ثلاثة آلاف شخص يومياً.. لمدة 13 يوماً
بدأ توافد السوريين الراغبين بقضاء إجازة عيد الأضحى في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء الواقع في 6 تموز الجاري، أول أيام المدة المسموح بها للدخول إلى سوريا، وللحديث أكثر عن هذا الموضوع التقت أورينت نت (مازن علوش) مدير مكتب العلاقات العامة والإعلام في معبر "باب الهوى" الذي قال: "بعد توقف عملية الدخول من تركيا للسوريين الراغبين بقضاء إجازات الأعياد لأكثر من عام، جاءت الموافقة حالياً للسماح بالدخول إلى الأراضي السورية لقضاء إجازة عيد الأضحى المبارك، ويتم الدخول منذ 6 تموز ويستمر لغاية 18 تموز من العام الجاري، ويسمح بالعودة بعد انتهاء أيام العيد حتى نهاية عام 2021، حسب الدور المُراعى فيه وضع الإخوة القادمين إلى بلدهم" وأضاف (علوش): "من المتوقع دخول 35 ألف شخص عبر معبر باب الهوى بمعدل 3000 مسافر يومياً، بعد أن تمت الموافقة على طلبهم المسجل عبر روابط إلكترونية كانت قد أطلقت من الجانب التركي بالتنسيق مع إدارة المعبر، حيث يسمح لكل مسافر بحمل حقيبة شخصية لا يتجاوز وزنها عشرة كيلوغرام، وقمنا بدورنا باستنفار كافة كوادرنا البالغ عددهم 700 موظف لخدمة القادمين، وتجهيز عشرين حافلة للنقل المجاني، وتقديم تسهيلات وخدمات كثيرة من شأنها تسيير العملية بشكل سلس ومريح".
لكل مهجر قصة
ومع اللحظات الأولى من دخول الوافدين إلى ساحة معبر باب الهوى تختلط المشاعر وتمتزج دموع الفرح والحزن معاً والأمل الكبير بلقاء على تراب الوطن بعيداً عن مليشيا أسد وحلفائه الذين قَتلوا وهَجّروا وفرّقوا الشمل، وبوصول أولى الحافلات إلى المعبر بدت السعادة غامرة على الوجوه ودموع الفرج تملأ غالبية عيون القادمين.
السيدة (نورا أبو راس) إحدى أولئك الذين أجبرتهم الحرب والقصف وجحيم مليشيات أسد على مغادرة مناطقهم مرغمين حفاظاً على أرواح من تبقى من عائلاتهم، حيث حدثتنا وهي تبكي قائلة:
"أنا من بلدة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي خرجت إلى تركيا منذ خمس سنوات وكنت أزور أهلي عادةً في بلدتنا، واليوم بعد ثلاث سنوات من غيابي عنهم أعود لأزورهم في مخيمات اللجوء بعد أن سيطرت ميليشات أسد على بلدتنا، ولكن شعوري لا يوصف وسعادتي كبيرة بعد السماح لي بزيارة أهلي وأقاربي، وسوف أعود إلى تركيا بعد انقضاء فترة إجازتي والمقدّرة شهرين " .
من جهته تحدث لنا (عمار الغاوي) المهجر من ريف حماة عن شعوره باستقبال خبر السماح بقضاء إجازة العيد في سوريا قائلاً: "شعرت بالفرح الكبير بفرصة الحصول على متنفس بعيد عن ضغط العمل وجائحة كورونا، مع اشتياق قاتل للأهل والوطن وخاصة بعد غياب طويل عنهم، فأنا في تركيا منذ عام 2015 ويميز هذه الإجازة السماح لي باصطحاب أولادي الذين سوف يرون جدّيهم للمرة الأولى، وسوف أعرّفهم على أعمامهم وأخوالهم بل على كل شخص من مدينتي".
(ماهر درويش) أحد القادمين من تركيا حدثنا بدوره عن الوضع العام للسوريين فيها قائلاً: "واجهنا صعوبة التأقلم العام وتأمين العمل المناسب، وخاصة خلال فترة كورونا وحظر التجول، إضافة إلى ضعف دور التواصل الاجتماعي بسبب البعد والفراق، واليوم وبعد سبع سنوات أزور سوريا للمرة الأولى، لأرى من تبقى من أهلي بعد أن قتل وشرد نظام أسد الكثير منهم، ولا حول ولا قوه الا بالله".
أمنيات.. وتفاؤل بغد أفضل
"تراب الوطن أغلى من الذهب" عبارة قد تحكي لسان حال غالبية المهجرين إن لم نقل كلهم، فلا يمكن لأي مكان مهما بلغت سبل الراحة فيه أن يكون بديلاً عن مسقط الرأس، ولكن ما أرغمنا على المر هو الأمرّ منه..
" حاسس حالي طير حر" هكذا عبّر الشاب (محمد علوي) عن شعوره لحظة وصوله إلى الأراضي السورية بعد غياب دام سنة كاملة عن أهله ووالدته التي ينتظر رؤيتها بفارغ الصبر في مدينة سلقين بريف إدلب الغربي، ليقبل يديها ويأكل من طبخ يدها اللذيذ " حسب وصفه.
بينما أكد لنا (علي الياسين) أن لا بديل عن الوطن الأم، ولكن ظروف الحرب والإبادة الممنهجة والخوف على أرواحنا وأرواح أطفالنا هو ما دفعنا للنزوح إلى تركيا بعيداً عن بطش وإجرام الأسد وحلفائه،
وعبّر عن تمنّيه انتهاء الحرب والأزمة في سوريا وعودة المياه إلى مجاريها، واجتماع كل شخص بأهله وأحبابه، ولم شمل جميع المهجرين والعيش بقية العمر في سوريا أو حتى في محافظة إدلب على الأقل، ولكن عيشة آمنة لا وجود لقذائف الحقد أو طائرات الموت فيها، فليس هناك أحلى من الوطن".
من جهتها تحدثت (مريم الصافي) المهجرة من مدينة جسر الشغور عن سعادتها بالعيش في تركيا، ومتابعة دراستها وسرعة تأقلمها هناك، ولكن يبقى "الوطن غلّاب" ولا شيء يعوض الشوق للأهل والوطن، واليوم مع السماح لنا بالدخول إلى سوريا أشعر بسعادة لا يمكن وصفها، كوني سأتمكن من زيارة والديّ بعد أكثر من سنتين، وقد أعددت أجندة خاصة بجدول الزيارات لأصدقائي وأقاربي حتى لا أضيع ولا ساعة من إجازتي في سوريا".
أما بالنسبة للحاج (سعيد باشا العمر ) فيتمنى أن تكون هذه الإجازة الأخيرة، ولا عودة إلى تركيا، بعد إسقاط النظام، وعودة جميع النازحين واللاجئين إلى قراهم وبلداتهم في دولة مستقلة حرة كريمة ".
ويبقى شريط الذكريات يمر بصمت شوقاً وحنيناً لمن سكنوا تفاصيلها، إلى وطن برائحة الجنة، يغار منه الياسمين، وطن نصفه شهيد ونصفه لاجىء والباقي ينتظر وطناً يختزل شعور أبنائه قول الشاعر: مثلما يكمن اللظى في الرماد.. هكذا الحب كامنٌ في فؤادي.. لست مغرًى بشادنٍ أو شادٍ.. أنا صبٌّ متيمٌ ببلادي
التعليقات (0)