العنف ضد الأطفال ظاهرة منسية في زحمة الحرب والنزوح و"نهلة ورهف" صفارة إنذار (صور)

العنف ضد الأطفال ظاهرة منسية في زحمة الحرب والنزوح و"نهلة ورهف" صفارة إنذار (صور)
لم يعد الطفل أيهم البكور البالغ من العمر ثماني سنوات يرغب بالذهاب إلى المدرسة أو حتى الخروج من المنزل بعد تعرضه للتنمر من قبل زملائه في المدرسة وأولاد الحي الذي يعيش فيه بعد نزوحه مع أهله منذ أكثر من عامين.

وقالت والدة أيهم وتدعى فاطمة العبيدو " مؤلم ومحزن جداً أن تشاهد ابنك يعاني الألم البدني والعاطفي الناجم عن التنمر من المجتمع المحيط دون أن تستطيع مساعدته أو حمايته فلا قوانين رادعة ولا توعية مفيدة" وتضيف أن أيهم يبكي ويصرخ حين يحاولون إعادته للمدرسة ولم تجد كل محاولاتهم لإقناعه بالعودة، وهي تخشى على ابنها العزلة والخوف، ولا تعلم سبيلاً يمكن أن يساعدها على إخراجه من تلك الحالة التي تقوقع بها.

وللتنمر في المخيمات شمال سوريا حكاية أخرى، ففي مخيم كفر لوسين يرفض الطفل حسام البالغ من العمر خمس سنوات الخروج من خيمته بعد أن تعرض للضرب مرات عديدة من أطفال المخيم الذين يستغلون صغر سنه وضعفه لينهالوا عليه ضرباً دون حسيب أو رقيب وفق رواية والدته الأربعينية التي لم تلحظ نية بردع هؤلاء الأطفال من قبل ذويهم الذين لم يستجيبوا لشكواها المتكررة.

وتزداد ظاهرة التنمر في إدلب وشمال غرب سوريا وخاصة ضد الأطفال النازحين سواء من قبل أطفال المجتمع المضيف أو نتيجة مشاكل الأطفال الاعتيادية بينهم أنفسهم.

والتنمر كما تعرّفه منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف " هو عبارة عن نمط سلوكي مكرر وفق سمات ثلاث، القصد، التكرار والقوة، وهو يقصد إلحاق الأذى الجسدي أو الكلام أو السلوك المؤذي ويكون الصبية عادة أكثر عرضة للتنمر البدني في حين تكون الفتيات أكثر عرضة للتنمر النفسي، غير أن ما جرى مع الطفلة نهلة عثمان البالغة من العمر (٦ سنوات ) خرق كل القواعد والتعريفات حين تعرضت طفلة للتعنيف الجسدي والعاطفي والتقييد بالسلاسل ليس من المجتمع المحيط هذه المرة، وإنما من أقرب الناس إليها، من والدها الذي حبسها وجوعها وضربها، ما أودى بحياة الطفلة المنسية في نهاية المطاف.

ولم تكن حالة نهلة الأخيرة بل تعددت الحالات المشابهة، وقد غزت صور الطفلة رهف البالغة من العمر (١١ عاماً ) منصات التواصل الاجتماعي قبل أقل من مضي  شهر على حادثة نهلة، والتي تعرضت للتعذيب هي الأخرى من والدها ما تسبب بنقلها إلى المشفى بوضع صحي حرج.

العاصفة الإعلامية التي شكلتها قصة الطفلتين المعنفتين لا ينفي وجود العشرات بل المئات من الحالات التي يتعرض فيها الأطفال للتنمر والتعنيف المباشر وغير المباشر من أُسرهم والوسط المحيط، خاصة مع انعدام الأمن وسيادة التفكك الأسري بفعل الظروف المعيشية الصعبة.

المرشدة النفسية نور الخطيب ترى أن نسبة التنمر ضد الأطفال وصلت مستويات صادمة وخاصة بعدما عاينته خلال رصدها للكثير من الحالات التي يواجه فيها الأطفال الأشد ضعفاً خطراً أكبر بتعرضهم للتنمر وغالباً ما يكونون نازحين أو من عائلات فقيرة أو من ذوي الإعاقات.

وحذرت الخطيب من عواقب التنمر الذي يترك آثاراً ضارة وطويلة الأمد في الأطفال كالتأثيرات البدنية والمشاكل العاطفية ومشاكل الصحة العقلية بما في ذلك الاكتئاب، والقلق والعصبية، وتراجع الأداء المدرسي، إضافة للشكوى من الصداع، والمعاناة من الكوابيس وقلة النوم.

وتشير الخطيب إلى ضرورة متابعة حالة الطفل وخاصة ممن تظهر عليه أحد الأعراض آنفة الذكر وسماع مشاكله وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي له، وعقد جلسات متعددة لتوعية الأهل بماهية التنمر وآثاره وضرورة محاربته والحد منه.

وهناك درجات من الدعم النفسي المفقود كلياً في سوريا والذي يحتاجه الأطفال من ضحايا الحروب والتنمر والعنف حسبما قالت، ولابد أن يكون بالتوازي بين أطراف عدة من فرق الطوارئ والأطباء المتخصصين والاختصاصيين النفسيين والأسرة و المدرسة وتوعيتهم بطبيعة الحالة النفسية للطفل وتحفيزه على الرسم والتعبير عن مشارعه وما مر به من ضغوطات، أو بخضوعه لجلسات نفسية ، بالإضافة إلى ضرورة وجود دور من مؤسسات إغاثية متخصصة للتخفيف من المعاناة التي تعرّض ويتعرض لها الطفل السوري بشكل يومي.

التعليقات (1)

    محمد

    ·منذ سنتين 10 أشهر
    حسبنا الله. اللهم فرج عن الأطفال
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات