وحسب مصادر "أورينت نت"، اضطر عدد من أصحاب المحال التجارية في بعض أسواق دمشق، ومنها سوق البزورية، وسوق الكهرباء في منطقة المرجة، إلى إفراغ محالهم من البضائع خشية مصادرتها من قبل دوريات الجمارك التي لا تكاد تفارق الأسواق.
ويتذرع النظام بمكافحة البضائع المهربة لابتزاز التجار، وإرغامهم على دفع مبالغ كبيرة، تحت طائلة التهديد بالمحاكمات الاقتصادية لكل من يمتنع منهم عن الدفع.
وما يبعث على الاستياء بين أوساط التجار، أن الضرائب تنمو بشكل متسارع، بحيث لا يعني سداد "الضرائب" انتهاء الملاحقات والضرائب، لأن النظام لن يعجز عن إيجاد ذرائع لشن حملات جديدة، وفي مقدمتها البيع بسعر يفوق التسعيرة.
ونتيجة لذلك، بدأ عدد من التجار يفكر في الانسحاب النهائي من العمل التجاري، وبيع المحال تمهيداً لمغادرة البلاد، وفق تأكيد مصادر إعلامية موالية لأسد.
في الحالتين أسد رابح
وبحسب المعطيات السابقة، يؤكد الباحث والمحلل الاقتصادي رضوان الدبس، أن نظام أسد يهدف من وراء زيادة التضييق على طبقة التجار إلى هدفين، الأول تحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال لتأمين النفقات الضرورية.
ويضيف لأورينت نت، أن حاجة أسد للمال ازدادت، ولذلك لا يوفر حالياً الأموال دون النظر إلى أصحابها، ومواقفهم الداعمة له، وقال: "لا يميز نظام أسد بين صديق أو عدو، وما يهمه توفير سيولة نقدية لتغطية نفقات "الحكومة"، وتثبيت سعر صرف الليرة السورية".
ويؤكد الصحفي محمد كساح، من دمشق، أن حملات الجمارك على التجار ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وهي جزء من إجراءات اعتاد نظام أسد عليها للحصول على تمويل لخزينته الفارغة.
من جانب آخر، أشار كساح في حديثه لأورينت نت، أن إدارة جمارك أسد تعاني من غياب الموارد في ظل سيطرة "حزب الله" على المناطق الحدودية مع لبنان، ولذلك تأتي جميع الحملات الموسعة والمتكررة التي تشنها الجمارك ضد التجار في سياق الحصول على تمويل وتعويض النقص المالي الذي تسبب به واقع الحرب وهيمنة حلفاء أسد على مقدرات البلاد وضعف التجارة الخارجية.
ومما لا شك فيه وفق رضوان الدبس، أن إجراءات نظام أسد هذه ستجبر التجار على الدفع أو الإغلاق وبيع المحال، وهو ما يصب في صالح أسد وحليفته إيران التي تخطط للاستحواذ على قلب العاصمة السورية التجاري.
وهنا، يعيدنا الباحث إلى الحرائق التي التهمت أكثر من سوق قديم في دمشق، وآخرها الحريق الذي اندلع في "سوق البزورية" العام الماضي 2020، ويشير الدبس إلى الشكوك التي تحوم حول افتعال إيران لهذه الحرائق، لدفع التجار إلى بيع محالهم لشبكات عقارية تمولها طهران.
ويقول: "في الحالتين أسد هو الرابح، أو بعبارة أخرى إن أفلس التاجر وقرر البيع هناك جهات تابعة لأسد وإيران تشتري، وإن دفع ستذهب الأموال لخزينة أسد أيضا".
ويتداول سوريون على نطاق واسع معلومات تشير إلى قيام شبكات عقارية ممولة إيرانياً، بشراء العقارات والمحال التجارية، وخصوصاً في دمشق القديمة، حيث تدرك طهران أن السيطرة على أي مدينة تبدأ من خلال التحكم بقلبها التجاري.
ويعتبر الكثيرون أن إيران ليست بمنأى عن المضايقات التي يتعرض لها التجار في مناطق سيطرة أسد، و يجزمون بأنها بصدد تغيير شكل الحالة الاقتصادية السورية، بما يتناسب مع مشاريعها طويلة الأمد في المنطقة.
لكن، وفي المقابل، يرى محمد كساح، أن مسألة ربط ما تقوم به إدارة الجمارك من حملات خصوصاً في دمشق القديمة مع محاولات إيران للسيطرة على مزيد من العقارات فيها، تحتاج لمعلومات مؤكدة حول علاقة إيران بهذه الحملات، مستدركاً: "لكن التضييق على تجار دمشق يصب حكماً في مصلحة ايران".
بدورها، تؤكد تقديرات اقتصادية أن استحواذ إيران على أسواق دمشق القديمة أمر صعب التنفيذ، بسبب التكلفة المادية الهائلة التي تفوق قدرة الشبكات الإيرانية، نظراً لارتفاع أسعار العقارات في وسط دمشق، ولذلك اتجهت طهران نحو ضواحي دمشق الجنوبية، حيث العقارات الرخيصة نسبياً.
التعليقات (20)