رجال الأعمال بين الحقيقي والزائف (1 من 5): سوريا من رجالات الاقتصاد الوطني إلى سرّاق الثروة الوطنية

رجال الأعمال بين الحقيقي والزائف (1 من 5): سوريا من رجالات الاقتصاد الوطني إلى سرّاق الثروة الوطنية
1- سوريا الجغرافيا الاقتصادية  بين طريق الحرير القديم والحديث! 

قابلتُ اللواء هشام اختيار رئيس المخابرات العامة في سوريا آنذاك * 4/8/2003، بناء على طلبه للنقاش بخصوص تجارة إعادة التصدير، التجارة التي عُرفتُ فيها عالميا، حول إمكانية الاستفادة منها في سوريا. دام لقاؤنا نحو 4 ساعات حضره شخصان: الأول عزيز ولا يزال والثاني كان عزيزا لكنه اختار الجانب الخطأ من القيم والتاريخ! **

في بداية اللقاء قدمت له معلومات عامة، وحين انقضت نصف ساعة استأذنت بالانصراف لأن مدير مكتبه كان قد أكد على مدة اللقاء، كما أن رئيس الوزراء آنذاك مصطفى ميرو كان ينتظر الإذن بالدخول على اللواء. فقال لي بالحرف الواحد: "سيبك من هذا الكلب (في إشارة لميرو)، اجلس أريد شرحا أكثر تفصيلا". عندها طلبت منه الأمان لأتحدث كما يتطلب الموضوع دون خوف، أو مواربة أو مجاملة أو عقاب؟ قال لي أيضا بالحرف الواحد: "داخل مكتبي ليس هناك خطوط حمراء قل ما يجب أن يُقال في هذا الشأن ولا عليك"! عندها أكملنا الحوار لنحو ثلاث ساعات ونصف دون توقف، بالاستعانة بخرائط مفصلة ومراجع قانونية، استدعى خلاله خبيرا، وتحدث بالهاتف مع عدد من الخبراء من البنك المركزي والمناطق الحرة ووزارتي الاقتصاد والتخطيط. عندما طرحت متطلبات المشروع وشرحت معوقاته وكانت كالتالي: 

1- الفساد والتعدي على حقوق الناس

2- الانغلاق وعدم الانفتاح التجاري على العالم ووجوب تسهيل دخول الجنسيات الأخرى إلى البلاد وإعطائهم ضمانات استثمارية

3- البدء بالبحث عن مستثمرين لبناء مرافق خدمية أولها لا أقل من نحو 1000 فندق.

4- تحسين البنية التحتية لمرفأي اللاذقية وطرطوس ورفع كفاءة إدارتهما سواء عبر منحها لشركات بارعة بهذا الخصوص وهو الأفضل في حالة انتشار الفساد فيهما أو وضع خطة لمحاربة الفساد واستقطاب الكفاءات الوطنية.

5- إعطاء الأولوية لسوريا وتنفيذ سياسة قطرية هدفها الشعب السوري ذاته أولا.

في نهاية الاجتماع قَدّرنا أنه لو تم إنشاء منطقتين تجاريتين حُرّتين في اللاذقية وطرطوس وأخريين في حلب ودمشق وثالثة في الحسكة وربطهم بالطرقات الدولية الثلاث التي تمر بسورية: 

أ- الطريق بين الموصل وحلب إلى المتوسط. 

ب- طريق بغداد حمص دمشق. 

ج- طريق باب الهوى شمالا نصيب جنوبا. 

سنصل إلى حجم تبادل تجاري ضخم وإعادة تصدير ربما يساوي أو يزيد عن حجم التبادل التجاري لدبي، وستكون المنطقتان دبي وسوريا متصلتين ومكملتين لبعضهما: فدبي لوجستيا أفضل وأسرع موقع للوصول برا وبحرا إلى شرق ووسط أفريقيا وشرق ووسط آسيا والخليج العربي والشرق الأوسط وبلاد بحر قزوين وشرق أوروبا، أما سوريا: فلديها أفضل موقع يربطها بحرا وبرا ويصلها بدول المتوسط العربية والأوروبية وغرب أفريقيا، وكذلك غرب وشمال أوروبا ودول البحر الأسود والخليج العربي بسبب وجودهما على نقطتين استراتيجيّتين متقاربتين ولكن مختلفتي الموقع، مما سيمنحهما تكاملا في خطوط الملاحة البحرية والبرية خصوصا، وأكدت له آنذاك أنه لو أتيحت الظروف السياسية لإسرائيل وأنشأت مناطق حرّة، وكذلك لتركيا، على المتوسط - إلى اليوم المتوسط خالٍ من المناطق التجارية الحرّة- لما أتيح لنا كسوريين العمل لديهم حَمّالين! 

إن قوة المشروع في الدولة التي تأخذ قصب السبق، كما أن المشروع لو تم على أسس صحيحة شفافة سيتحسن الاقتصاد السوري أضعافا، وكذلك سترتفع قوة الليرة السورية، كما أنه سيوفر فرص أعمال تجارية هائلة للسوريين، وسيوفر أيضا عدة ملايين من فرص العمل بدخول تتراوح بين الممتازة والمتوسطة! إنه طريق الحرير بصيغته الجديدة التي برع السوريون في صيغته القديمة منذ نحو 3 آلاف عام، التجارة وخدمات القوافل التجارية على طريق الحرير الواصل شرقا من كيوتو العاصمة القديمة لليابان إلى روما غربا والجزيرة البريطانية! السوريون ليسوا أهل حرب وصناعات وإنما أهل تجارة وحرف وخدمات، هذه بضاعة السوريين وسرّ نجاحهم! 

السوريون ليسوا أهل حرب وصناعات وإنما أهل تجارة وحرف وخدمات، هذه بضاعة السوريين وسرّ نجاحهم

بعد 4 ساعات وقف اللواء اختيار حائرا وأخذ دقائق قدم لنا فيها شايا، ثم قال: "لكن إسرائيل ستخترقنا وسيكون صعبا علينا الصمود والمقاومة في وجهها". كانت المرة الأولى التي يرد فيها ذكر إسرائيل خلال لقائنا! أدركت عندها أنه استخدمها حجة لأن المشروع أكبر من طموحاتهم، إنهم يسعون إلى مشروع صغير يذرّ الرماد في عيون السوريين حول الرئيس الإصلاحي الجديد. مشروع بعنوان براق ومضمون فارغ. إنهم يخافون أن يصبح السوريون ذوي دخول لا تُحوجهم للحكومة. 

إن المشروع لو حدث سيُطيح بالمشاريع الطائفية ويوحد السوريين بطوائفهم بالغنى وبالطموحات. بالنهاية إن المشروع لا يخدم نظامهم الوظيفي الذي خُلق ليدمر سورية والمنطقة! لكن مع ذلك قلت له بالحرف: "إسرائيل دولة تَصنعُ أجهزة دقيقة ودخلت دائرة العالم الأول. إسرائيل تعرف ألوان ملابسنا الداخلية بأجهزة التجسس المتطورة لديها، كما أن العنصر البشري في مجال التجسس قلّ الاعتماد عليه، وأيضا عن أي مقاومة وممانعة تتحدث وإسرائيل وشعبها في شغلهم وتطورهم، بينما السوريون يشاهدون أن أغلب الاختناقات المرورية مردّها للأعطال المفاجئة للمركبات العسكرية على الطرقات العامة؟! 

وكذلك بينما أنتم لا تزالون تمنعون التواصل بأجهزة الفاكس وتمنعونها حتى عن أصحاب التجارة والصناعة، وتلزموهم بتقديم طلبات لأجهزة الأمن تصدر الموافقة عليها بعد أشهر! هل لك أن تشرح لي كيف سيصمد أعزل متخلف فقير أمام عدو متطور بأحدث العلوم والأسلحة؟!

 إن الجارة تركيا قبل بضع سنوات كان مواطنوها يُهرِّبون المازوت والسكر والقهوة من سوريا إلى تركيا، لكن منتجاتها باتت تصل إلى سورية ودول الخليج اليوم! بكل الأحوال أدركت منذ طلبتني أن المشروع ليتم تنفيذه يحتاج إلى إعادة إدارة سوريا بطريقة مختلفة لكني قَدّرتُ أن سوريا بقيادة (وضعت جميع الألقاب الرسمية للطائفي الأهبل بشار أسد قبل النطق باسمه)، لكن يبدو أن طريق السوريين طويل ليبدؤوا"!؟ غادرنا بعدما أهداني خنجرا مفضضا مذهبا.

 تواصلنا بعدها مرتين، لم يك لهذا الموضوع علاقة بهما. أيضا حينما أعلنت عبر تلفزيون أورينت الثورة على نظام أسد الطائفي بتاريخ 2/2/2011، خرجت على تلفزيون أورينت وتحدثت عن أهمية تجارة إعادة التصدير للشعب السوري، وكيف ولماذا رفضه النظام؟

بعد انتهاء المقابلة حاول اللواء علي مملوك، آنذاك ولا يزال رئيس المخابرات العامة في سوريا، التواصل معي عبر إعلامي مقرب من الإعلامي المعروف أيمن عبد النور،  وكان ذلك في اتصال هاتفي. حيث أكد أنهم مستعدون للنقاش ببدء المشروع، وأعجبهم طرحي في القسم الأول من المقابلة وسيتجاهلون انتقاداتي القاسية لهم على الشاشة في النصف الثاني، فرفضتُ الحديث معه وقلت لأيمن: "قل له إنهم أغبى من أن ينفذوه". فردّ ضاحكا: "إنه على الخط يسمعك"! 

أكتب عن الاقتصاد السوري ورجالاته وتأثيراته وتعرّجاته وانحطاطه في العصر الحديث من وجهة نظر رجل اقتصاد وأعمال سوريّ عاش الواقع لحظة بلحظة وعرف أحداثه، وبصفته تلك قابل رجال الحكم في سوريا على اختلاف مناصبهم الأمنية والسياسية والتنفيذية والحزبية، صغارهم وكبارهم، فأدرك البنية التي تنتج تلك الأحداث والوقائع. إذاً لست أكتب من وجهة نظر باحث أو خبير أو مؤرخ اقتصادي أو أستاذ جامعي أو منظّر لفلسفة الاقتصاد السوري، وإنما أكتب من خلال تجاربي ومعرفتي.

أكتبُ عن الاقتصاد السوري ورجالاته وتأثيراته وتعرّجاته وانحطاطه في العصر الحديث من وجهة نظر رجل اقتصاد وأعمال سوريّ عاش الواقع لحظة بلحظة وعرف أحداثه، وبصفته تلك قابل رجال الحكم في سوريا على اختلاف مناصبهم الأمنية والسياسية والتنفيذية والحزبية، صغارهم وكبارهم، فأَدركَ البنية التي تُنتج تلك الأحداث والوقائع

لا يشكو الاقتصاد السوري من قلة في الموارد الاقتصادية الطبيعية. ***  كما أن موقع سوريا الجغرافي مثلما حوّلها بغباء إدارة البلاد الحالية على يد أوباش العصر إلى ساحة حرب تتنافس الدول فيها على تدميرها، كان من الممكن لو تم استثمار موقعها الاستراتيجي ووضع الخطط الاقتصادية السليمة أن يكون موقعها أهم عامل على الإطلاق في ازدهارها وتحقيق عيش كريم لشعبها. وهذا فعلا ما فعله الحكم الوطني في فترة زمنية قصيرة أثناء حكم البرجوازية الوطنية، بين "الاستقلال عن فرنسا" 1945 وتاريخ استحواذ العسكري المغامر جمال عبد الناصر على سوريا 1958، ثم لغاية حكم العسكر الطائفي من أسد الأب إلى الولد، حيث وصلت سوريا خلال 13 عاما فقط من الحكم الوطني لتحوز الرقم 38 في قائمة الناتج العالمي.****

 تدمير التراكم التاريخي الاقتصادي لسوريا منذ 1958

 - سرّ تشنيع الحكم العسكري على التجار وتحميلهم مسؤولية الأزمات!؟

حظي التجار والرأسماليون عبر التاريخ في سوريا باحترام كبير من السوريين، ونظروا لهم على أنهم الحراس الحقيقيون للأمّة السورية، واعتبر السوريون في أمثالهم أن حكمة تجارهم واعتدالهم قادت إلى حماية الشعب السوري من غضب الغزاة الذين مروا على سوريا.

كل شعوب الأرض المسكونة المتحضرة تحترم طبقة أعمالها فهي تعرف أنها أهم ملجأ إن أرادت التطور والازدهار؛ والثورة الصناعية التي نشأت قبل 500 عام خلقتها الرأسمالية، وليس الحكومات. فالرأسمالية وحّدت الكون ووصلت الشعوب ببعضها، وبنت مصانع الطاقة والنور والجامعات وشركات السلاح واستثمرت في تطوير الاكتشافات والعلوم. أما التاريخ الأبعد فتحدث لنا عن تجار وقفوا مع شعوبهم في الأزمات والفاقات الكبرى والحروب. وكذلك عن حكام عظام أنشؤوا أو قادوا أمماً أعطوا التجار حظوة كبرى، واعتمدوا عليهم في تجنيب أممهم الفاقة والعوز وفي جلب البضائع للأسواق وتلبية  حاجات الناس، والتنافس وتحويل الأسواق إلى مكنات لإنتاج المال والنفوذ للدولة وحكومتها.

كل شعوب الأرض المسكونة المتحضرة تحترم طبقة أعمالها فهي تعرف أنها أهم ملجأ إن أرادت التطور والازدهار؛ والثورة الصناعية التي نشأت قبل 500 عام خلقتها الرأسمالية، وليس الحكومات. 

أول من عاضد الرسول الأكرم محمد (ص) كانوا تجارا، خديجة بنت خويلد وأبو بكر ابن أبي قحافة وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وغيرهم بالعشرات، رضي الله عنهم جميعا، طبعا عدا عن عامل إيمانهم برسالته، أيضا هناك عامل مهم آخر أن محمدا (ص) ضَمَّن رسالته إكمال ما بدأه جدّه قصي في حلفه الشهير في حماية طرق القوافل وتحويل مكة إلى مركز تجاري للجزيرة العربية، وهذا أقصى وأحب ما يتمناه التجار ومجموعات الأعمال في أي دولة (مناطق التبادل التجاري)! لذلك منهم من زوّد الجيوش الإسلامية وأقام آبارا وسقاية، وأطعم جياعا وكسا عراة وأعتق عبيدا ليحوّلهم إلى مقاتلين كأبي بكر وعثمان، ومنهم من سخّر ماله وخبراته السياسية، كعمر بن الخطاب وزير خارجية قريش في الجاهلية لجذب القبائل إلى الدعوة. 

كذلك كان لطبقة التجار حظوة كبرى في اليابان، فقد كانت طبقتهم بعد طبقات الأسرة الإمبراطورية في الهرم الطبقي؛ أما الترك وحتى قبل تأسيس الدولة العثمانية حرصوا على الاستيلاء على الأسواق من البيزنطيين وتأمين الخطوط التجارية وبناء أسواق إضافية. إذاً أدرك حكام الأمم أن التجار يعمّرون خزائن الدولة بالمال، ويجلبون نفوذا لهم بما يخلقونه من تبادل تجاري مع الأمم الأخرى، كما يخلقون فرص عمل ترضي المحكومين وتمنع عصيانهم. وهم الذين يحوّلون المشاريع من خيالات وأفكار وخطط ومخططات على الورق إلى أبنية وحواضر قائمة؛ يوفرون للثقافة دورها/ مسارح وأوبرا وسينما ومطابع ودور نشر وقنوات إعلامية، وللصنّاع والمخترعين معامل ودور بحث ومخابر، وللمرضى مشافي ومراكز طبية، وللعبَّاد دور عبادة! فيما ينحصر دور الحكومات الحقيقية في تنظيم المجتمع ووضع الخطط اللازمة لبناء البنى التحتية والإشراف عليها وحماية أمن البلاد واستقرارها وتثبيت العدل بخلق القوانين الناظمة له والإشراف على دقة تنفيذها. كما أن رجال الأعمال أول سعاة العدل لأنه يمنح فرصا استثمارية متساوية للجميع، وهم أول من يقف بوجه الظلم لأنه يقتل طموحاتهم ويدمّر فرصهم ويستبيح أموالهم ومكانتهم وكلمتهم بين الطبقات.

في التاريخ القريب نستطيع أن نكتشف أن حكمة مجموعة الأعمال السورية أدت إلى تحقيق الاستقلال في أربعينيات القرن الماضي. فرجالات حكومات الانتداب الأخيرة وحتى تاريخ الوحدة مع مصر من طبقة الأعمال من العائلات السورية العريقة المتنورة من البرجوازية الوطنية والإقطاع النبيل. لكن مع وصول العسكر للحكم تعرّضت طبقة الأعمال في مصر وسوريا لإجحاف وظلم كبير بدأه العسكري الجاهل عبد الناصر وأكمله أسد الأب والولد في سوريا، فهؤلاء العسكر الذين أتوا من سقاط المجتمعات، لا نقصد هنا مقام العسكر الذين كانت الأمم كاليونان والرومان واليابان والعرب والعجم والترك، لا تمنح شرف الدفاع والذود عنها والقيادة العسكرية إلا لأعز الناس مقاما وأصلا ورفعة، وتمنع على العبيد والرعاع وسقاط المجتمعات الخدمة العسكرية لعلمها أنها سهلة الانقياد للخيانة وتُشترى بالمال، ولما لها من طبيعة نفسية ناقمة قد تقوم بأعمال إجرامية تتنافى مع نظام وروح الجندية. لكن سقاط السوريين الذين استخلفهم أعداء السوريين على الشعب السوري، 1963، دمروا ولا يزالون الطبقات السورية النبيلة والوطنية بمن فيهم تجارها الحقيقيون، أهم سبب دعاهم لذلك أن تلك الطبقات كانت في معظمها الأعم من السُنة العرب ودورهم كبير عبر التاريخ في تعظيم نفوذهم في المنطقة وفي صون البلاد من الأذى والسعي إلى تطورها أسوة بباقي الأمم، وكذلك لكي يغطوا على فشلهم السياسي والاقتصادي والإداري وغبائهم وخياناتهم لصالح حكومات أجنبية على حساب مصالح الشعب السوري، لذلك يرمون طبقة الأعمال بالأنانية والتكسب غير المشروع والاحتكار وخلق وافتعال الأزمات..

 كانت الأمم كاليونان والرومان واليابان والعرب والعجم والترك، لا تمنح شرف الدفاع والذود عنها والقيادة العسكرية إلا لأعز الناس مقاما وأصلا ورفعة، وتمنع على العبيد والرعاع وسقاط المجتمعات الخدمة العسكرية لعلمها أنها سهلة الانقياد للخيانة وتُشترى بالمال،

وللإيضاح أكثر وتفنيداً لادعاءات هؤلاء الحثالات سنضرب مثلا يؤكد براءة طبقة الأعمال من هذا الهراء: في الدول التي تسود فيها حرية التجارة وتداول السلع كما دول الغرب والشرق المتطور، كماليزيا واليابان وسنغافورة وأسترالية ونيوزيلاندا والإمارات العربية المتحدة لم تنقطع أي سلعة في أي زمن، ولم يكترث الناس يوما أن تنقص السلع الضرورية من الأسواق أو يعانوا للحصول عليها. كما أن تشجيع التجارة وخلق بيئة استثمارية تنافسية صحية جعل أسعار السلع في هذه البلدان أسعارا تنافسية، وجعل هامش أرباح التجار والصنّاع في حدوده الطبيعية، بين 3-8%، وجعل الأسواق مكتظة بكل السلع، وفرص العمل متوفرة متطورة متبدلة. 

هذه البيئة الصحية استقطبت وخلقت كفاءات عليا في البلاد وأيدٍ عاملة وموظفين مهرة. أما سوء إدارة البلاد من العسكر الرعاع الفاشلين في سوريا فجعل الاقتصاد الحقيقي في الحضيض، وأنشأ بدلا عنه اقتصاد الفساد لقلة من السُرّاق، وربط عيش قلة آخرين به يعملون حراسا وخدما لهم وأنهك بقية المجتمع، مما أدى إلى هروب الخبرات التجارية ورؤوس الأموال، ومنذ ذلك الوقت شحت البلاد وافتقرت وعمّ الظلم والهلاك والأمراض، حتى عزّ أن يجد الناس الأساسيات: كالكهرباء والماء والوقود وأساسيات الغذاء بما فيها الخبز!؟ ونضبت أنهار البلاد كبردى والفرات والعاصي لسوء استخدامها ورمي النفايات فيها، وعمّ الجفاف وندرت المحاصيل، لسوء السياسات وغياب الاستثمارات الصناعية/ الزراعية، وجاع خلق كثير من اغتناء قلة فاسدة على حساب جوع وموت الكثرة!.


هوامش:

* اغتيل اللواء هشام اختيار في عملية اغتيال خلية الأزمة، عبر تفجير مبنى الأمن القومي تموز/2012، التي راح ضحيتها عدد من كبار القادة العسكريين،* ونتج عنها مقتل وزير الدفاع داود راجحة، ونائبه آصف شوكت، ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن تركماني، وهشام بختيار رئيس مكتب الأمن القومي آنذاك، ويقال إن ضمن الضحايا عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية، آنذاك، ويعتقد أنها مؤامرة دبرها بشار وماهر أسد مع الحرس الإيراني، لأن الخلية كانت تبحث عن حلول لتهدئة الوضع وتجنيب سوريا الدمار الذي وصلت له على يد بشار أسد والإيراني.

** الإعلاميان أحمد سماق وجانبلات شكاي.

*** من يريد التعمق هناك دراسات عديدة على النت عن موارد سوريا الطبيعية.

**** حاليا سوريا في ذيل هذه القائمة على الإطلاق.


- لقراءة المقالات الخاصة بالقضية الكردية

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة  PKK (1 من 3)

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة PKK (2 من 3)

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة PKK (3 من 3)

لقراءة جميع مقالات الكاتب السابقة اضغط هنا

التعليقات (9)

    علوي علماني

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    مع اني كدارس فلسفة بكره حكم العسكر.. بس واضح يا غسان عبود انك قاصد الضباط العلويين بحديثك عن سقاط المجتمعات والحثالات ومتبروظها بقلب المقال بالبونط العريض.. واكيد هنت بتحن لأيام الدولة العثمانية وقت كانوا يمنعونا من الانخراط بالخدمة العسكرية.. طبعا مهما غيرت خطابك أبتقدر تتغير من جوا لأن الطبع ميغلب التطبع يا سيد غسان!

    مواطن سوري

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    ذكر الأستاذ غسان أن (( السوريون ليسوا أهل حرب وصناعات وإنما أهل تجارة وحرف وخدمات )) ولا أعرف من أين أتى بهذه الفكرة .. فتاريخياً كانت سوريا أهل للصناعات المتميزة من أيام الفينيقيين إلى ما قبل عهد البعث بوالنسبة للحرب فحدث ولا حرج ويكفي الشعب السوري فخراً أن خير جيش في آخر الزمان سيكون من بلاد الشام (بالأخص شمال سوريا) كما ذكر في الأحاديث النبوية الشريفة

    Hope

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    اعطاء الاولويه لسوريا و رفع مستوى الشعب السوري ابدا ما كان ضمن استراتيجيات الحكم البعثي ثم الاسدي لسوريا. تفكيرهم وادارتهم للبلاد كانت ولا تزال بعقلية المافيا والعصابات بدليل ما وصلنا اليه الان

    سوري علماني

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    واضح من ردك بأنك عايش بكل جوارحك واحاسيسك حكم سقاط المجتمع والحثالات ومستمتع بها ايضا .

    سوري ومحب للسوريين

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    للاسف ماقاله صحيح جملة وتفصيلا الشعب السوري شعب عريق تشهد له شعوب العالم اجمع وتجارها مضرب مثل بين كل التجار العرب اولاً وبين تجار العالم ثانياً اتمنى ان تنقضي هذه الايام العصيبة التي راح ضحيتها الشعب بأكمله وستعود بفضل الله وكرمه الى افضل حال وثم جهود اهلها تجارً وصناعيين وحرفيين وايدي عاملة رحم الله امواتنا وامواتكم وفك اسر المعتقلين وخلصنا الله من الظالمين واعاننا عليهم

    louay hosen al othman

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    صراحتا مقال رائع..وخاص عندما تكلمت عن مشروعك والتطور والنهوض...خليتنا نتفائل

    سوري حر

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    والله يا استاذ غسان.. اخالفك الرأي بعض الشيئ, أحد الأعمدة التي بنى عليها حافظ الأسد نظامه هم طبقة التجار الفاسدين من بدر الدين الشلاح الى سامر الفوز,,كان لهم دور في كل انقلابات سوريا من ال1949 الى 1970

    السيف الدمشقي

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    اتق الله يا "سوري حر" التجار لم يكن لهم علاقة بأي انقلاب باستثناء الانقلاب الذي أطاح بالوحدة بين مصر وسورية عام 1961 انقلاب حسني الزعيم كان بتحريض أمريكي وانقلابات الشيشكلي كانت بدعم سعودي.. أما انقلاب المجرم حافظ الأسد فكان بتخطيط بريطاني وموافقة أمريكية وتشجيع إسرائيلي. من الحثالة سامر فوز حتى تضعه بين طبقة نبلاء التجار تاريخيا؟ التجار الذين أضربوا في أحداث عام 1964 وواجهوا تأميمات البعث الظالمة في بدايات انقلاب 1963 ومنهم من حكم بالإعدام!

    لاديني من اصل علوي

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    غسان عبود جزء من كلامك صحيح, لكن طبقة رجال الاعمال لها و عليها, ليست ملائكه كما تصورها, وليست طبقة العسكر شياطين كلها. في كل طبقة هناك الشريف و هناك الغير شريف. هدف هذه المقاله هو هدفك على مدى 10 سنوات: الترويج لنفسك كرئيس مستقبلي لسوريا: في اطار هذا الهدف روجت الطائفيه بشكل نافست فيه داعش والنصره, في الواقع انت كنت من مؤيديهم, ولم تنفك تتمسح وتتغزل باسرائيل و يهود امريكا على مدى 10 سنوات , ربما تصبح رئيس لسوريا, فالمال يصنع الكثير, لكنك لن تكون الا مصدر خراب و مأسي لسوريا تماما كمن تتنقدهم
9

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات