ترحيل السوريين من أوروبا: مغازلة للنظام والروس أم خوف على الهوية؟

ترحيل السوريين من أوروبا: مغازلة للنظام والروس أم خوف على الهوية؟
منذ سنة 2015 شاءت الأقدار العابثة أن تسوق عدداً محدوداً من السوريين الفارّين من الحرب السورية إلى الدانمارك. هؤلاء اللاجئون الهاربون الهائمون على وجوههم عبر الجغرافيا الأوروبية الصعبة، رغم أنها كانت أرحم من نظام بشار وخامنئي وبوتين، كما كانت أرحم من حرس الحدود وقوات الشرطة والأحزاب اليمينية، لم يعرفوا أن وصولهم إلى أرض الدانمارك سيقودهم إلى معاناة جديدة، ويلقيهم إلى من لا يرحم ..

وعلى خلاف ما تريد الصحافة والأحزاب الشوفينية الدانماركية أن تقوله للرأي العام الدانماركي، فلم يأت السوريون إلى أوروبا زائرين أو سياحا أو طالبي علم أو مال، بل جاؤوها لاجئين هاربين من الموت والقمع والاعتقال. هربوا بأرواحهم وكراماتهم إلى مكان ظنوا به خيرا، فلطالما سمعوا وقرؤوا عن أوروبا حقوق الإنسان، الأرض التي تحفظ كرامة البشر وتحميهم من الظلم .

على خلاف ما تريد الصحافة والأحزاب الشوفينية الدانماركية أن تقوله للرأي العام الدانماركي، فلم يأت السوريون إلى أوروبا زائرين أو سياحا أو طالبي علم أو مال، بل جاؤوها لاجئين هاربين من الموت والقمع والاعتقال

هل غيرت الدانمارك ودول أوروبية تستقبل اللاجئين السوريين مواقفها المعلنة من النظام السوري؟ تلك المواقف بالأحرى ذلك الموقف المدين لارتكاباته. وأصبحت تميل إلى اتخاذ موقف جديد يقبل بقاءه أو لا يبالي ببقائه؟

وإلا لِمَ تعمد دولة ما على استقبال ثلاثين ألف لاجئ سوري، وبعد خمس سنوات أو أكثر تقرر إعادتهم بعدما خسرت المليارات على استضافتهم وتعليمهم، وبعد أن حقق جزء كبير من هؤلاء تقدماً في الاندماج فتعلموا اللغة وانخرطوا في سوق العمل؟ 

إذاً لا بد أن تكون أرباح الدانمارك الاقتصادية أو السياسية من إعادة اللاجئين أكبر من أرباح بقائهم في سورية طالما أنها تتجه إلى تطبيق مبدأ " صفر لاجئين " ما يعني تفريغ الدانمارك من اللاجئين تماما، على الأقل أولئك الذين وصلوا الدانمارك بعد 2015 السنة التي شهدت موجة لجوء هي الأعلى في تاريخ موجات اللجوء إلى أوروبا في العقدين الأخيرين..

وعلى سبيل المثال وبخصوص الجدوى والمنفعة الاقتصادية والسياسية نطرح هذا السؤال: لماذا لا تعيد الدانمارك الفلسطينيين إلى وطنهم فلسطين؟ هل تستطيع ذلك؟ وهل تتجرأ على طرح الموضوع أصلا؟ 

لا بد أن تكون أرباح الدانمارك الاقتصادية أو السياسية من إعادة اللاجئين أكبر من أرباح بقائهم في سورية طالما أنها تتجه إلى تطبيق مبدأ " صفر لاجئين " 

لكن هناك من يضع مسألة ترحيل اللاجئين في إطار مسألة الخوف على الهوية الدانماركية أو الألمانية أو الفرنسية ...إلخ التي تتعالى أصوات للحفاظ على نقائها والخوف من تغييرها مع ازدياد عدد اللاجئين القادمين من بلدان غير مسيحية أو غير أوروبية (لاجئو دول شرق أوروبا القادمين إلى غرب أوروبا وشمالها مسموح لهم البقاء). بحيث إن داعية فرنسي متعصبا لنقاء أوروبا الديني والثقافي يدعو لطرد كل المسلمين منها.

فيما يقول نشطاء فرنسيون إن مسؤولي الهجرة الفرنسيين يعتبرون مثل الدانمارك أن دمشق وريفها مناطق آمنة على ضوء مسرحية الانتخابات الأخيرة التي جرت برأي هؤلاء المسؤولين بشكل سلس لم يهددها أي طارئ أمني، ولذلك رفضوا منح عشرات السوريين شهادات اللجوء، ويضيف هؤلاء النشطاء أن هذا الموقف من سلطات اللجوء الفرنسيين منسجم مع موقف إسرائيلي يدعم لقاء بشار الأسد في الحكم.

التجربة المرّة.. والمثال الأفغاني المنقذ 

التجربة الدانماركية كانت مؤلمة بل سيئة بأغلب مفرداتها ومراحلها، كما سمعنا من لاجئين سوريين عاشوها طوال سنوات، فمن عاش في الدانمارك لا شك أنه خبر العنصرية والبيروقراطية إلى جانب آلام الفقد والابتعاد عن الأهل والأبناء .. وها هو لاجئ سوري تلقى خبر سحب إقامته ليسقط على الفور صريعا بأزمة قلبية، وها هو لاجئ ثان سُحبت إقامته يعلن إضرابا مفتوحا عن الطعام، فيما تستمر اعتصامات لاجئين سوريين وداعميهم من الدانماركيين أمام مقر الحكومة وفي مدن عديدة ..

نعم، إن ما يطبخ في الدانمارك خطير، ويجري التعامل معه كبالون اختبار .. فهناك في برلين وعواصم أوروبية أخرى من يراقب المعركة في كوبنهاجن ويستعد بدوره للانقضاض على اللاجئين السوريين فيضيق عليهم بمزيد من القوانين أو يعدّ العدة لترحيلهم. 

لابد أن الجميع يعلم أن ترحيل اللاجئين السوريين إلى سورية قبل سقوط نظام الأسد بأجهزته الأمنية الوحشية ومعسكرات اعتقالاته الرهيبة يعني أن مجزرة تنتظرهم في سورية .. وربما يجري الآن تهيئة مكان ما في دمشق كمعسكر اعتقال كبير لهم.

فهل ننتظر القدر ليصعقنا بمفاجأة لا يتوقعها أحد من اللاجئين الذين ينتظرون ترحيلهم، كأن يخرج رئيس النظام السوري ليقول صراحة إنه يرفض عودة أي لاجئ سوري إلى سوريا مهما كلف الأمر ؟؟، وهو أمر فعلته أفغانستان بشكل عملي أوائل هذا الشهر حزيران، حيث إن السلطات هناك رفضت عودة أربعين لاجئا أفغانيا إلى أراضيها، فما كان من الطائرة التي أقلتهم إلى مطار كابول إلا أن عادت بهم إلى ألمانيا ... 

ولنا أن نتخيل مقدار الفرح والبهجة التي هبطت على هؤلاء الأربعين لاجئا، لقد كتب لهم عمر جديد.

ما يطبخ في الدانمارك خطير، ويجري التعامل معه كبالون اختبار .. فهناك في برلين وعواصم أوروبية  ما يطبخ في الدانمارك خطير، ويجري التعامل معه كبالون اختبار .. فهناك في برلين وعواصم أوروبية أخرى من يراقب المعركة في كوبنهاجن ويستعد بدوره للانقضاض على اللاجئين السوريين 

اقتراح لحل المشكلة

أعلن رئيس بلدية قرية إيطالية قرب نابولي عن وضع مئات البيوت للبيع مقابل يورو واحد بشرط وحيد إجراء صيانة البيت خلال ثلاث سنوات بتكلفة لا تتجاوز 15 ألف يورو. 

على خطى الرجل مضى رئيس بلدية قرية إيطالية تعاني من هجرة سكانها إلى المدن، وكذلك عمدت 23 قرية أخرى إلى عرض بيوتها المهجورة للبيع مقابل يورو واحد لأي مشترٍ ينتمي إلى سكان الاتحاد الأوروبي.

ترى أليس من الأفضل للحكومة الدانماركية والاتحاد الأوروبي ترحيل اللاجئين السوريين الألف بمن فيهم الذين لم تقبل طلبات لجوئهم إلى هذه القرى شبه المهجور في الريف الإيطالي مع زيادة مال العودة خمسة عشر ألف يورو ليصبح أربعين ألف يورو لكل مُرحّل، وهذا الحل قد يكون مناسبا لكل الأطراف الدانمارك وإيطاليا والمُرحّلين، فالسوريون عموما شعب زراعي تجاري متوسطي يمكن له الانسجام في حياة القرى، وقادر على إحيائها خلال سنوات قليلة.

التعليقات (1)

    hope

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    التطرف واحد يمين او يسار. علماني او اسلامي. كل اشكال التطرف تعلن ان من يخالفها يجب انزال اشد العقوبه عليه ( باختلاف الثقافات) بمعنى بعضها يقتل من يخالفه والاخر يمنع عنه ابسط حقوقه كانسان وهو العيش الكريم حيث شاء والاخر يستبيح كل شيء لمن يخالفه بداعي انه اقل شانا و دونه منزله. برايي التطرف اليميني لا يقل عن تطرف داعش . والحرب العالميه الثانيه ليست بعيده والتي تسبب بها اليمين المتطرف في اوروبا ( نازيين و فاشيست)
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات