إعلاميان يكملان رواية مفاوضات مصادرة تلفزيون أورينت: غسان عبود بين الاعتقال والاغتيال!

إعلاميان يكملان رواية مفاوضات مصادرة تلفزيون أورينت: غسان عبود بين الاعتقال والاغتيال!
تعقيبا على ما رواه غسان عبود في مقاله الأخير الذي تناول فيه ظاهرة رجال الأعمال في سوريا  تحت عنوان "رجال الأعمال بين الحقيقي والزائف (3 من 5) حراس الأمّة السورية التاريخيون بين التجاهل والتنكيل!" والذي افتتحه بالحديث عن مفاوضات الشراكة على تلفزيون أورينت التي كان يسعى نظام الأسد إلى فرضها عليه عبر رامي مخلوف، كتب إعلاميان كانا على اطلاع على كواليس تلك المعركة، ليوضحا أجواء الصراع الذي كان يمكن أن ينتهي إلى اعتقال أو اغتيال غسان عبود في حال إصراره على التمسك بعدم التنازل عن ملكيته لتلفزيون أورينت. 

شهادة الإعلامي علي الرز: تأميم بطريقة المافيا!

الإعلامي اللبناني علي الرز، نائب رئيس تحرير جريدة (الرأي) الكويتية، كتب شهادته حول كواليس تلك المفاوضات فقال: 

"كيف يمكنك الابتعاد عن الكلام الشخصي وأنت تقرأ المقال الثالث للأستاذ غسان عبود عن رجال الأعمال السوريين ودورهم في دعم بلدهم وناسهم أو في دعم النظام. 

كنا مجموعة قليلة جدا من الأصدقاء على تماس ومعرفة بما كان يقوم به، وكان الأستاذ غسان حريصا على إحاطتنا بما يحصل من مفاوضات ومبادرات و"تمريرات" في وقت كان النظام قويا ويلعب دورا محوريا في المنطقة بل وتفتح له دول خليجية وعربية أبواب التعاون ظنا منها أن ذلك سيبعده عن التحالف المقدس مع إيران. 

للصراحة انتابنا الخوف آنذاك. كل هذه الآلة السياسية والأمنية بل نظام مافياوي بأمه وأبيه يحاور صديقا لنا هو رجل أعمال عصامي ابتدأ من تحت الصفر في أعماله ووصل إلى ما وصل إليه بمبادرة فردية. وكان رامي مخلوف صادقا جدا عندما رفع يديه في إحدى جولات التفاوض وقال لغسان ملوحا بيد: "عندك أورينت" (أي تلفزيون المشرق) ثم حرك يدَه الأخرى قائلا: "وعندي سورية" ، ثم خيّره بين إسقاط المواطنة والانتماء عنه وبين أن يبقى مالكا لتلفزيون يمكن أن تحول عوامل النظام التقنية دون وصول أثيره لاحقا إلى السوريين. ينتهي الاجتماع ويخبرنا بما حصل ويسألنا الرأي فيعطي كل منا رأيه وغسان صامت يستمع ثم ينهي "... خير إنشالله". 

 في إحدى جولات التفاوض قال رامي مخلوف لغسان عبود ملوّحاً بيد: "عندك أورينت"، ثم حرك يدَه الأخرى قائلا: "وعندي سورية" ، ثم خيّره بين إسقاط المواطنة والانتماء عنه وبين أن يبقى مالكا لتلفزيون أورينت

قبل الإكمال في هذه النقطة لا بد أن أوضح شيئا لم يتم تسليط الضوء عليه كثيرا. فرغم تأميم النظام عمليا لكل مناحي الحياة الفنية والثقافية في سوريا وإيصال فنانين مشهورين إلى قناعة التسبيح بحمده والحديث عن مكرمة الأسدين في دعم الفن والفنانين، وعلى رغم من امتلاك النظام لكل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ما خلا بعض محاولات تجميلية من قبل المافيا الجديدة للتحديث، إلا أن تلفزيون أورينت أحدث ثورة إعلامية ولم يحرك المياه الراكدة فحسب. أبلغني شخصيا رئيس مجلس إدارة أقوى الشبكات التلفزيونية الحديثة في لبنان أن "أورينت" ابهره رغم حداثة سنه وأن على وسائل الإعلام العربية وليس اللبنانية فحسب التنبه إليه مستقبلا إن نضج المشروع ومرت عليه سنوات من الزرع والحصاد.  

هذا الإبهار الذي قامت به مؤسسة إعلامية مستقلة يقودها رجل أعمال اعتمد المعايير المهنية للمنافسة في هذا القطاع، هز أيضا أصحاب القرار في سوريا. فأن يكمل "أورينت" مشكلة وأن يتوقف ممتاز بالنسبة لهم، وإن أصر صاحبه على الارتقاء به فيجب حرفيا أن يؤمم إنما بطريقة المافيا أي السيطرة على غالبية أسهمه وترك الفتات لصاحبه ومن ثم ابتلاع المشروع وإعادته تدريجيا إلى بيت الطاعة الإعلامي وفق المعايير السورية. 

ومن طبيعة القدر وليس من عجائبه، أن الإمبراطور الاقتصادي المؤمن الورع التقي رامي مخلوف تحدث في فيديو له قبل أيام عما تفعله به الإدارة الجديدة لسيريتل وكيف أكلت "حقوقه" عبر جمعية عمومية قال إنه سيذهب إليها كما ذهب النبي موسى مع رفاقه على أن يمده الله بقوة تفلق المنطقة بين الأعداء والبحر... صارت الهلوسة مذهبَ مَن لا دين ولا أخلاق ولا ضمير له. 

توقفت عند هذه المرحلة لأقول إن النظام السوري كان يملك المبررات لمصادرة "أورينت" بل أكثر من ذلك لتقييد حركة رجل بات يعطي رجال الأعمال في الخارج وبعض الداخل نموذجا على الانطلاق من دون الحاجة إلى دعم مافيا الحكم... فكان ما كان. 

إن النظام السوري كان يملك المبررات لمصادرة "أورينت" بل أكثر من ذلك لتقييد حركة رجل بات يعطي رجال الأعمال في الخارج وبعض الداخل، نموذجاً على الانطلاق من دون الحاجة إلى دعم مافيا الحكم

نعود إلى المفاوضات. كنا نستغرب من موافقة غسان آنذاك وقبل بدء الثورة على استقبال موفدين لبشار الأسد في أماكن إقامته سواء في الخليج أو أوروبا، فهؤلاء "شبيحة" ومعروف ماذا يريدون. لكنه كان يرحب بهم ويستضيفهم في الفنادق ويؤخر عمليات التفاوض وهي أشبه فقط بتلقي "رسائل" ويعطي الانطباع بأنه لا يمانع في الوصول إلى تسويات بل يطرح مبادرات وأفكارا جديدة تمدد في عمر المفاوضات.. حتى تمكن من إنهاء كل ترتيباته المتعلقة بالأسرة والأعمال، ثم كان الرد العملي عبر التغطية الرائعة والمؤثرة من قبل تلفزيون أورينت للحراك الشعبي السوري. يومها حاول أكثر من 10 أشخاص من النظام في سوريا الاتصال به لتهديده وردعه عن القيام ببث المظاهرات وبدء عمليه إعلامية – سياسية للمشاركة في إسقاط النظام... ويومها أقفل الهاتف وأعطاهم على الهواء ظهره (كي لا نقول شيئا آخر) وتعمد الوقوف مع فريق المحطة لقيادة عملية البث. 

من الشخصي إلى العام: 

لم تكن تجربة "أورينت" خصوصا أو أعمال غسان عبود عموما لتريح النظام في سوريا. فمن خلال العرض الذي قدم في هذه الحلقات صار البزنس في سوريا طبقة وإدارة ومشاريع، خاضعا لنموذج واحد معين يتحكم فيه النظام. إن تفلت تجربة من هذا النموذج وتقديم نموذج مختلف قد يقتدي به كثيرون فالموضوع يصبح بحاجة إلى ممارسة الهواية المعروفة عن هذه المافيا اي الاغتيال المعنوي أو المالي وصولا إلى الشخصي. 

ولا أدل على ما نقول إلا ما ورد في المقال من أن النظام نجح عبر إفقار الناس ليس في المال فحسب بل في طرق التفكير، في الوصول إلى مرحلة نزع تأييد السوريين في غالبيتهم لمنظومة تجارية شريفة عصامية إلى أن ترك هؤلاء التجار "وحدهم لسطوة الفاجر على التاجر!". 

النظام نجح عبر إفقار الناس ليس في المال فحسب بل في طرق التفكير، في الوصول إلى مرحلة نزع تأييد السوريين في غالبيتهم لمنظومة تجارية شريفة عصامية

وانتهى الإعلامي علي الرز إلى القول:

أخطر ما في المقال هو الربط بين خطة النظام الشيطانية لضرب رجال الأعمال الشرفاء والبرجوازية الوطنيين وبين إنهاء الطبقة الوسطى، وكل ما ذكره الكاتب في هذا المجال تثبت الأيام دقته.

شهادة الإعلامي أحمد سماق: وساطات من أعلى السلطات!

أما الإعلامي السوري أحمد سماق فقد كتب يقول تعليقا على المقال ذاته: 

" تراكم الأحداث التي شهدتها سوريا والمنطقة فاق طاقة عقولنا وأفكارنا، أغبط الأخ غسان على أمانته في سرد حقائق كنا شاهدين على بعضها آنذاك وعايشنا بعضها الآخر، واذكر يومها أن اثنتين من (الوساطات) التي كانت تستهدف غسان من قبل أعلى السلطات مرت عن طريقي".

التعليقات (3)

    السيف الدمشقي

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    فعلا اهم نقطة يا استاذ علي شيطنة التجار ورجال الأعمال التي انتقلت من الفكر البعثي الحقير لتعشعش في رؤوس كل السوريين. فكل تاجر شاميا كان ام حلبيا ام ادلبيا هو حرامي او مطية للنظام بنظرهم إن لم يتم إعدامه. وقتها يقولون كان شريفا

    hope

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    اكيد ان تغطية احداث الثوره السوريه ساعة بساعه و يوم بيوم على قناة اورينت من بدايتها حتى اليوم لا تصدر الا من شخصيه موثوقه وصاحب قرار حر. لاننا نحن اهل سوريا كنا نرى لاخبار المنشوره وكان ادقها يصدر من اورينت حتى غدت مصدرا لوكالات الانباء الاقليميه و العالميه تنقل عنها لمصداقيتها.مهما حاول البعض التشكيك الا ان صوت الحق يعلو ولا يعلى عليه.

    عبيده حناوي

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    الله يبارك في الناس الطيبة ????????????????
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات