رجال الأعمال بين الحقيقي والزائف (3 من 5) حراس الأمّة السورية التاريخيون بين التجاهل والتنكيل!

رجال الأعمال بين الحقيقي والزائف (3 من 5) حراس الأمّة السورية التاريخيون بين التجاهل والتنكيل!
حين انهارت مفاوضات الشراكة على تلفزيون أورينت تماما بإصراري العنيد على شروط شراكة عادلة؛ في الاجتماع الثالث والأخير مع العميد مناف طلاس في دمشق، 4/8/2010، وكان حينها مسؤولا كبيرا في الحرس الجمهوري ويجتمع معي بصفته مفاوضا عن بشار أسد، في محاولة لفرض الشراكة مع بشار. عرفت أني يجب أن أغادر سورية بسرعة قبل تدبير عملية لاغتيالي، هُددتُ بها في الاجتماعات الثلاثة.

ما أبقاني آنذاك بعيداً عن محاولة اغتيال مدبرة، هو إدارتي لعملية تلاعب دقيقة اعتمدتُ فيها على استثمار الوقت، وخلق إحساس لديهم أني أصبحت لقمة في فمهم يلوكونها ومع الوقت سيهضمونها. وأنا تركتُ اللقمة في فمهم ولم أسحبها، فلو فعلت ورفضت لحل غضبهم الإجرامي عليّ، كما لم أتركهم يبتلعونها، ولو فعلت وشاركت لانتهيت كما انتهى كثير من رجال الأعمال السوريين قبلي وبعدي! 

وذلك منذ لقائي الأول برامي مخلوف، 27/3/2009، والذي كان طلب التوقيع على عقد شراكة إذعان يأخذون* فيه حصة 92,5% من تلفزيون أورينت/ المشرق سابقا، ويتركون لي 7,5%، والمُحكِّم ابن عمه، وليس حتى المحاكم السورية(!؟) مقابل أن أكون عضوا في شام القابضة التي هي مجرد صندوق فارغ لا قيمة له، لكنها تسعى للقبض على عموم طبقة الأعمال السورية. 

مرت سنتان قبل أن ينقذني الربيع العربي الذي فضح ضعفهم. ففي صباح اليوم التالي لهروب رئيس تونس الأسبق زين العابدين بن علي، توقفتْ كل أشكال ضغوطاتهم اليومية عليّ، والتي لم تنقطع منذ لقائي برامي مخلوف. كان لا يمكنني قبل انفجار الربيع العربي أن أقول لهؤلاء المجرمين لا  فهذا يعني التصفية لي ولمن يلوذ بي، ولا يمكنني أن أقول نعم  فهذه ستكون موافقة كاملة مني على تمكينهم من أموالي واستخدامي ممسحة لطاولاتهم، كما فعلوا مع جميع رجال الأعمال السوريين الذين شاركوهم عنوة أو جشعا؛ إذ حوّلوهم إلى مطايا للفساد ثم بعدما امتصوا ثرواتهم، استخدموهم قضايا في لعبة مكافحة الفساد لتلميع النظام الأسدي الطائفي الفاسد وذرّ الرماد في عيون السوريين. 

بإمكانكم أن تتخيلوا حجم التجارب والآلام التي دخلتُ بها على يد المجرم أسد طيلة تلك المدة. فقط تخيلوا أن تكون دولة بأجهزتها الأمنية وحكومتها، من أحقر موظف مدني أو أمني في مدينتي إدلب إلى أعلى موظف في الدولة، وزراء ورئيس وزراء، يعملون ضدي؛ كيفما تحركت لا ألمس إلا عرقلة وغضبا، فاعتراني الهمّ والترقب والخوف وأمراضها.

هذا هو حال مجتمع الأعمال السوري طيلة نصف قرن يرزح تحت التسلط الطائفي والفساد، بعضه يقع وبعضه يقاوم، وبعضه زائف، بالتالي ضاعت جهوده في خضم هذه العملية الخشنة عن المشاركة في إنماء وتطوير المجتمع، والتي أصبحت خارج حساباته فجلُّ حساباته البقاء! لذلك بدأت تموت في داخل مجتمع الأعمال روح البرجوازية الوطنية والرأسمالية المنتجة للتطور والممولة له وروح المبادرة الفردية، وتموت معها قيم تلك الطبقة النبيلة في مسعى لتحويلها إلى سقاط المجتمع!؟ مع ذلك ورغم الضغط الهائل الذي تتعرض له هذه الطبقة لا تجد لها سندا من مجتمع حفظته نحو ألف سنة ولا حتى مدافعا!؟ كل الطبقات التي اضطهدها النظام الأسدي وجدت من يدافع عنها ويعيد لها وقارها ويساندها، العمال والفلاحون والنخب الثقافية التي بيدها القلم(!؟) والعسكر المطرودون من الخدمة خلال حكم البعث الطائفي قبل حكم أسد الأب وأثناءه، وحتى الإخوان المسلمون تعاطف معهم الناس بما تعرضوا له من ظلم؛ وحدهم حراس الأمّة السورية التاريخيون طبقة الأعمال لم يجدوا من يساندهم، ولا تزال طبقات المجتمع الأخرى تلومهم بالكثير والقليل وتشنّع عليهم وتتهمهم بما ليس فيهم، كما بيّنا في المقالات السابقة! مع كل تلك السياسة الغليظة عليهم لا يزالون وحدهم صامدين، حتى عندما يُضربون ولديهم الكثير ليخسروه إن فعلوا، لا تنزل طبقات الأمّة معهم لحماية إضرابهم وحماية أرزاقهم، بل يتركونهم وحدهم لسطوة الفاجر على التاجر!

كل الطبقات التي اضطهدها النظام الأسدي وَجدتْ من يدافع عنها ويعيد لها وقارها ويساندها، العمال والفلاحون والنخب الثقافية التي بيدها القلم(!؟) والعسكر المطرودون من الخدمة خلال حكم البعث الطائفي، وحتى الإخوان المسلمون تعاطف معهم الناس بما تعرضوا له من ظلم؛ وحدهم حراس الأمّة السورية التاريخيون طبقة الأعمال لم يجدوا من يساندهم، ولا تزال طبقات المجتمع الأخرى تلومهم بالكثير والقليل وتشنّع عليهم

عقب مجزرة الحولة أواخر أيار 2012، والتي نفذتها مجموعات طائفية علوية، بإيعاز من بشار أسد شخصيا، قُتل فيها ذبحا 108 أشخاص من السُنة العرب نصفهم من الأطفال، عمّ الإضراب الأسواق الدمشقية التاريخية الشهيرة، كالحميدية ومدحت باشا والحريقة والبزورية وباب الجابية وسوق مكتبات الحلبوني، وسوق البحصة وبرج دمشق وشارع خالد بن الوليد وزقاق الجن، وكذلك أسواق أحياء الميدان والقدم وكفرسوسة والقابون وبرزة، والقدم وعسالي وحوش بلاس وجوبر، وغالبية مدن وبلدات ريف دمشق، مارست قوات الأمن تكسير المحلات لفك الإضرابات في العاصمة، بينما كانت شوارع أغلب المدن السورية تزدحم بمظاهرات الاستنكار.

المجرم الطائفي بشار أسد كان استدعى عددا من رجال الأعمال والتجارة الدمشقيين التقليديين وخاطبهم: "سمعت أنكم تفكرون بدعم الثورة. لو تأكدت من ذلك سأجعل سوق الحميدية والبزورية ومدحت باشا والحريقة دمارا كما فعلتُ بحي بابا عمرو في حمص". ثم طردهم بصلافة"!

كنتُ قد  قدّمتُ لكم أنواع طبقة الأعمال السورية خلال المقالات السابقة، في مجموعة من الأمثلة والعيّنات عن رجال الأعمال السوريين لتعرفوا جيدا عمّ نتكلم ولتكون المقارنة والحكم أوضح عليكم، ولا تأخذكم دعايات إعلام أسد المحلي أو الخارجي الممول وزبانيته والببغاوات التي تردد دعايته التي مزقت السوريين ألف ممزق وشككت بعضهم ببعض.

تؤكد الأمثلة التي قدمتها أنه لا يمكن النظر إلى مجتمع الأعمال السوري ككتلة واحدة بعد انقلاب البعث 1963. وبأنهم جميعا دعموا أسد الأب والولد، كما حاول إعلام أسد المحلي الخارجي الممول وماكينة الثورة المضادة، ومعهم أغبياء النشطاء أن يصوروا لكي يعزلوا التجار السوريين عن الثورة، ضمن سياسة تمزيق الشعب السوري، كما قلنا لتصبح الأقلية الحاكمة أقلية بين أقليات.

عقب مجزرة الحولة أواخر أيار 2012، عم الإضراب الأسواق الدمشقية التاريخية الشهيرة، وغالبية مدن وبلدات ريف دمشق. مارست قوات الأمن تكسير المحلات لفك الإضرابات في العاصمة، بينما كانت شوارع أغلب المدن السورية تزدحم بمظاهرات الاستنكار.

انطلقت الثورة في درعا ثم ما لبثت أن شملت عموم سورية، عدا مدينة حلب ومحافظة طرطوس. ولكل منطقة أسبابها الخاصة مع اشتراكها بالعام: ففي درعا كان الاعتداء على كرامة الناس والإساءة لشرفهم في خطاب رئيس الأمن السياسي لشيوخ العشائر حين طالبوا بالأطفال المحتجزين لأنهم كتبوا الشعار الموسيقي الرائع: (الشعب يريد إسقاط النظام) على الجدران، هو الذي فجّر شرارة الثورة، وطبعا أيضا أحد أهم أسبابها اقتصادية، وهي البطالة وسوء التصدير وقلة تصنيع المنتجات الزراعية، ما أدى إلى تدني أسعارها وأحيانا تلفها. ومثل ذلك يمكن قياسه على عموم سورية، عدا ريف دمشق الذي يُعتقد أن السبب الرئيسي لثورته هو سرقة الأراضي من الناس باسم الحكومة عبر قوانين الاستملاك، ثم تحويل ملكيتها إلى "رجال أعمال" النظام في الدائرة المحيطة به، كمخلوف وغيره وهؤلاء جميعهم يعملون لدى بشار أسد واجهات ومرابعين، ثم إعادة طرحها للبيع كأراض معدة للبناء بأسعار تفوق مئة ضعف!

أما في حلب فثمة عدد كبير من مجموعة الأعمال التقليديين، تجارا وصنّاعا من عائلات حلب التقليدية الشهيرة، هاجرت بعد الهزات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرضت لها المدينة سواء في زمن التأميم 1958-1970 أو في زمن السياسات الطائفية التي مارسها أسد الأب القائمة على قانون الاستيلاء على الأراضي والعقارات والمصانع وإخفاء وامتهان طبقة الأعمال التي ترفض الانصياع. 

لكن دعاية وسائل الإعلام الأسدية ضد الثورة توافقت مع رغبات بعض رجال الأعمال التقليديين الحلبيين وكل "رجال الأعمال الجدد" من السقاط والفهلوية المرتبطين بأجهزة مخابرات أسد التي صنعتها وسهّلت نموّها. وهذا بدوره أثر على إبقاء الطبقة العاملة غير المتعلمة مترددة تخاف على مكاسبها الجيدة. فالنخبة الحلبية بشقيها ظنت أنها تدين بازدهارها خلال العقد الأول من حكم بشار أسد "لحكمة" سياسته، في حين أن غزو العراق وتغير العلاقات الدولية بين دول المنطقة لعبت دورا مهماً لصالح مدينة حلب؛ لذلك اعتبرت طبقة الأعمال أن الثورة جاءت في توقيت غير مناسب لحلب، فتجار حلب كانوا لا يزالون يجنون ثمار الظروف الطارئة التي ذكرناها، كذلك فعل الصنّاع لأن المصانع في أوج إنتاجها، بعضها كلف شراؤه أموالا طائلة، لم تأتِ بعد بمردود تغطية تكاليفها، حتى طبقة العمال وصغار الكسبة التي انتعشت نسبيا بانتعاش الحركة الاقتصادية التي جعلت جميع المهارات العمالية مهارات مطلوبة، بما فيها المهارات اليدوية والمتدنية، أيضا لم تحبذ الثورة ولم ترَ فيها فتح خير، لذلك كانت النفسية الحلبية جاهزة لتقبل دعاية نظام أسد بأن الثورة مؤامرة وتقبل المعلومات الخاطئة حولها. 

النخبة الحلبية بشقيها ظنت أنها تدين بازدهارها خلال العقد الأول من حكم بشار أسد "لحكمة" سياسته، في حين أن غزو العراق وتغير العلاقات الدولية بين دول المنطقة لعبت دورا مهماً لصالح مدينة حلب؛ لذلك اعتبرت طبقة الأعمال أن الثورة جاءت في توقيت غير مناسب لحلب

طبعا معلوم للجميع أن سورية دولة أمنية تحكمها عشرات أجهزة الأمن الطائفية بالقوة. والخوف من الأجهزة الأمنية الطائفية أدى إلى إحجام كثير من كبار التجار داخل سورية عن التحدي العلني، عدا قلة من تجار دمشق، اضطروا فيما بعد لمغادرة دمشق. خسروا أموالهم وربحوا شرفهم! 

كما إن عنف النظام الإجرامي إلى حد اللامعقول والمجازر الجماعية وتهديم مدن وبلدات بأكملها واستهداف الأحياء والمساجد في دمشق القديمة والمدينة القديمة في حلب، والاغتيالات وإطلاق النار العشوائي على المتظاهرين، جعلهم يُحجمون عن المشاركة العلنية والفاعلة، لكنّ الثورة صحيح أن  العاطلين عن العمل والفاقدين الأمل من جيل الشباب أشعلوها، وكذلك العمال والفلاحون وصغار الكسبة والطلاب، الذين ادعى الطائفيون أن انقلاب البعث جاء لتحسين أوضاعهم ضد الإقطاع والبرجوازية، هم أهم الفئات التي شاركت فيها بقوة وأمدتها بالحياة.

توسع الطبقة العاطلة عن العمل كان سببه انهيار الطبقة الوسطى التي هي عصا توازن طبقات المجتمع ومؤشر صحته. إن تمددت وزاد عددها كان المجتمع سليماً معافى، وإن قل اعتُبر المجتمع مريضاً والأمّة في طريقها إلى الانهيار. انهيارها جاء بسبب توقف الصناعات الحقيقية بعد محاصرة الصناعة وتأميم المصانع ثم تركها للخراب وتحويلها مراتع للبطالة المقنعة. المشاريع الصناعية التي قام بها "رجال أعمال" المافيا الأسدية، معظمها خدمية كالمطاعم والصناعات التحويلية الخفيفة، التي كانت محل سخرية المجتمع السوري كالعلكة والمصاصات! لم تقدم خدمة للطبقة العاملة الحقيقية ولم تستفد منها الطبقة الوسطى، لأنها كانت قائمة على عمالة مزيفة كجلب العسكري "المْفيّش"** للعمل فيها بديلاً عن ذهابه للمعسكرات، أو يعمل بها صغار أفراد المخابرات كعيون على تجمعات السوريين، أو للقادمين من قرى الجبال(!) فالطبقة الوسطى تنشأ وتتمدد في ظل الاقتصادات والمؤسسات السليمة الفاعلة، ولذلك تحول أغلب الطبقة الوسطى، التي كان عزّ ألقها وتمددها في أربعينات إلى منتصف سبعينات القرن الماضي، إلى طبقة الرعاع التي هي حزام الفاشية ويدها الضاربة لانحطاط قيمها ورخص تجنيدها. وهذه سياسة قصدية تحضيرا لقمع المجتمع عند انفجاره بالثورة، لذلك كانت طبقة الرعاع جاهزة لتكون درعاً من دروع إجرام نظام بشار ضد أهلها، ضد المجتمع السوري: فمثلاً تقاضى المجند الرعاعي في المليشيات الإيرانية والأسدية 50-70$، شهرياً، والمرتزق خارج سورية أقل من 100$! 

تعتبر الفئة المتوسطة من التجار المحليين في عموم مدن وبلدات سورية هي الممول الأساسي للثورة، لانتمائهم لبقايا الطبقة الوسطى، وكانوا من أكثر الفئات فعالية فيها، ووفروا لها وسائل النقل وتكاليف التنظيم والتصميم وعلاج الجرحى، وقدموا لها الخدمات اللوجستية، الماء والطعام والمشروبات واللافتات..، كما ساعدوا عائلات الشهداء المنكوبين بمعيليهم. 

الطبقة الوسطى تنشأ وتتمدد في ظل الاقتصادات والمؤسسات السليمة الفاعلة، ولذلك تحول أغلب الطبقة الوسطى، التي كان عزّ ألقها وتمددها في أربعينات إلى منتصف سبعينات القرن الماضي، إلى طبقة الرعاع التي هي حزام الفاشية ويدها الضاربة لانحطاط قيمها ورخص تجنيدها

الثورة والمعارضة

إذاً كما أسلفت، معظم رجال الأعمال التقليديين وأغلبية رجال الأعمال المهاجرين مؤقتا، كرهوا نظام أسد ووقفوا ضده وساعدوا الثورة ما استطاعوا، وخصوصا في السنتين الأوليتين لانطلاقها، واستمر الدعم لكن بزخم أقل في السنة الثالثة بسبب ظهور داعش والنصرة، وسنتحدث في هذا المحور في المقال القادم! 

لكني في هذا المحور أتحدث عن موقف طبقة الأعمال من المعارضة المنظمة التي تمثلت في المجلس الوطني والائتلاف وهيئة المفاوضات والحكومة المؤقتة. لا أعتقد أن عددا كبيرا من طبقة الأعمال وقف بشكل جلي ظاهر مع هذه التجمعات، وإن كان كثير منهم بارك إنشاءها وتمنى لها النجاح. البعض وجد فيها فرصة للمشاركة وربما لتحقيق شهوة الحضور السياسي، فمنهم من استوزر ومنهم من أصبح عضوا في عدد من الهيئات وترددت أسماء كثيرة، كوليد الزعبي وأحمد الجربا ومعتز الخياط، كما دخل عدد من رجال الأعمال من الدرجة الوسطى كيحيى قضماني وغيره. دعمت قطر عددا من هذه الفئة المتوسطة كأحد أصحاب المطاعم وصاحب محل أدوات صحية ليكون طريقها لإيصال الدعم المالي والأوامر القطرية لأجهزة المعارضة، وجميع هؤلاء من فئة رجال الأعمال المهاجرة مؤقتا، أما من الداخل السوري فدعم الثورة بقوة عدد من رجال الأعمال، وفيهم عدد من الدمشقيين نذكر منهم التاجر الدمشقي المعروف محيي الدين حبوش.

 لكن على العموم أحجم كثير من رجال الأعمال عن دعم تلك الهيئات لسبيين،

 الأول: أن جميعها هيئات مدعومة من دول لها مصالح في سورية.

الثاني: أن النفسية السورية تربّت في نصف القرن الأخير على حب التقرب من أجهزة الاستخبارات، لذلك لم تسعَ الشخصيات القيادية في هذه الهيئات للتفاهم مع طبقة الأعمال، إنما سعت إليهم كمحفظات نقود يدفعون لهم فقط وليس ليشاركوهم القرار والتحديات كطبقة لها احترامها ورؤاها وثقافتها ومتطلباتها!؟ 

النفسية السورية تربّت في نصف القرن الأخير على حب التقرب من أجهزة الاستخبارات، لذلك لم تسعَ الشخصيات القيادية في هذه الهيئات للتفاهم مع طبقة الأعمال

قيادات تلك المنصات، وما أكثرها، كان مسعاها منصبّاً على إرضاء أصغر موظف في خارجية أية دولة منخرطة في الشأن السوري، ولم يهمها السوريون بكل فئاتهم وطبقاتهم بما فيها طبقة الأعمال!؟ كما إن الانقسام المريع داخل هيئات ومجالس المعارضة والفساد أو عدم الأهلية الإدارية، أو كليهما لعدد من الشخصيات القيادية في تلك الهيئات والتي ضجّت وسائل الإعلام بهم وبسوء سلوكهم، وكذلك احتكار المناصب لأجل تسميات طنانة فارغة المضمون وتداولها بين ثلة من الصعاليك، وشخصنة المواقف عزز رواية النظام بأنها: "هيئات فاشلة غير قادرة على إدارة مدرسة ابتدائية"!*** 


هوامش: 

* أعلاه: صورة طبق الأصل عن عقد الشراكة الذي أرسله رامي مخلوف للاستيلاء على تلفزيون أورينت. تنشر لأول مرة. 

** مصطلح أطلق على العسكري الذي يدفع راتبا شهريا للضابط كي يغطي هروبه من الخدمة العسكرية، وصل عددهم إلى عشرات الآلاف. وهي تخصص الضابط العلوي.

*** قول لفاروق الشرع نائب المجرم بشار أسد 


- لقراءة المقالات الخاصة بالقضية الكردية

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة  PKK (1 من 3)

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة PKK (2 من 3)

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة PKK (3 من 3)

لقراءة جميع مقالات الكاتب السابقة اضغط هنا

التعليقات (4)

    السيف الدمشقي

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    بوركت يداك يااستاذ غسان بوركت أيها الحر ماكتبته عن تجار الشام لا يصدر إلا عن رجل وطني منصف ومحب ومتحرر من الأمراض والاحقاد يدرك مسؤولياته ويعرف قدر الناس. منتهى الانصاف ومنتهى الصواب في تحليل جرائم هذا النظام الفاسد الذي لم يترك للشرفاء من كل الفئات إلا أن يموتوا قهرا او يهاجروا أو يتحولو الى عبيد.

    علوي علماني

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    مع اعترافي انك تعبان جدا عمقالاتك ومانك متكتب لمجرد الكتابة. لكن مقالاتك عن رجال الأعمال خطيرة جدا لانها تهدف لإعادة هيمنة رجال الاعمال السنة وتجار الشام وحلب الجشعين علي الاقتصاد السوري وشيطنة ما عداهن.. وابدي اذكر "مين ما عداهن" لاني علماني ومنسلخ عن الطوائف كلا.. وهذا خطير عمستقبل سوريا اذا هنت هيك متفكر

    محي الدين حبوش

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    الأستاذ غسان وكما عودنا دائما بكتابته للمواضيع الجريئة والتي لا يتطرق إليها إلا من يعرف أهميتها في حركة حياة الوطن السوري، وضع النقاط على الحروف، وعرّى أمام القارئ نقائص بعض التجار الذين ربطتهم توأمة الفساد مع النظام، وجلّى محاسن البعض الآخر، المقال فيه من الواقعية وتوصيف الحال ورصانة الصياغة مايجعل القارئ لا يتجاوز حرفا مما فيه. بوركت، وبورك قلمك الحر، والذي يضيف للمتابع في كل مرة كمّا من المعلومات القيّمة بأسلوب شيق جدا.

    Hope

    ·منذ سنتين 8 أشهر
    ما حصل مع الاستاذ غسان هو ما حصل مع السوريين جميعا. العرف هو ان يحصل الحاكم على شرعيته من الناس و محبتهم و دعمهم.في سوريا السفيه حاول عكس المفهوم بان اراد اعطاء الشرعيه للشعب من منظوره باعتباره الحاكم المطلق و من حقه استباحة كل شيء. ففقد كل شيء.
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات