على مدار حلقتين.. تفتح أورينت ملف الأجهزة الأمنية لنظام الأسد الأب والابن.. في ضوء الوثائق التي تسربت خلال سنوات الثورة والتي عُثر عليها في مقرات الأفرع في بعض المناطق التي اقتحمها الثوار.. ثم صارت في عهدة مراكز البحث هنا وهناك. موضوع كتب عنه الكثير.. وسيكتب الكثير.. طالما هناك سلطة تصادر حق السوريين في كل شيء في الحياة متى أرادت ذلك.. حتى حقها في الموت الرحيم دون فظائع التعذيب التي اختصت بها تلك الأجهزة. (أورينت نت)
تنبؤات ومؤامرات واعتراف بجرائم محتملة!
في تمّوز 2016 خرج تحليل أجراه "المركز السوري للعدالة والمساءلة" لحوالي 5003 صفحات من الوثائق التي عُثر عليها في مقرّات المخابرات التي تمّ الوصول إليها، بعدد من النتائج المتعلّقة بالفهم التقليدي لدور كلّ جهاز أمني استخباراتي في أحوال الدولة السورية، وتمّ تصنيف النتائج إلى عدّة مواضيع رغم التداخل الكبير بينها، وأهمّ هذه المواضيع ممارسات الرصد والمراقبة التي استخدمتها هذه الأجهزة، المعتقلون وقوائم المطلوبين، قواعد الاشتباك، الاعترافات بجرائم محتملة، قمع الأكراد والأقلّيات الأخرى، التنبّؤات المستقبلية والمؤامرات.
من الناحية التنظيمية سنجد أنّ البُنى الهيكلية لأجهزة الأمن في سوريا، أي القوى الأمنية من غير الجيش والشرطة تتشابه كثيراً، فكلّها تتكوّن من إدارات تتبعها فروع مركزية في "دمشق" وفروع لا مركزية في المحافظات، وكلّ فرع من الفروع اللامركزية هو نسخة مصغّرة عن إدارته، فيتكوّن من أقسام تمارس نفس الأدوار التي تقوم بها الفروع المركزية في الإدارات، وحتّى قيام الثورة كان في سوريا خمسة أجهزة أمنية رئيسية هي: شعبة المخابرات، إدارة الاتّصالات، إدارة المخابرات الجوّية، إدارة المخابرات العامّة، وشعبة الأمن السياسي.
طبعاً.. هذا لا يعني أنّها لم تعد موجودة أو تغيّرت بعد الثورة، بل تمّ استخدام أجهزة أخرى وميلشيات كثيرة سورية وغير سورية، لقمع الثورة.
ستزيد أشكال ووظائف "الأجهزة الأمنية" وأعداد عناصرها في أيّة دولة، كلّما انخفضت مؤشّرات "الديمقراطية" فساد الفساد وساء تطبيق القانون، ما انطبق على الحالة السورية لعقود خلت.. وفيما يلي تعريف بأبرز تلك الأجهزة.
شُعبة المخابرات: فروع وأقسام ومفارز!
وتعرف بشعبة الأمن العسكري، تتبع تنظيمياً لوزارة الدفاع، وتصدُر مراسلاتها عن القيادة العامّة للجيش والقوّات المسلّحة، وهي عملياً الجهة الاستخبارية الخاصّة بالجيش والمسؤولة عن أمنه، يتبع لها فروع مركزية في "دمشق"، أهمّها الفرع الإداري، فرع أمن القوّات المسلّحة، فرع التحقيق، فرع الدوريات والمداهمة، فرع المعلومات، فرع الجبهة "سعسع"، وفرع "فلسطين"، وفروع لا مركزية في المحافظات، لها أقسام تمارس نفس أدوار الفروع المركزية، ولكثير من هذه الفروع أقسام أو مفارز في المناطق والنواحي.
وللعلم فإن لجميع الفروع المركزية واللامركزية أرقاماً ثلاثية، كفرع فلسطين 235، وفرع التحقيق العسكري 248، فرع إدلب 271، فرع حمص 261، إلخ.
إدارة الاتّصالات: سحبت البساط من تحت الأجهزة الأخرى!
وهي أحدث إدارة شكّلها نظام أسد، فقد تمّ تأسيسها في 2010 بعد اندلاع الثورات العربية، لمراقبة المواطنين والمؤسّسات والقوى الأمنية، وأعطيت لها صلاحيات غير قانونية واسعة، تحسّباً من حدوث مطالبات مماثلة في سوريا، ولقد سحبت البساط من تحت الأجهزة الأمنية الأُخرى بسبب امتلاكها لـ "سلاح الاتّصالات". أُلحِقَت هذه الإدارة تنظيمياً بوزارة الدفاع، وتمّ تشكيلها بتوحيد (الفرع الفنّي، فرع الاتّصالات، وفرع الإشارة) التي كانت فروعاً مركزية في شعبة المخابرات، وكان الهدف من إنشائها تأسيس منظومة مركزية لمراقبة الاتّصالات بكلّ أنواعها، ومراقبة الإعلام الداخلي والخارجي، وحماية القيادات الأمنية من التجسّس، والتجسّس عليها أيضاً.
إدارة المخابرات الجوّية: لبنة حافظ الأسد الأولى
تتبع تنظيمياً لوزارة الدفاع أيضاً، فالوثائق المسرّبة عنها تشير إلى استعمال الترويسة التالية في المراسلات: (الجمهورية العربية السورية، القيادة العامّة للجيش والقوّات المسلّحة، قيادة القوى الجوّية والدفاع الجوّي، إدارة المخابرات الجوّية)، ولقد تأسّست أصلاً على يد "حافظ أسد" الذي كان قائداً للقوى الجوّية في 1964، من أجل مراقبة سلاح الجوّ وأمن المطارات والطيّارين وعناصر القوّات الجوّية، وبهدف السيطرة تماماً على القوى الجوّية السورية وتوظيفها في صالح سيطرته التامّة على الجيش وتنفيذ أوامره في حالة الحرب أو العصيان.. واعتقال المطلوبين فور وصولهم إلى المطارات.. كما حدث عندما تم اعتقال اللواء أحمد السويداني من مطار دمشق عام 1969 وأودع السجن لمدة 25 عاماً بأوامر شخصية من حافظ الأسد.
تتبع هذه الإدارة مجموعة من الفروع المركزية، وهي الفرع الإداري، فرع التحقيق، فرع العمليات، فرع للمهامّ الخاصّة، وفرع المطار "فرع المزّة"، وتقوم الفروع اللامركزية في المحافظات بنفس مهامّ الإدارة في القطاعات التي تُشرف عليها.
إدارة المخابرات العامّة: فروع مركزية ولا مركزية
وهي جهاز أمني مستقلّ كان يتبع مكتب الأمن القومي المرتبط بالقيادة القومية لحزب البعث، ثمّ عدّل اسمه بعد إلغاء المادّة الثامنة من دستور 1973 فأصبح "مكتب الأمن الوطني" وصار يتبع مباشرةً لرئاسة الجمهورية.
تستعمل إدارة المخابرات العامّة في مخاطباتها ومراسلاتها ترويسة (الجمهورية العربية السورية، إدارة المخابرات العامّة، واسم الفرع أو رقمه فقط)، تأسّست في 1969 بموجب "قانون إحداث إدارة أمن الدولة"، ثمّ عدّل اسمها إلى إدارة المخابرات العامّة في 1970، ولإدارة المخابرات العامّة فروع مركزية في "دمشق" هي: الفرع الإداري، فرع المعلومات، فرع التحقيق، الفرع الفنّي، فرع التدريب أو فرع "الغوطة"، الفرع الاقتصادي، الفرعان الداخلي والخارجي، وفروع لا مركزية في المحافظات.
في المخابرات العامّة موظّفون مدنيون، إلى جانب القيادات من ضبّاط الجيش أو الشرطة المنتدبين من وزارتي الدفاع والداخلية، وصفّ ضبّاط وأفراد من الوزارتين أو ممّن اتّبعوا دورات خاصّة لصالح الإدارة.
وعلى غرار شعبة المخابرات، للفروع أرقام ثلاثية، كالفرع الخارجي 279 وفرع التجسس 300، وفرع حلب 322، أو دير الزور 327.
شعبة الأمن السياسي: تراقب عناصر الشرطة وضباط الجيش!
تسمّى "شعبة"، لكنّها تنظيمياً إدارة تتبع وزارة الداخلية حسب المرسوم التشريعي 1623 لعام 1970. وهي من الإدارات المركزية المرتبطة بوزير الداخلية تنظيمياً، لكنّها أصبحت جهازاً يتميّز عناصره بأنّهم موظّفون مساعدون للنائب العام، باعتبارهم عناصر شرطة أصلاً.
أهمّ الفروع المركزية في شعبة الأمن السياسي فرع المعلومات وفرع التحقيق والفرع الإداري (فرع أمن الشرطة) وهو الفرع الذي يراقب عناصر الشرطة كما فرع أمن القوّات المسلّحة في شعبة المخابرات الذي يراقب العسكريين في الجيش، وفي إدارة الأمن السياسي فرعان للعمليات والدوريات، وفرع للأحزاب السياسية، وفرع للطلّاب، وفرع للأمن الاقتصادي، وفرع لشؤون العرب والأجانب، وفرع للمعلوماتية والإشارة، وفرع السجون للإشراف على السجون المدنية. ولشعبة الأمن السياسي فروع لا مركزية في المحافظات، لكلّ فرع منها أقسام تتبع الفروع اللامركزية حسب الحاجة، وكذلك أقسام ومفارز في بعض المناطق أو النواحي.
التعليقات (3)