تحوّل مكب نفايات إلى حديقة.. مبادرة "خليها نظيفة" تحظى باهتمام شباب إدلب (صور)

يقاس مدى تقدم حضارة أي بلد بتقدم شعبه والتزامه بالقواعد العامة واهتمامه بالنظافة والانضباط ومحافظته طوعياً على المرافق العامة، وكشعب عربي بعيداً عن السمات النمطية التي تؤطر صورتنا في الإعلام أحيانا كثيرة..  والادعاءات المغلوطة التي تطال هويتنا، فإن الالتزام بالنظافة هو جزء من تعاليم  ديننا الحنيف ومقتضيات الفطرة السليمة التي جعلت " النظافة من الإيمان"، ومع الهدوء النسبي الذي تشهده مدينة إدلب بعيدا عن همجية وتوحش ميليشيات أسد الطائفية، قامت عدة مؤسسات وهيئات مختلفة بإطلاق عدد من المشاريع والمبادرات التي  من شأنها المحافظة على نظافة المدينة وتزيين مرافقها لإظهارها بأبهى حله، ولعّل أبرزها تلك التي أطلقتها شركة White Room  الشبابية، والتي تهدف إلى فرز النفايات أيضاً ليعاد تدويرها بشكل أفضل.  

"خليها نظيفة"

فرز النفايات حسب نوعها ضمن حاويات مخصصة أمر كان بعيدا عن تفكير الكثيرين في سوريا بالعموم وليس في مدينة إدلب فحسب، لكنه بات اليوم واقعاً بعد قيام شركة White Room  بإطلاق مبادرة ليست لتنظيف المدينة فحسب بل لفرز النفايات بأماكن مخصصة لها للاستفادة منها بشكل صحيح.

وللحديث أكثر عن المبادرة التقت أورينت نت (يامن الشامي) مدير الشركة والذي شرح أكثر عن المبادرة بقوله:

 "تختص شركتنا بالأعمال الشعبية التشاركية، ولا سيما في مجال الإصلاح البيئي، معتمدةً على همم الشباب المثقف في النهوض بالواقع الخدمي نحو الأفضل، وقمنا مؤخراً بحملة بعنوان "خليها نظيفة" على غرار الواقع في الدول الأوروبية والتي تقوم بإعادة تدوير النفايات والتخلص منها بشكل صحي، بل هناك من يستورد القمامة ليستفاد من إعادة تدويرها، ونحن وإن كانت ثقافة إعادة التدوير مازالت ضعيفة إلى حدٍ ما، فلا بد من تطبيق المبادرة للمحافظة على النظافة العامة كحد أدنى على الأقل، فنحن لا ينقصنا شيء حتى نكون مثل غيرنا بل أفضل منه من الدول التي تعتبر متطورة"

وأضاف (الشامي) "الغاية من المبادرة أولاً هو تغيير ثقافة المجتمع نحو التعامل مع النفايات، وضرورة التخلص منها بشكل سليم، لمواكبة الحضارة والتقدم وإعطاء صورة أفضل لمناطقنا، وركزنا أكثر على الأطفال في هذه المبادرة، كونهم ركيزة المستقبل وأمل الأمة من خلال عدة نشاطات توعوية".

سلة خاصة لكل نوع 

بات منظر سلل النفايات الملونة والمزودة بلوحة مكتوب عليها نوع النفايات التي يجب أن ترمى بداخلها، منظراً مألوفاً بعض الشيء في مرافق مدينة إدلب وحدائقها.

 

وعن تنفيذ المبادرة تحدث لأورينت نت مدير قسم التسويق في شركة White Room ( مهند اليماني) قائلاً "وزعنا عدة سلل مهملات عبارة عن مجسم طفل بابتسامة عريضة، تحمل كل سلة لونا مغايرا، وعبارة مختلفة، زجاج، ورق، معادن، في حديقتي (البرج) و(الحجاز) في مدينة إدلب، إضافةً لزرع الأزهار والأشجار بتنسيق بستاني جميل، لإضفاء الرونق والجمال على المدينة".

وأضاف (اليماني) متحدثا عن التفاعل الذي لقيته المبادرة: "بدأنا بقطاف أولى ثمار مبادرتنا بعد قيام الأطفال في الحديقة برمي المهملات في سللها المناسبة بحسب نوعها، ولاحظنا تقيد الأطفال بهذا الأمر وسرعة الاستجابة منهم، والثناء الواضح من الأهالي على أهمية تلك المبادرة في صناعة جيل المستقبل". 

سعادة واضحة.. وتطلعات هادفة

من مكب للنفايات إلى حديقة غناء، هكذا تحول الكراج القديم في سوق الخضرة في مدينة إدلب إلى حديقة (الحجاز)، بعد تنفيذ شركة White Room للمشروع التشاركي مع أصحاب المحلات التجارية القريبة من الكراج والذين عبروا عن سعادتهم بهذا الإنجاز.

 

(علي أبو أحمد)  صاحب إحدى المحلات المشاركة بالمبادرة، عبر عن سعادته بهذا التحول الإيجابي والمظهر الحضاري اللائق، مما زاد في حركة الناس والإقبال على الحديقة للتنزه والاستمتاع بالمناظر الجميلة، ومشاهدة تجربة فرز النفايات عبر سللها المتخصصة".

من جهته قال (أحمد العلوش) لأورينت نت: "تمتاز هذه الخطوة بمجاراتها للتطور والتقدم نحو الأفضل، وبما تحتويه من ثقافة خدمية ومجتمعية هادفة، وخاصة لدى الأطفال فعلى سبيل المثال ابني "خالد" ذو التسع سنوات يقوم بتعبئة النفايات بحسب نوعها بأكياس نايلون صغيرة ليرميها بالسلل المخصصة لها كونها قريبة من منزلي ويقول لي مسروراً "طفل النفايات عم يضحكلي" ويقصد بذلك طبعاً مجسم الطفل المعدني الملاصق للسلة".

بينما عبر (مهند اليماني) "عن رغبته بالتعاون والتنسيق مع كل الجهات المختصة والمنظمات والمؤسسات المعنية وحتى مع الأهالي وأصحاب المحلات التجارية للتعاون بتوسيع المشروع وتعويمه على المحرر بشكل كامل لتغطية كافة أنحائه ومرافقه العامة والخاصة، فبذلك نعطي أنطباعا أفضل عن البلد ونقضي على ظاهرة نبش النفايات، والتخلص منها بشكل غير صحيح وصحي كإحراقها أو دفنها وما يرافق ذلك من أضرار صحية وبيئية، بل نحول النفايات إلى شيء إيجابي يعود بالفائدة والنفع على المجتمع بشكل عام.