث فساداً في قوت التوانسة.

انهارت هذه الدول بسرعة مدهشة. يخطئ من يظن أن الربيع العربي انكفأ. إنها استراحة محارب ثم سيكون أشد قوة وأكثر تنظيماً "وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون"! حيث سنشهد انهيار عدد آخر من النظم العربية، وللأسف ستأخذ معها ما بقي من هياكل عفنة لدول ترزح منذ عقود تحت حكم اللصوص وسياسة الفساد والإفساد، وإن تلحّفت بمسميات مختلفة، طائفية أو قبلية أو عسكرية أو حزبية. حكم اللصوص الذي دمّر الحوافز وثبّط الابتكار وأعاق الفرص وطرد سلالات العائلات التقليدية واستنزف مواهب أهل العلم والمال والخبرات، حين التفّ على خناق الدولة عبر إمساكه بمقدراتها بأداة السيطرة على الجيش وتحويله إلى ميليشيات لا وطنية تابعة.

أكبر خطأ أنْ ظننا أنَّ هذه النظم نشأت خطأ أو صدفة. كما تدعي هي ونخبتها من أدعياء الثقافة ومرتزقة الإعلام، بأنها نتاج المجتمعات العربية المتخلفة "يصف جماعة أسد أنفسهم: "نحن لسنا صالحين لكننا منكم ومثلكم". كذبوا. فهؤلاء أوصلوهم إلى سدة الحكم عن قصد ليكونوا بديلاً عن المؤسسات السياسية الحقيقية للدولة العربية الناشئة بمؤسسات سياسية مزورة سوف تُزوِّر كل شيء في مجتمعاتنا وأولهم قادة الأعمال. من اطّلع على تاريخ رواد الأعمال في اليمن والعراق ومصر وسوريا سيعرف أنه قبل هؤلاء كان قادة الأعمال بدؤوا بتشكيل مجتمع منفتح ودولٍ تسعى إلى أن تكون رقماً متقدماً في الناتج العالمي. فبنت دور ثقافة وفنون نشرت من خلالها ثقافتها الراقية، التي أطلق المثقفون على زمنها (الزمن الجميل)! الغريب أنهم هم أنفسهم من هاجم الطبقة التي أنشأت تلك الثقافة واعتبرها رجعية ومتخلفة(!؟) قبل أن يأتي حثالات العسكر وتذهب مجتمعاتنا العربية العريقة نحو القبح والنكوص، وتتحول إلى مستنقعات آسنة نتنة تنزّ قيحاً.

يخطئ من يظن أن الربيع العربي انكفأ. إنها استراحة محارب ثم سيكون أشد قوة وأكثر تنظيماً "وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون"! 

اعتمدت هذه الأنظمة سياسة الخوف والانتهازية في وجودها. لم تعنِها تنمية وتطوير مؤسسات الدولة، فحكمت بالشدة والعنف لتظهر قوية مستقرة إلى أن تصبح فجأة غير مستقرة، وعند هذه النقطة يصل العنف والفوضى إلى ذروته، ولا يعود هناك وقت لفعل الكثير، لأنه يكون فات الأوان. حتى هؤلاء الفئات الذين انخدعوا بهم وتحولوا إلى متعصبين لطروحاتهم، الطائفية الثأرية، كالميليشيات العلوية والشيعية، بتسمية أدق طبقة الرُّعاع التي اعتمدوها في تنفيذ سياسة الخوف والانتهازية والتي شكلوا بها خط دفاع عن حكمهم حكم اللصوص. 

في تلك اللحظة حين يدرك هؤلاء أنهم خسروا المعركة، وأنهم مخدوعون وأدوات رخيصة استفادت القليل على جثة مستقبلهم ومستقبل أبنائهم تنهار تلك الدول كما تنهار قلعة بناها طفل على رمال شاطئ، "كأن لم يغنوا فيها"! 

لاحظوا احتجاجات منتسبي الميليشيات العراقية ضد قادتها وقادة الأحزاب الحاكمة في العراق ولبنان حالياً، وقارنوا كيف كانت تقاتل قبل سنوات بشراسة واليوم تقتلهم الحسرات حتى على حكم صدام! ومن هنا يعتقد البعض أن أسد وفريقه يبدون أقوياء، لكن نظرة إلى الخلف على نُظم: صدام حسين، وحسني مبارك، والقذافي وبن علي وصالح تجعلنا ندرك أنهم مجرد طبول جوفاء لا تتحمل أكثر من بضعة تقارير إعلامية وبضع تظاهرات، وما شهده السوريون من دمار إنما هو من صنع الأيدي الخفية للدول الاستعمارية، وما أسد الأب والولد وثلّتهم إلا عصبة مجرمين يأتمرون بأوامر خارجية نفذوا ما هم موجودون لأجله، واليوم أسد الولد لا يملك إلا أن يراهن على الوقت، إنه ينتظر لحظة يحتاج الغرب الاستعماري فيها خدماته مرة أخرى. 

إن الولد امتداد سياسة أبيه في تطبيق المذهب الاستراتيجي الذي قالت عنه الألمانية بنتيه شيلر في كتابها "حكمة لعبة الانتظار السورية": إن نظام أسد نجا واجتاز المصاعب على مدى العقود الخمسة الماضية من خلال تطبيق خطة الانتظار"! 

ما شهده السوريون من دمار إنما هو من صنع الأيدي الخفية للدول الاستعمارية، وما أسد الأب والولد وثلّتهم إلا عصبة مجرمين يأتمرون بأوامر خارجية نفذوا ما هم موجودون لأجله

دعونا إذاً نفهم أنّ الدول التي أتى عليها الربيع العربي ومنها، سورية، لم تتفكك بسبب اندلاع العنف والحروب الأهلية على أراضيها على خلفية ثورات الربيع العربي!؟ إنها تفسخت قبل ذلك بعشرات السنين بسبب سياسات كبح النمو وهدر الإمكانات الهائلة لمجتمعاتها، ما حكم على مواطنيها بالفقر لأجيال. هذه الخيانة العظمى تركت تلك البلدان بمستويات معيشية أقل بكثير مما يجب للبقاء على حيوية المجتمع وتطوره، فلذلك رمى الملايينُ من مواطنيها أنفسهم في البحار متكبدين أهوال العبور إلى ضفة المتوسط الأخرى، معتبرين أنها، بما فيها من هول الموت غرقاً مع الأسرة، أقل إيلاماً من الحياة تحت حكم اللصوص. يبقى تأكيد الأمر المأساوي في أن ممارسات تلك النظم الإجرامية كانت عن قصد. إنها سياسة ممنهجة مبرمجة بعقول أذكياء ينفذها المجرمون.

لعل أقوى الضغوط التي مارسها حكم اللّصين، أسد الأب والولد، على مجموعة الأعمال السورية التاريخية محاولة أدلجتها، وكأن أفرادها أعضاء في حزب أيديولوجي وعليهم أن يلتزموا بقواعد تنظيمهم، في رفض التعامل مع: "الغرب الرأسمالي"، و"الرجعية العربية"، والإصرار على تبعية قادة الأعمال لسياستهم الخارجية، والتي تميزت بتذبذبها بين القطع والوصل زمن المارقَين حافظ وبشار، يمنعون على طبقة الأعمال التواصل مع مثيلاتها في تلك البلدان ويحاصرون علاقاتهم التجارية والصناعية والحرفية، كلما قاطعوا نظام دولة ما لأسباب سياسية، ما يعرّضهم واقتصاد البلاد لخسائر فادحة! 

"قدَّرت حكومة أسد، قبل الثورة، أن حوالي 18 مليون سوري يعيشون في الخارج". أهم سبب لهجرتهم في الخمسين سنة الماضية السلوك الطائفي المهين الذي مارسته ثلة طائفية حاقدة تمكنت من السيطرة على مقدرات البلاد مستخدمة الحدود القصوى للعنف والإهمال والفساد التي سببت ضبابية لمستقبل البلاد. وإذا أضفنا لهم نحو 7-8 ملايين لاجئ نتاج الشتات السوري الحالي الكبير، والذي قَدّرت دوائر سياسية عالمية أن نظام أسد مسؤول عن 95% منه، فيما المجرمون الآخرون، قسد وداعش والنصرة..، مسؤولون عن الـ 5% الأخرى. هذا الشتات مثلما استنزف الأطباء والمهندسين والعلماء والخبراء والمثقفين والكتّاب والفنانين والمعارضين، استنزف أرقاماً مهمة من طبقة الأعمال التجارية والصناعية والحرفية التقليدية معظمهم من خيرة أبناء الوطن من ذوي الطبقات ذات القيم النبيلة والعائلات العريقة. هذه السياسات التخريبية خلّفت أزمة اقتصادية متفاقمة استنزفت مدّخرات السوريين.

لعل أقوى الضغوط التي مارسها حكم اللّصين، أسد الأب والولد، على مجموعة الأعمال السورية التاريخية محاولة أدلجتها، وكأن أفرادها أعضاء في حزب أيديولوجي وعليهم أن يلتزموا بقواعد تنظيمهم، في رفض التعامل مع: "الغرب الرأسمالي"، و"الرجعية العربية"، والإصرار على تبعية قادة الأعمال لسياستهم الخارجية

 كما إن التهجير السريع الأخير استنزف الطاقات البشرية التي يُعَوَّلُ عليها في إدارة البلاد لعشرات السنين وترك البلاد تدار بنسبة 100% من شخصيات طائفية من لون واحد، الطائفة العلوية، بشكل فجّ ووقح! كما إن الاقتصاد السوري المحتضر من سوء الإدارة الطويلة ومن الحرب، أدى إلى انخفاض قيمة الليرة السورية خلال الـ60 سنة الماضية مقابل الدولار من 3 ل.س إلى نحو 50 ل.س زمن أسد الأب، أما زمن أسد الولد فانخفضت نحو 100 ضعف من 50 إلى 5000! وسيستمر انخفاضها لسنوات طويلة، وستفقد قيمتها تماماً، ما سيجعل أسد ومافياته الحاكمة تحاصر بشدة طبقة الأعمال، التقليدية والجديدة على السواء، وتدير عملية ابتزازهم وتصفيتهم لتسديد فواتير إدارة البلاد، وخير دليل ما حدث مع ذو الهمة شاليش ورامي مخلوف، وكلاهما من المقربين لأسد، الأول ابن عمته والثاني ابن خاله، كما يتم ونحن نكتب هذا المقال، استهداف عشرات من رجال الأعمال الموالين للنظام بعمليات الابتزاز، وبالوقت نفسه يحاصر أسد اللّص طبقةَ الأعمال الوسطى عبر استخدام مؤسسات الرقابة التموينية والضرائب والجمارك والبلدية والمحافظة، التي لم تعد منذ نصف قرن تقوم بدورها التنظيمي والرقابي الطبيعي، وإنما تحولت إلى إدارات لصوصية تديرها عصابات أجهزة الأمن الطائفية لابتزاز وتفليس هذه الطبقة ودفعها دفعاً إلى الهجرة*.

 أما على صعيد السوريين في الخارج فإن الدمار الذي لحق بمدنهم وقراهم وتكاليف اللجوء استنزف مدخراتهم. واليوم السوريون داخل البلاد أو خارجها منكوبون يبدؤون من الصفر، وهذا سيجعل من الرقم الكبير للمهجرين قسرياً، لا يُعوّل عليه في تقديم حوالات للداخل السوري، كما كانت تفعل طبقة المغتربين قبل وأثناء الثورة، وخصوصاً بعد فقدانهم الأمل بعودة سريعة!

اليوم السوريون داخل البلاد أو خارجها منكوبون يبدؤون من الصفر، وهذا سيجعل من الرقم الكبير للمهجرين قسرياً، لا يُعوّل عليه في تقديم حوالات للداخل السوري، كما كانت تفعل طبقة المغتربين قبل وأثناء الثورة، وخصوصاً بعد فقدانهم الأمل بعودة سريعة

من العوامل المهمة التي ستجعل الاقتصاد السوري ضعيفاً وغير موثوق به تحوّلُه إلى اقتصاد حرب مبني على المفاسد، تحت سيطرة مجموعة "رجال أعمال" جدد، لأنه بات مبنياً على مداخيل أنشطة غير مشروعة كزراعة وصناعة وتجارة المخدرات والسلاح والنفط الخام المسروق والدعارة وغيرها، هذه الفئة غالباً ستُعطى الصلاحية الكاملة لاستخدام قوتها لجمع الثروات الهائلة من الصفقات الفاسدة وأغلبها سيُحوّل إلى الخارج ولن تقوم أيّ بنى تحتية في البلاد تعود عوائدها لدعم الاقتصادات المحلية. إذاً على مدى سنوات طوال لن يكون هناك ضخ استثمارات في البنى التحتية، وبالتالي لن تكون هناك قوة شرائية سكانية يمكن للاقتصاد المحلي أن ينتعش بها. أما إعادة البناء فهي كذبة يستخدمها أسد كمُخدّر للسكان، إنه يبيع الوهم، ويُعينه على ترويجه مُشغّلوه الدوليون، فالثقة في الاقتصاد السوري تحت إدارة بشار أسد انتهت حتى لو بقي في السلطة ربع قرن وحَسُنَ سلوكه، فما بالكم بنظامٍ القائمون عليه لم يكتفوا بسرقة الثروة الوطنية وإنما يقطع أفراد عائلاتهم الطرق ويسرقون سيارات المواطنين من اليوم الأول لتسلُّطهم على الحكم إلى اليوم، ويتباهون أمام رئيسهم بأنهم شبيحة*؟! جاؤوا همجاً وقتلة وسُراقاً، وبعد نصف قرن من الحكم لم تتطور أخلاقهم ولم يتحضّروا قيد أنملة! مثلما جاؤوا لا يزالون همجاً ولصوصاً وقتلة!

إننا نعرف أنهم سعداء حينما نَصِفُ للكون إجرامهم، ونعرف أننا حين نتكلم عن مفاسدهم ومخازيهم على البلاد نضخّ الحياة في أركان نظامهم فترة أطول، لأن وصفنا يُنشي مشغليه بحجم فساده وإفساده وإجرامه ووقاحته وهذا أقصى ما يتمنونه لبلادنا(!؟) "فالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا لم تلتزم بمبادئها. لقد وفروا العَون والاطمئنان للطغيان العربي وخانوا مبادئهم وسهّلوا أمور الدكتاتوريات"**

الثقة في الاقتصاد السوري تحت إدارة بشار أسد انتهت حتى لو بقي في السلطة ربع قرن وحَسُنَ سلوكه، فما بالكم بنظامٍ القائمون عليه لم يكتفوا بسرقة الثروة الوطنية وإنما يقطع أفراد عائلاتهم الطرق ويسرقون سيارات المواطنين من اليوم الأول لتسلُّطهم على الحكم إلى اليوم، ويتباهون أمام رئيسهم بأنهم "شبيحة"!

 ولعل من المفيد ذكره أن الانهيار الاقتصادي في سوريا جعل من الصعب على كثير من المواطنين الذين أصبحوا معدمين، وأبناؤهم خارج نطاق التعليم، (أكثر من 60% من الطلبة السوريين خارج مدارسهم منذ 2012)، تجاهل الامتيازات التي قدمتها إيران لأجل تشيّع سكان سوريا على الطريقة الملالية الإيرانية، وهؤلاء، بمَلَكتهم المعرفية البسيطة، لا يمكنهم فهم التأثيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السلبية على مستقبل البلاد جراء تلك العملية. أما عن تأثيرها على الاقتصاد السوري، فستحوله إلى اقتصاد تابع للاقتصاد الإيراني، ففي ظل حكم بشار أسد "أصبحت دمشق أحد أقاليم دولة إيران الثيوقراطية"*** منذ 2002 إلى اليوم تتمدد نحو شرق سوريا، عدا عن عشرات المفاسد والسلبيات الأخرى، نتركها برسم المختصين الاجتماعيين!

ربما نعترف بأن عدداً مُهمّاً من قادة الأعمال السوريين لم ينضموا إلى الثورة علناً، خوفاً من إجرام الأجهزة الأمنية، لكنهم خسروا ويخسرون الكثير وفقدوا الأمل بقدرة الاقتصاد الحالي على تعويضهم عن خسارتهم. هذا جعلَهم يتخلّون عن صمتهم ويوجهون انتقادات شديدة حول سوء اقتصاد البلاد الذي أصبح في حالة موت سريري. بالتأكيد لا يريدون ولا تناسبهم أبداً دولة القمع والتهريب والفساد والمخدرات والدعارة، ولا يشرفهم أن يكونوا جزءاً من اقتصادها. كما إن "رجال الأعمال" الجدد الفاسدين دخلوا مرحلة التصفيات البينيّة، وهم غير قادرين على المدى القصير على منع سقوط بشار أسد ونظامه.

 أما العقوبات الدولية على المافيا الأسدية الحاكمة فستزيد التكاليف الاقتصادية على السوريين، والنبذ الدولي سيجعل أسد يعيش عزلة محببّة له وللطغاة والمستبدين أمثاله، حتى يأتي وقت إمّا الحاجة الدولية له للقيام بالأعمال القذرة، كما يفعل نظامه منذ نصف قرن وبالتالي إنعاشه وضخ الدماء الدبلوماسية في شريانه، وهذا بدوره لن يؤثر على الاقتصاد إيجاباً، أو الانتهاء منه ورميه بخزيه، إمّا في قاعات المحاكم الدولية أو في القبر، والأغلب القبر لأنه نظام عرّاب.

إذاً في ظل أي سيناريو يمكن تصوّره لن يتعافى الاقتصاد السوري في ظل حكم بشار أسد مطلقاً. وأتحدى أي مركز أبحاث استراتيجي عالمي أو أي خبير اقتصادي محلي أو دولي أن يُثبت العكس! والأيام بيننا. وإِنَّ الرائِدَ لا يَكْذِبُ أهْلَهُ!


هوامش:

* قد يسأل سائل لماذا نؤكد في حديثنا عن الاقتصاد أهمية العائلات العريقة، طبعا عدا عن مميزاتها الاجتماعية وعدا عن ثقافتها الراقية التي تنشرها في المجتمع وأشياء ثمينة أخرى تمتلكها، من باب الاقتصاد تلك العائلات لديها اتصالات عالمية واسعة مع عائلات عريقة في دول العالم، تمنحها القدرة على التواصل معها وتجديد عوامل الدخل الوطني، بما فيه من منفعة للاقتصاد الوطني. إنها ثروة تراكمت عبر التاريخ، سورية أهم محطة في طريق الحرير، كان لا يجب أن تضيع، فإعادة بناء تلك العلاقات صعب ومكلف جداً.

* مصطلح أطلقه السوريون على المجرمين من العلويين الذين اعتمدوا الخطف والسرقة بالإكراه وسيلة لحياتهم. عندما دخل بشار أسد إلى دار الأوبرا في دمشق وقف الحاضرون بمن فيهم حكومته وهتفوا "شبيحة للأبد لأجل عيونك يا أسد" فحياهم بهبله المعروف فرحاً معترفاً برعاعيته المتفقة مع رعاعيتهم!

** التمرد السوري، فؤاد عجمي، ص248.

*** التمرد السوري، فؤاد عجمي، ص205. 


- لقراءة المقالات الخاصة بالقضية الكردية

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة  PKK (1 من 3)

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة PKK (2 من 3)

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة PKK (3 من 3)

لقراءة جميع مقالات الكاتب السابقة اضغط هنا

التعليقات (5)

    علوي علماني

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    طائفية وعلوية. علوية وطائفية. أبتنتبه سيد غسان كم مرة بتكرر هالكلمات تحديدا بكل مقال؟ وبعدها بتقول: جاؤوا همجا وقتلة وسراقا وبعد نصف قرن من الحكم لم يتحضروا لا يزالون همجا وخصوصا وقتلة!!!! لا ولووووو.. ليش متكشف مشاعرك لهل درجة؟؟ خبيها شوي عالقليلة. بالله بتكفروا الواحد بعلمانيتو كلا.

    hope

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    باعتبار ان جميع رجال الاعمال في سوريا حاليا هم ممن تناغموا مع سياسات السفاح و اخلاقياته فالمسار الطبيعي لهم سيكون كرامي مخلوف. كبش يتم علفه ليتم ذبحه و استباحة اموال السوريين التي سرقها بمباركة ولي نعمته.بالنهايه كلاب تنهش ببعضهاوبالسوريين ولما يحتاج السفاح اموالها بكل بساطه ينقلب عليها كما فعل مع رامي مخلوف

    السيف الدمشقي

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    حيرتنا يا علوي علماني مو انت بتحب كتابات غسان عبود لأنو بيحكي بشفافية وصادق متل كنت تكتب بتعليقاتك الاولى؟ ولا بدك ياه يكتب بالتقية واللف والدوران متل مثقفي اليسار العلاكين. اي المشكلة طائفية وعلوية وهالطائفية والعلوية كانوا ادوات مهمتهم تدمير سوريا ويأتمرون بأوامر الخارج متل ما قلك بالضبط

    علوي علماني

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    إلى المدعو السيف الدمشقي : مثقفو اليسار العلاكين اشرف من اليمين الدمشقي الرجعي اللي ما حدا نجح بتمثيله بسوريا كلها قد الشوام. ياليت تخليك متابع باب الحارة احسن ما تقعد تحفظ تعليقاتي وتتطلي كلما علقت باورينت لتدافع عن غسان عبود وافكاره المسمومة اللي متحرض ضدنا .

    محمد

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    ثلة العسكر التي ولاها الغرب امر بلادنا . بعد تقسيمها واعتمد الكيان الصهييوني مع سلطة العسكر التي اسستها فرنسا في سوريا ولبنان الذي سلخته فرنسا عن الشام ليكون مثلث غربي محمي في الشرق يكون حاجزا في اي احتمال يمكن ان يعيد إحياء بلاد الشام والشرق المسلم . الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق مع عسكر الشرذمة الطائفية في سوريا والكيان الصهيوني زد على ذلك ملالي قم تلك هي مبادئ السياسة الغربية في الشرق الاسلامي . كي لاتقوم له قأئمة .
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات