إسرائيل وألمانيا وفلسطين: قائمة هتلر وضريبة المحرقة!

إسرائيل وألمانيا وفلسطين: قائمة هتلر وضريبة المحرقة!
هل وقوف قيادات سياسية ألمانية مع إسرائيل هو موقف خاص بألمانيا التي مازالت تحتفظ بعلاقة خاصة مع إسرائيل، أهم ربما من أي علاقة أخرى تعقدها ألمانيا مع الخارج، أي أهم حتى من العلاقة الأمريكية الإسرائيلية.  العلاقة الألمانية الإسرائيلية ترتبط عند الألمان بذكرى المحرقة أولا، وما يترتب على هذا الحدث الكبير في تاريخ ألمانيا من واجبات اقتصادية تجاه إسرائيل؛ بحيث إن ألمانيا بقيت لعقود تدفع لإسرائيل ما يمكن تسميته بجزية أو ضريبة المحرقة.

في أحداث غزة الأخيرة أعلن عدد من السياسيين موقفهم المتوقع من إسرائيل، بل إنه الموقف الوحيد الممكن توقعه. أي الوقوف مع إسرائيل بغضّ النظر إن كانت إسرائيل مذنبة وتتحمل المسؤولية أم لا، فلا يحتمل أن يعلن أي سياسي ألماني موقفا آخر أصلا.

العلاقة الألمانية الإسرائيلية ترتبط عند الألمان بذكرى المحرقة أولا، وما يترتب على هذا الحدث الكبير في تاريخ ألمانيا من واجبات اقتصادية تجاه إسرائيل

حسنا إذا كان بعض السياسيين الألمان يقفون مع إسرائيل دائما وعلى طول الخط فهل هذا لأجل أن إسرائيل قوية تملك تفوقاً ساحقا عسكريا واقتصاديا على الفلسطينيين، بل أيضا على كل الدول العربية؟ أم لأنها في عيون الألمان دولة مهدَدَة من العرب الفلسطينيين؟

الاحتمال الثاني هو الأرجح على الأغلب، فإسرائيل في نظر الألمان دولة ضعيفة خائفة وهي الحمل الوديع الضعيف الذي تخاف عليه أمه، والأم تخشى على ابنها حتى لو صار أبا كبيرا فيبقى في نظرها طفلا أو صغيرا يحتاج حمايتها ورعايتها حتى لو كان قاتلا محترفا أو ديكتاتورا يملك دولة بحالها.. هذا هو حال النخبة الألمانية سياسية وثقافية وإعلامية مع إسرائيل، على الأقل هذا ما يبدو عليه حال هذه النخبة.

أكثر من ذلك فالشعور بالذنب تجاه إسرائيل أصبح عقيدة في ألمانيا ودول عديدة .. هذا الشعور يجعل الإنسان تابعا معاقا لا يستطيع أن يأخذ موقفا صحيحا بل يصبح فصاميا، فهو أولا يحاكم منطقيا ويقف موقفا طبيعيا من كل القضايا البديهية .. أما إذا تعلق الأمر بإسرائيل فتصبح المحاكمة العقلية مختلة ويختفي المنطق ويتخلخل الموقف الطبيعي.. فالألماني المثقل بالذنب اليهودي الإسرائيلي مثله مثل بقية البشر يعتبر قتل الأطفال جريمة ويعتبر قصف المدنيين عارا أما إذا كانت إسرائيل تفعل هاتين الفعلتين فتقتل أطفال الفلسطينيين وتقصف بيوتهم فهذا أمر مبرر أو هو على الأقل أمر قابل للنقاش. 

إسرائيل في نظر الألمان دولة ضعيفة خائفة وهي الحمل الوديع الضعيف الذي تخاف عليه أمه، والأم تخشى على ابنها حتى لو صار أبا كبيرا

هل الفلسطينيون هم من قاموا بالمحرقة؟

كل هذه المحاباة لإسرائيل تأتي على خلفية المحرقة.. ولكن هل الفلسطينيون هم من قاموا بالمحرقة أم الألمان؟ 

إذا كان ضعف الفلسطينيين هو ما يجعل سياسيين غربيين وعرباً يقفون ضدهم أو يقفون مع إسرائيل أو يتجاهلون الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين فهذا يعني أن شعوبا وجماعات ومجموعات مهددة بالفناء أو الدمار مثل الشعب السوري واللبناني والعراقي وشعوبا في إفريقيا أو مسلمي الصين ...إلخ فالأخلاق الحديثة في أوروبا كما أخلاق الأنظمة العربية تنصّ على الوقوف مع القوي ضد الضعيف كما يقول نيشيل أونفري الفيلسوف الفرنسي المثير للجدل .. 

وبخلاف ما يذهب إليه (ميشيل أوتفري) وسياسيو ألمانيا وأمريكا والأنظمة الديكتاتورية الغربية، من البدهي القول إنه لا يجوز الوقوف مع الأقوياء ضد الضعفاء بل يجب الوقوف مع الضعفاء، فالأقوياء لا يتعرضون -طالما هم أقوياء- لخطر الفناء على خلاف الضعفاء الذين هم معرضون في كل لحظة للفناء على يد الأقوياء، ويتأكد احتمال فنائهم أو إبادتهم طالما أن مزيدا من الأطراف والجماعات والقوى تقف مع الطرف القوي .

ألمانيا وأمريكا تقف ضد الفلسطينيين لأنهم ضعفاء كما وقفت أوروبا ضد الهنود الحمر وأبادت جيوشها أربعين مليون أمريكي أصلي (هندي أحمر).. وها هي تكرر نفس الموقف اليوم من الفلسطينيين وربما من شعوب أخرى، فلا تفعل شيئا لإنقاذهم من مجازر ارتكبت بحقهم طوال عقود، فقط لأنها شعوب ضعيفة لا يمكن أن تؤذي الأقوياء! 

الوقوف مع الأقوياء إذا ما تحول إلى قانون يعني أن يصبح كل شيء مباحا ويعني أن العالم مقبل على إبادات لا تتوقف للشعوب والجماعات الضعيفة... 

ألمانيا وأمريكا تقف ضد الفلسطينيين لأنهم ضعفاء كما وقفت أوروبا ضد الهنود الحمر وأبادت جيوشها أربعين مليون أمريكي أصلي (هندي أحمر).. وها هي تكرر نفس الموقف اليوم من الفلسطينيين

إسرائيل تكمل ما بدأه هتلر!

في كتابه الشهير "كفاحي "وضع هتلر العرب في المرتبة الثانية بعد اليهود في قائمة الشعوب المنحطة الواجب التخلص منها... ما تفعله إسرائيل والأنظمة الديكتاتورية اليوم هو بالضبط إكمال القائمة التي بدأها هتلر، أي التخلص من العرب ابتداء بالفلسطينيين وانتهاء بالسوريين.

إذا كان هتلر قتل ثلاثة ملايين يهودي ومغربي وغجري في المحرقة فإن إسرائيل ونظام الأسد وأمريكا قتلوا مليوني سوري وعراقي وفلسطيني على الأقل ... تستطيع السيدة ميركل وكل السياسيين الألمان الوقوف إلى جانب إسرائيل كما يمكنهم التهرب من مسؤولياتهم الإنسانية والتغاضي عن قتل أطفال فلسطين الغزاويين، غير أنهم حالما يخرجون إلى التقاعد بعد سنوات ستلاحقهم دماء الأطفال حتى في منامهم ولن ينفعهم حينها تغطية الدم بالمحرقة.

التعليقات (1)

    آشور

    ·منذ سنتين 10 أشهر
    أونفراي هو فيلسوف فرنسي مُلحد وليس مثير للجدل بل عقلاني للغاية! خرافة معاداة السامية هي أكبر إدانة "لفلسفة العقل والتمدُّن والحريات والديموقراطيات و..الخ" .. المُعتدي واضح والمُعتدى عليه أوضح فمع مَنْ نقف؟!
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات