ميليشيات إيران تقصف والتحالف ينفي وأمريكا تفاوض... ماذا بعد؟!

ميليشيات إيران تقصف والتحالف ينفي وأمريكا تفاوض... ماذا بعد؟!
خلال الأعوام السابقة تعددت الأخبار والدراسات والمعلومات التي تحدثت عن سيطرة إيران على مراكز البحث العلمي ومراكز التصنيع العسكري التابعة لوزارة الدفاع السورية, وتقارير أخرى تحدثت عن قيام إيران بنقل قسم كبير من معدات إنتاجها العسكري لداخل الأراضي السورية, وتداول الفضاء الإعلامي عبر المحللين العسكريين والسياسيين السوريين المعارضين تلك التقارير والأخبار مستشهدين بورشة تصنيع الطيران المسير التي أقامها الحرس الثوري الإيراني في قاعدة "التيفور" الجوية قرب محافظة حمص السورية, وبمعامل تطوير رؤوس الصواريخ الذكية في ورش مركز البحوث العلمية في منطقة الزاوية في ريف حماه, ومن المؤكد أن منظومة الاستطلاع الأمريكية والإسرائيلية قد رصدت تلك المتغيرات, لكن لم يصدر أي كلام أمريكي بهذا الخصوص.

مؤخراً نقلت بعض تقارير الاستطلاع في الثورة السورية وبعض شبكاتها الإعلامية (عين الفرات, مركز دير الزور الإعلامي) والتي تعتمد الرصد الميداني عبر ناشطين ميدانيين, نقلت عن قيام ميليشيات إيران بتصنيع راجمات صواريخ محدثة عبر ورشها العسكرية في أرياف دير الزور, وأنها نقلت جزءاً كبيراً منها لمستودعات ميليشياتها المنتشرة في أرياف وجبهات مدن الميادين والبوكمال في شمال شرق سوريا على الحدود العراقية_السورية, ولم تعلق واشنطن أو قيادة التحالف الدولي الموجود في شرق الفرات بمهمة محاربة الإرهاب.

مع وصول قيادة إيرانية جديدة عبر الرئيس إبراهيم رئيسي بعد انتخابات هزلية في إيران, ومع الاستعصاء المتوقع في مفاوضات "فيينا" النووية بين مجموعة 4+1 والولايات المتحدة الأمريكية وإيران, ومع اختلاف الرؤى والطروحات ووجود هوة كبيرة بين الطرفين, كان لابد لإيران (وكعادتها) من تحريك أذرعها عبر ميليشياتها العسكرية المنتشرة في المنطقة (الحوثيون باليمن, حزب الله في لبنان, ميليشيات الحشد بالعراق وسوريا, جبهات إيران وحزب الله في سوريا وخاصة في إدلب) لخلق واقع عسكري جديد على بقية الأطراف ومنها الأمريكي, تستطيع من خلاله انتزاع أوراق ضغط تسمح لمفاوضها السياسي على طاولة "فيينا" من الوصول لمبتغاه.

إصرار المفاوض الأمريكي على عدم رفع كامل العقوبات المفروضة على مؤسسات وأشخاص إيرانيين, وإصرار واشنطن بضرورة البحث عن بنود اتفاق نووي جديد, يرمم ثغرات الاتفاق القديم الذي منحه الرئيس الأمريكي السابق "أوباما" للإيرانيين, وأن يشمل الاتفاق الجديد مشروع الصواريخ الباليستية الإيراني, وإنهاء ملف أذرع إيران في الخارج الذي يهدد أمن واستقرار كامل المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط, كل تلك الطروحات والمواقف أحرجت الوفد الإيراني المفاوض في "فيينا" ورئيسه عباس عراقجي الذي كان يبحث عن تعديلات بسيطة فقط تتيح له فرصة التقاط صورة تذكارية بعد إنجاز اتفاق يقدمه للرئيس الإيراني الجديد قبل استلامه السلطة, اتفاق يتيح "لإبراهيم رئيسي" المناورة والتلاعب به عند الضرورة عبر التذرع أن الاتفاق من إنتاج القيادة الإيرانية السابقة, وأنه غير ملزم بكامل تفاصيله.

تخفيض طهران لمستوى التعاون الدولي في فبراير/شباط الماضي, ومن ثم رفض إيران مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالرد الفوري على طلبها بتمديد الاتفاق الذي انتهى مؤخراً بشأن مراقبة المواقع النووية الإيرانية, هي خطوات وتكتيكات اتبعتها إيران للضغط على مفاوضات "فيينا" لكنها فشلت بتحقيق ما تريد, بعد إصرار أممي على حتمية تمديد آلية المراقبة, وبعد إصرار أمريكي على بنود تفاوضية ما زالت ترفضها إيران.

أمام هذا الاستعصاء, ومع واقع اقتصادي كارثي ضاغط يعيشه الشعب الإيراني, كان لابد من تحريك الملعب الذي تبرع به إيران وأدواتها وميليشياتها, فكان التصعيد العسكري الذي برز في قصف قاعدة التحالف الدولي في حقل العمر النفطي التي يوجد فيها جنود أمريكان وفرنسيون إضافة لقوات سوريا الديموقراطية, القصف الذي تم من قبل ميليشيات إيرانية استهدفت "حقل العمر النفطي" بثمانية صواريخ كاتيوشا، من منطقتين الأولى هي "الشبلي" والثانية "بادية القورية."

الرد الأمريكي "الخجول كالعادة" لم يتأخر لحساسية الموقف الأمريكي, فكانت الضربة الأمريكية عبر طائراتها التي استهدفت مواقع عسكرية لميليشيات الحشد الشعبي العراقي الموجودة في شرق سوريا وأهمها "كتائب سيد الشهداء", والتي انطلقت منها رشقات راجماتها الصاروخية ضد مواقع الأمريكان.

ليلة الإثنين الماضي عادت الاشتباكات بين الطرفين عبر قصف مدفعي وصاروخي, وعاد القصف مستهدفاً مساكن قاعدة التحالف الدولي في "حقل العمر النفطي" وفي تجمع معمل الغاز في "كونيكو" عبر ميليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران رغم أنها جزء أساسي من الجيش العراقي, وتتبع لأوامر قائدها العام رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي, إلا أننا لا يمكن أن نعتبر ذلك بأوامر منه بل إن تلك الميليشيات تعتبر تبعيتها الأولى لملالي طهران ومن ثم لتبعيتها العراقية, لكن هذا القصف ما زال ضمن نكران "للتحالف الدولي" واعتراف من قبل قوات "قسد", وتفوح من هذا النكران الأمريكي رغبة أمريكية بعدم التصعيد العسكري, أو تحاشي الانجرار لحرب استنزاف غير موجودة في قواميس الاستراتيجية الأمريكية حالياً, رغم أن أحد أهداف الوجود الأمريكي في شرق الفرات، كما أخبرنا ساسة أمريكا هو غلق البوابة العراقية_السورية أمام ميليشيات إيران إضافة لتحجيم وجودها في سوريا.

قبل القصف الميليشياوي الصاروخي والمدفعي لأذرع إيران في أرياف الميادين والبوكمال على قوات التحالف الدولي في شرق الفرات كانت برزت عدة إجراءات وتحركات على مسرح الأعمال القتالية.

فقد ذكر موقع "نهر ميديا": "إن قوات "قسد" وبعد الضربات الإيرانية عززت تحصيناتها في حقول النفط الخاضعة لسيطرتها شرق دير الزور", وهي (حقل التنك والملح والصبيخان), بعد أن حفرت خنادق ورفعت سواتر ترابية ووضعت غرفاً مسبقة الصنع في نقاط متفرقة.

أيضاً نقل موقع "البادية 24" وبعد القصف المتبادل في أرياف الميادين, أن نظام الأسد بقيادتيه العسكرية والأمنية ركز جهده على منطقة الـ 55 كيلو متر، التي تضم قاعدة "التنف" الأمريكية ومخيم الركبان. وأضاف أن قوات الأسد جندت خلايا استخباراتية مهمتها مراقبة تحركات قوات التحالف، ومعرفة مدى قوة الفصائل الموالية لأمريكا في المنطقة، كقوات أحمد العبدو ومغاوير الثورة. وأوضح المصدر أن نظام الأسد برفقة مستشارين روس، كلفوا ضباطاً بإدارة هذا الملف، وتجنيد العملاء في تلك المنطقة. ولفتت الشبكة إلى أن نظام الأسد استدعى خلال الآونة الأخيرة عددا من المدنيين العائدين من مخيم الركبان، للتحقيق معهم والحصول على معلومات عن واقع المنطقة.

أما موقع "عين الفرات" فقد أكد أن اجتماعاً حصل بين ضباط من نظام الأسد وآخرين من القوات الروسية داخل مطار تدمر العسكري, تقرر على إثره إلغاء الحواجز والدوريات المشتركة مع ميليشيات "الحرس الثوري" الإيراني و"فاطميون" الأفغانية و"حزب الله"” العراقي في تدمر والسخنة شرق حمص.

في مواقف الإدارة الأمريكية, يمكن قراءة صعوبة عملها العسكري, أو حجم مساحة الرد لديها على تحرشات واستفزازات ميليشيات إيران خاصة على المسرح العراقي, نظراً للمهمة المحدودة للقوات الأمريكية في العراق, والمتعلقة فقط بمحاربة الإرهاب وتدريب الجيش العراقي, وأنها (أمريكا) قد تكون مضطرة بكثير من الأحيان لتبرير ضرباتها داخل العراق أمام مجلس الأمن, حتى في الحالات التي تأخذ فيها ضرباتها صفة "الدفاعية", وأيضا تهدف أمريكا لعدم إحراج حكومة "مصطفى الكاظمي" التي تحاول تحييد العراق, ومنع جعل العراق من أن يكون مسرحاً لتصفية حسابات دولية, لذلك نجد كثيراً ما تجنح الإدارات الأمريكية وعبر قيادتهم العسكرية في الشرق الأوسط, لتفضيل الرد العسكري ضد ميليشيات إيران أن يكون على المسرح السوري المنفلت والسائب والبعيد عن أي متابعات أو ملاحقات أممية.

لكن مع أنباء عن تغير في المزاج الدولي, وعن ملامح بانتهاء مرحلة الحرب على "الإرهاب السني", والانتقال للحرب ضد الإرهاب الحقيقي (الإرهاب الشيعي) المتمثل بميليشيات إيران, الذي يتهدد المنطقة والعالم, والذي تقوده حكومة ملالي طهران عبر مسارح جغرافية متعددة ... هل سنشهد عودةً أمريكية وزخماً عسكرياً أمريكياً_غربياً لملفات هامة طالما غابت عن استراتيجيتها في العقد الأخير؟؟

مع انتهاء اجتماع "روما" الذي حضره ممثلون عن (81) دولة تشترك بتحالف دولي للحرب على الإرهاب, وبعد اجتماع الدول الـ (14) الخاص بالشأن السوري ... هل نشهد تنسيقاً "عربياً أمريكياً غربياً", وتوجهاً دولياً جديداً, كانت أولى تباشيره بعودة الدعم الأمريكي للجيش اليمني في حربه على "الحوثيين", توجه يعيد التأكيد على أهمية أمن وسلامة واستقرار المنطقة, ويفرض على إيران عنوة سحب أدواتها التخريبية من البلدان العربية, والانكفاء نحو الداخل الإيراني, والتخلي عن بند "تصدير الثورة" من دستورها ومن أجنداتها التي تحاول تدمير كامل المنطقة وإخضاعها لمشروعها الفارسي؟؟

لا نملك إلا الانتظار.

التعليقات (1)

    hope

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    كلا الارهابين السني (القاعده-داعش) والارهاب الشيعي ( مليشيا ايران) مدعومان من ايران بطريقة او باخرى والعلاقه الايرانيه مع الغرب ظاهرها عكس باطنها. قادة ايران ينسقون مع المخابرات الغربيه في كل خطواتهم والعمليات التي نسمع عنا في ايران لذر الرماد في العيون لا اكثر. اللعبه لم تنتهي و دور ايران مستمرلتخريب دول اخرى. والعرب نيام.
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات