اجتماع روما.. داعش ومسار الحل السوري

اجتماع روما.. داعش ومسار الحل السوري
أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية عن عقد اجتماع برئاسة وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أنتوني بلينكن على هامش الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش، الذي يعقد بتاريخ 28 حزيران / يونيو، وتشارك فيه مجموعة الدول السبع ومجموعة أصدقاء سوريا، كما تشارك فيه لأول مرة قطر وتركيا، إضافة إلى حضور "جير بيدرسون" المبعوث الدولي لسوريا.

الاجتماع الخاص بسوريا، سيجد أمامه أوراقاً، تحتاج إلى اتخاذ مواقف حيالها، مثل قرار المعابر، واحتمال استخدام الروس للفيتو في مجلس الأمن، لمنع تمديد عمل معبر باب الهوى، ومناقشة القرار 2254، الذي مضى على صدوره أكثر من خمس سنوات ونصف، ولم يتم تنفيذ أي سلة من سلاله، بما فيها السلة الدستورية.

سيدرس الاجتماع رفض النظام السوري تفعيل اللجنة الدستورية وخطة بيدرسون التفاوضية، حيث حولهما إلى مجرد جلسات عصف ذهني. كذلك ربما تطرّق الاجتماع إلى ما يتعلق بالعقوبات المطبّقة بحق نظام الأسد وكيفية إدارتها.

الاجتماع الخاص بسوريا هو الأول من نوعه، حيث تحضره مجموعة الدول السبع الأكبر اقتصادياً على المستوى العالمي، وتغيب عنه روسيا، وهذا يسمح بوضع احتمالات دوافع هذا التوسيع، والمتوقع من هكذا اجتماع، سيما وأنه يحدث بعد أيام من اجتماع جمع الرئيس الأمريكي جو بايدن بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في جنيف بسويسرا.

الاجتماع الخاص بسوريا هو الأول من نوعه، حيث تحضره مجموعة الدول السبع الأكبر اقتصادياً على المستوى العالمي، وتغيب عنه روسيا، وهذا يسمح بوضع احتمالات دوافع هذا التوسيع

يمكن القول أولاً، إنه لا يمكن فهم اتجاهات السياسة، التي ستتبناها الولايات المتحدة والمجموعة المصغّرة، بدون معرفة مساحة التفاهمات، التي جرت بين الرئيسين جو بايدن وفلاديمير بوتين، لأن مساحة التفاهمات بضيقها واتساعها، هي من يحدد كيفية معالجة كثير من المسائل مع الروس، ومنها القضية السورية.

قد يكون هناك تفاهمات لم تعلن بعد، سيما وأن تسريبات من موسكو تقول إن الأمريكيين والروس اتفقوا على تشكيل مجموعة عمل بينهما، مهمتها دراسة كل قضايا الخلاف بين الطرفين، وهذا يعني محاولة التوافق على خارطة طريق جديدة، أي محاولة اشتقاق قراءة سياسية متقاربة للقرار الدولي 2254 روسياً وأمريكياً.

التفاهمات الأمريكية الروسية لا يبدو أنها واسعة المساحة، وهذا أتى مع تصريحات سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، والذي قال إن بلاده ستصوّت ضد استمرار عمل معبر باب الهوى لمدة عام جديد.

تصريحات لافروف ترافقت مع تصعيد ميداني ضد محافظة إدلب من قبل ميليشيات نظام الأسد وحلفائها الإيرانيين، إضافة إلى الاجتماع المرتقب لدول ضمان أستانا في العاصمة الكازاخية نور سلطان، فهذه كلها رسائل موجهة للولايات المتحدة وتحالفها الدولي، يراد منها لفت الانتباه إلى ضرورة الأخذ بالمصالح الروسية في سوريا.

تسريبات من موسكو تقول إن الأمريكيين والروس اتفقوا على تشكيل مجموعة عمل بينهما، مهمتها دراسة كل قضايا الخلاف بين الطرفين، وهذا يعني محاولة التوافق على خارطة طريق جديدة، أي محاولة اشتقاق قراءة سياسية متقاربة للقرار الدولي 2254 

ولكن هل هناك احتمال أن يكون الأمريكيون قد وسّعوا من دائرة الدول الحاضرة للاجتماع الخاص بسوريا؟، الغاية منها إظهار موقف دولي متماسك وقوي، حيال الوضع المتدهور في سوريا، وهل الاحتمال ينسحب على محاولة أمريكية تعيد إنتاج قراءة ملف الصراع السوري بطريقة جديدة؟ بحيث لا تغرّد دول مجموعة الأصدقاء وتركيا وقطر خارج هذه الرؤية الجديدة؟

هذا الاحتمال وارد في حسابات موازين القوى العالمية حالياً، إذ لا بدّ أن يلحظ مسألة تحييد روسيا عن الصراع الأمريكي الصيني، هذا التحييد له ثمن يستطيع الأمريكيون تقديره، بحيث يؤدي غرضه السياسي الاستراتيجي دون أن يخلّ بسيطرتهم الدولية.

احتمالات عديدة، ولكن ما هو ليس احتمالاً ويحتاج إلى اقتناع، هو أن الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الإدارة الديمقراطية الجديدة بقيادة بايدن، تريد أن تقول للعالم إنها عادت إلى دورها الدولي كدولة أولى، وهذا يعني أن يكون لها حضور في كل ملفات الصراع الاقتصادي أو غير الاقتصادي عالمياً.

إن مسألة المعابر الإنسانية التي تصرّ الولايات المتحدة أن يمدد لها، وأن يتمّ توسيعها، هي مسألة اختبار جدي لمستوى التفاهمات والخلافات بينها وبين الروس، فموعد الحادي عشر من تموز الذي يخصّ التصويت على تمديد عمل معبر الهوى، هو موعد سيكون مؤشراً جديداً على درجة التقارب أو التباعد بين سياستي الولايات المتحدة وروسيا.

فإذا مضى الروس في رفض تمديد عمل معبر باب الهوى واستخدموا الفيتو، فهذا يعني، أنهم لم يصلوا بعد إلى درجة تفاهم حقيقي مع الأمريكيين حول سوريا، مما سيسمح بالقول، لماذا إذاً حشد الأمريكيون كل هذه الأطراف لحضور اجتماع أصدقاء سوريا؟

الأمريكيون لا يحشدون مجموعة الدول السبع ومعها قطر وتركيا إضافة لمجموعة أصدقاء سوريا بما فيها المصغرة لمجرد الاستعراض، فهم يحشدون لأحد حالين:

- الأول أنهم قد يضعون أمام حلفائهم واقع ما توصلوا إليه مع الروس، فإذا كان ما توصلوا إليه سلبياً، هذا يتطلب وحدة مواقف الحلفاء، التي يجب أن تنسجم بصورة ما مع العودة الأمريكية إلى السياسة الدولية.

- الاحتمال الثاني، يتعلق بأنهم توصلوا إلى تفاهمات أولية عامة حول الوضع في سوريا، حيث يتطلب ذلك تعديلات على السياسة الأمريكية، بحيث تنسجم مع تحييد روسيا عن الصراع الأمريكي الصيني القادم، وهذا يعني ضبط إيقاع خطوات جميع الحلفاء مع الروس بحيث لا تخرج أو تتعارض مع هذا التوجه الأمريكي.

 مسألة المعابر الإنسانية التي تصرّ الولايات المتحدة أن يمدد لها، هي مسألة اختبار جدي لمستوى التفاهمات والخلافات بينها وبين الروس، فموعد الحادي عشر من تموز الذي يخصّ التصويت على تمديد عمل معبر الهوى، هو موعد سيكون مؤشراً جديداً على درجة التقارب أو التباعد 

إن تشكيل مجموعة عمل أمريكية روسية تختصّ بالبحث عن حلول مقبولة للطرفين هو احتمال قائم، فالبلدان بحاجة إلى هذه المجموعة كلٌ من مقدماته الخاصة به.

إن ما سينتج عن لقاء روما الخاص بسوريا، أو الخاص بمحاربة تنظيم داعش عالمياً، سيسمح بمعرفة اتجاهات السياسة الأمريكية الدولية الجديدة في هذين البابين. وإن ترؤس بلينكن لهذا الاجتماع الهام دلالة أكيدة على بدء تغير السياسات الدولية، وتحديداً في مرحلة ما بعد كورونا. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات