من القدس لـ غزة للشمال السوري المحرر وترابط المسار

من القدس لـ غزة للشمال السوري المحرر وترابط المسار
من القدس لـغزة إلى الشمال السوري (المحرر), صورتان متشابهتان بل ومتطابقتان بالمشهد لكنهما متعاكستان بالعمل والمبادرة.

تعدي قطعان المستوطنين الإسرائيليين المدعومين من الشرطة الإسرائيلية على أهلنا المقدسيين والمواجهات بين الشباب الفلسطيني التي تفجرت على إثر اقتحام قوات إسرائيلية لساحات المسجد الأقصى, ومواجهات أسفرت عن إصابة المئات من الفلسطينيين, كانت عقب مداولات بمحاكم إسرائيلية غايتها إخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من منازل يقيمون فيها في حي "الشيخ جراح" في مدينة "القدس" لصالح قطعان المستوطنين.

يقول الصحفي المقدسي محمد عبد ربه: إن ما شهده الأقصى هو اجتياح واستباحة غير مسبوقة للأقصى وقنابل غازية وصوتية, وكلها أمور لا تبشر بالخير.

أهل غزة اعتبروا عملية الدفاع عن المقدسيين هي معركة دفاع عن النفس, بإسقاط جوهري ووطني لترابط كافة المسارات الفلسطينية في مسار واحد تحت قاعدة "نعيش معاً أو نموت معاً", وبإجماع فلسطيني كامل كما يرى الدكتور "حسن خريشة" البرلماني الفلسطيني السابق عندما قال: "الأمور تتكرر مرة أخرى" مرجحاً أن يكون سيناريو حي "الشيخ جراج" الشرارة التي ستحرق المنطقة, بشكل يعيد مشاهد شرارة اقتحام الأقصى عام 2000 عندما اقتحم زعيم الليكود المعارض أرييل شارون المسجد الأقصى.

أهل غزة اعتبروا عملية الدفاع عن المقدسيين هي معركة دفاع عن النفس, بإسقاط جوهري ووطني لترابط كافة المسارات الفلسطينية في مسار واحد 

وهذا ما يؤكد مرة أخرى قدرة الفلسطينيين على ربط كامل مساراتهم وتقديم أنفسهم للعالم على أنهم كتلة واحدة متراصة, وعقد فريد لا يمكن قطعه, و"بشت" فلسطيني متماسك لا يمكن فصم عراه منسوج بلحمة وطنية تمتد على كامل البقاع الفلسطينية من الضفة الغربية إلى قطاع غزة إلى القدس وعرب الـ48 وكامل فلسطينيي المهجر, وأن الشعب الفلسطيني يعيش دائماً "فزعة تتحول إلى هبة ثم انتفاضة".

لو صعدنا شمالاً ووضعنا القضية السورية في كفة المقارنات, الثورة السورية العظيمة التي شغلت العالم على مدار أكثر من عشر سنوات, سنوات من التشرد والقتل, سنوات البراميل المتفجرة وصواريخ السكود, وسنوات الدمار الممنهج واستخدام الأسلحة الكيماوية الذي اعتمدته آلة الأسد العسكرية مع كل من تحالف معها بقتل الشعب السوري المنتفض على منظومة استبدادية استباحت البلاد والعباد لخمسة عقود مرت, وتنتهي الآن  من مسرحية انتخابات تمهد لها الطريق للاستمرار بحكم عسكري سلطوي استبدادي يرتكز على جرائم جيوش أجنبية محتلة تسانده بقمع ثورة شعب طالب بالحرية.

المقارنة التي أردناها تدخل في حيز الدلالات حول ما فعلته فصائل "غزة" الفلسطينية نصرة لأهلهم في مدينة "القدس" المحتلة (وأن كنا نختلف مع بعضهم بتحالفاتهم), وبين ما يحدث فيما تبقى من مناطق في شمال غرب سوريا (أرياف في الساحل ومحافظات حماه وإدلب وحلب), مناطق نقول عنها تجاوزاً أنها "محررة", وما فعله أمراء الحرب بكل الآلة العسكرية التي يمتلكونها, والتي يُفترض أنها موجودة للدفاع عن المدنيين من بطش جيش الأسد, وإجرام ميليشيات إيران وحزب الله وعشرات الميليشيات الطائفية التي استقدموها لقتل الشعب السوري, ويدعمهم بتلك الحرب الظالمة أسطول جوي من المقاتلات الروسية تقوده قاعدة "حميميم" الجوية, وأسطول بحري من السفن الصاروخية تقوده قاعدة "جول جمال" البحرية التي تهيمن عليها روسيا على الشواطئ السورية في طرطوس, والمقارنة تقول:

مع نهاية عام 2019 وحتى بداية عام 2020 كانت هناك معارك قاسية وعلى جبهة برية واسعة, استطاع من خلالها نظام الأسد مدعوماً من إيران وحزب الله وبغطاء جوي استراتيجي روسي, إعادة السيطرة على مناطق واسعة كانت محررة في أرياف اللاذقية وحماه وإدلب وحلب, وإعادة بسط سيطرته عليها من خلال معارك على عدة مدن وبلدات كانت تشكل نقاط ارتكاز أسياسية لفصائل المعارضة السورية (الهبيط, مورك, اللطامنة, خان شيخون, معرة النعمان, وسراقب وكامل القرى المحيطة بها), إضافة إلى إعادة سيطرته المطلقة على الأوتوستراد الدولي الأهم في سوريا (أوتوستراد دمشق_حلب) مع ما يمثله من ربح معنوي واقتصادي لنظام أسد, في ظل عدم توازن قوى بين الطرفين نتيجة غياب الدعم الحقيقي لفصائل المعارضة, وفي ظل غياب الأسلحة الثقيلة التي سرقها تنظيم الجولاني, وفي ظل تفوق جوي مطلق للروس ونظام الأسد اللذين اتبعا سياسة "الأرض المحروقة" بعيداً عن أي اشتباك حقيقي أو معارك حقيقية بعد استخدامهما لأسلحة بعيدة المدى والتي أحرقت المسافات البينية, وأجبرت الفصائل على التراجع والانسحاب, أو كما يسميها أمير تنظيم القاعدة الجولاني (الانحياز عنها), والأقسى من ذلك كان غياب الدعم الحقيقي من فصائل الجيش الوطني في شمال حلب (وهنا لب المشكلة) التي اكتفت بمؤازرات خجولة ومنها ما كانت مؤازرات إعلامية ووهمية, وقبلها سألنا أيضاً في معارك أرياف حمص والقلمون ومعارك الغوطة ومعارك الجنوب... أين دعمكم لتلك المناطق, وأين مؤازراتكم, وأين ترابط مسارات الثورة التي نشاهدها اليوم على أرض فلسطين, وأين وحدة الصف والهدف والمصير؟؟

ألسنا في ثورة واحدة؟؟ أليس مصيرنا واحد؟؟

حتى أن أحد الفصائل الذي يقوده "أبو الخولة" عندما تحرك نصرة للغوطة وسيطر على قرية "تادف" في جنوب مدينة "الباب" وحررها, تكالب عليه أمراء الحرب ووضعوه بالسجن بتهمة (فساد) كما أوصاهم رئيس أركان الجيش الوطني (حينذاك) الذي قال: قولوا إننا قبضنا على القائد "أبو خولة" لأنه فاسد وليس لأنه حرر قرية "تادف" كي لا تجعلوا منه بطلاً.

قبلها سألنا أيضاً في معارك أرياف حمص والقلمون ومعارك الغوطة ومعارك الجنوب... أين دعمكم لتلك المناطق, وأين مؤازراتكم, وأين ترابط مسارات الثورة التي نشاهدها اليوم على أرض فلسطين, وأين وحدة الصف والهدف والمصير؟

في بديهيات ومبادئ العلوم العسكرية والفن العسكري وفن إدارة المعارك ما يسمى المناورة بالجبهات, والمناورة بالنيران, وتلازم فتح جبهات متعددة لتشتيت قوات العدو, وتكتيك فتح معارك على جبهات غير متوقعة لتخفيف الجهد عن مناطق صديقة تتعرض لضغط من قبل العدو, وأساليب وفنون عسكرية مختلفة, بالتأكيد يجهلها أمراء الحرب الحاليون الذين اقتصر تفكيرهم (الجهادي والقتالي) بما تجنيه شبيحتهم على المعابر وحواجز التشليح والنهب, وما تدرّه عليهم تجارتهم الممنوعة وصفقات التهريب حتى للعدو طمعاً في زيادة أرصدتهم المادية, وطمعاً ببقائهم في كراسي السلطة بعيداً عن أي توجه حقيقي لنصرة بقية الجبهات, أو حتى التفكير بنصرة ثورة شعبهم المشرد والمهجر والنازح الذي ضحى بأعز ما يملك ويعيش في مخيمات الجوع والفقر والبرد.

وحدة الموقف والمسار التي نشاهدها اليوم بين عموم جبهات فلسطين كنا الأولى بها كشعب سوري, وكفصائل تحمل سلاحاً دٌفعت أثمانه من دماء الشهداء, ولم يرثها أمراء الحرب الصعاليك الذين يتربعون اليوم على سدة المشهد العسكري من أموال آبائهم أو كد يمينهم.

وحدة الموقف والمسار التي نشاهدها اليوم بين عموم جبهات فلسطين كنا الأولى بها كشعب سوري, وكفصائل تحمل سلاحاً دٌفعت أثمانه من دماء الشهداء, ولم يرثها أمراء الحرب الصعاليك الذين يتربعون اليوم على سدة المشهد العسكري

وحدة المسار, التي لو فُعلت بفكر عسكري بناء في جبهات أرياف حلب الشرقية والشمالية والغربية وفي أرياف الساحل وإدلب وبجبهات تمتد لأكثر من 180كم تمتلك تماساً برياً ونارياً مع مواقع العدو الأسدي والإيراني وكل من يدعمهما, لكان تم فتح عشرات الجبهات الأخرى, القادرة على تشتيت جهود العدو, والقادرة على إجباره على وقف إجرامه بحق أهلنا المدنيين, وكانت قادرة على تخفيف الضغط الجوي والبري والناري على المناطق المهددة بالسقوط, وكنا منعنا سيطرة النظام على بلدات ومدن الهبيط واللطامنة ومورك والخان والمعرة وسراقب أو نصفها على أقل تقدير.

وحدة المسار ووحدة الصف ووحدة الموقف, غابت عن كل استراتيجيتنا بالعمل العسكري وحتى السياسي, فلا ترابط بين المسارات, ولا ترابط بين جبهات الجنوب والشمال, ولا ترابط بين الغوطة وإدلب, ولا ترابط حتى في جبهات المحافظة الواحدة.

أمام هذا الواقع المؤلم, وأمام هذا التشتت, وأمام هذا الضياع ... كيف تنتصر الثورة؟؟

والأهم من كل ذلك ... كيف تنتصر ثورة يقودها من لا يريد الانتصار؟؟

التعليقات (2)

    hope

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    قادة ما يسمى الفصائل و الشرعيين الذين شتتوا جهد الثورة واجهضوها ابتغاء مصالح ضيقه نراها الان من سمسره و بلطجه واستقواء على الناس التي ضحت بالغالي والنفيس للتخلص من مجرم سفاح. لا يقل وزرهم عن وزر من اجرم بحق السوريين.

    ابن الثورة المقدسة

    ·منذ سنتين 9 أشهر
    هذه الشلة المرتزقة لدولة تركية لا يمثلون الثورة السورية وإنما خدم عند تركي الذي بدوره يقوم بتأسيس دويلة تركماني في ال شمال السورية
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات