في ذكراه الثانية: ماذا فعلنا للساروت؟!

في ذكراه الثانية: ماذا فعلنا للساروت؟!
لم يجتمع السوريون على رمزية شخصية وطنية, ثورية, بقدر إجماعهم على الشهيد عبد الباسط الساروت.

عبد الباسط, الشاب العشائري المقيم في حمص, ابن التسعة عشر ربيعاً عندما انطلقت الثورة السورية في عام 2011, الرياضي والحارس الأمين لمنتخب شباب سوريا بكرة القدم, ومن ثم الحارس الأمين للثورة السورية, ومن ثم ملهم الساحات بالأناشيد الثورية والحراك السلمي عندما بدأت الثورة سلمية وبالمظاهرات, ثم مقاتلاً عندما اضطر لحمل السلاح دفاعاً عن أهله ومدينته وسوريته.

لا مغالاة ولا مجاملة إذا اعتبرنا أن حكاية عبد الباسط الساروت هي الحكاية المصغرة للثورة السورية المباركة, بقدسيتها, وبساطتها, وعفويتها, ونقائها, وشهامتها, وجبروتها.

أناشيده حملت الأمل والعنفوان بوقت واحد, وباتت أناشيده تتردد على كل لسان وبقلوب كل عاشقي الثورة, ووصلت أغانيه لكل بقاع الأرض وبات ذكر الثورة السورية بكل العواصم والساحات العربية والغربية وأعمدة الصحافة الدولية التي تتحدث عن الثورة مقرونة باسم الشاب البسيط عبد الباسط الساروت.

عندما وقف الساروت بساحات حمص لينشد للثورة السورية ووقفت إلى جانبه المرحومة فدوى سليمان (العلوية), أراد القول أن ثورتنا ليست طائفية, وكررها مع ثائرات وثوار من كافة أطياف المجتمع السوري, برسالة مفادها: إنها ثورة شعب لا طائفة, ثورة للجميع ضد منظومة أسدية استبدادية قاتلة ومجرمة.

لكن ما يحز بالنفس أن الشهيد الساروت اغتيل المرة تلو المرة ولم تنصفه جماهير الثورة ولا القائمين على مفاصل الثورة.

اغتيل الساروت أول مرة عندما ترك وحيداً مع عشرات المقاتلين من رفاقه محاصراً بأحياء حمص.

ثم اغتيل مرة أخرى عندما حوصر الحصار الأخير في حمص أيضاً, ودفعت الملايين من الدولارات لحملة "قادمون يا حمص" لكنها كانت تسمية على غير مسمى, ولم تتقدم الحملة خطوة واحدة لفك الحصار عن الساروت وأبطال حمص, ولم تقدم حتى ضروريات البقاء والصمود والصد للساروت ورفاقه, ووضعت الأموال في بنوك البذخ والمحسوبيات, وتقاسمها المعنيون عن الحملة, وبدل محاسبتهم على فعلتهم تمت مكافأتهم بترفيعهم وتسليمهم مناصب سياسية, وإشراكهم أعضاء بوفود كنا نظن أنها ذاهبة للدفاع عن حقوقنا, لكنها كانت وفودا سياحية, ووفودا يمكن أن تفعل كل شيء إلا تمثيل ثورة الشعب السوري.

واغتيل عبد الباسط الساروت مرة ثالثة عندما اتهموه وحاكموه وسجنوه تارة بتهمة الدعشنة وتارة بالانتساب ومبايعة جبهة النصرة وهو البريء من ذلك.

وأخيراً اغتاله النظام بعد أن قدم كل ما يملك وقاتل بكل ما يملك, ودافع بكل ما يملك.

لكن ماذا قدمنا نحن للساروت عدا عن الاحتفال بذكرى اغتياله وهو الذي يستحق ما لا يستحقه ثائر بالثورة السورية؟؟

بل ماذا قدمنا لمن اغتيل قبله وبعده؟؟

ماذا قدمنا للشهيد العقيد أبو فرات, والشهيد عبد القادر الصالح؟؟

ماذا قدمنا للشهيد العميد الركن يحيى زهرة قائد المجلس العسكري بالقلمون الذي ذبحه تنظيم "داعش" الإرهابي؟

ماذا قدمنا للشهيد العميد الركن أحمد مشيعل في جبل الزاوية؟

ماذا قدمنا للشهيد العقيد عبود بالجنوب السوري في حوران, ولشهيد الصحافة والكلمة الحرة ناجي الجرف الذي اغتيل في مدينة غازي عنتاب التركية, وماذا قدمنا للشهيد الصحفي حسين خطاب الذي اغتيل مؤخراً في مدينة الباب, وماذا قدمنا للشهيد الحي الإعلامي بهاء الحلبي مراسل تلفزيون سوريا والإعلامي خالد الحمصي مراسل تلفزيون أورينت, وماذا سنقدم للعشرات والمئات المهددين اليوم بالاغتيال والتصفية, وماذا سنقدم لمن كمموا أفواههم عن قول الحقيقة؟؟

أن نحتفل بذكرى استشهادهم هو أضعف الإيمان, لأن الواجب الوطني والثوري والأخلاقي يتطلب منا متابعة مشروع عبد الباسط الساروت والاستمرار إكراماً لأرواح الشهداء بعملية التحرير حتى إسقاط النظام ... فهل كان من افترضنا أنه يحمل الأمانة على مستوى الأماني والتوقعات ومتابعة الطريق؟؟

أرواح الشهداء ساروت وزهرة ومشيعل وعبود وخطاب كل شهداء الثورة السورية العظيمة ... تستصرخ كل حر أن نتابع على خطاهم كي لا تذهب دماؤهم هدراً.

رحم الله شهيدنا الساروت, ورحم الله شهداء سوريا الأحرار, لكن سيحاسبنا هؤلاء بأننا لم نكن على مستوى المسؤولية ولم نكن أوفياء للأمانة التي وضعوها في أعناقنا.

وليسامحنا الله إن كنا نستحق

التعليقات (1)

    حسين هرموش

    ·منذ سنتين 10 أشهر
    يجب ان لاننسى ابدا الهرموش
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات