انتخابات أسد المزورة في اللاذقية.. مؤسسات قهرية وتجمعات العلويين المترددة تربك المشهد

انتخابات أسد المزورة في اللاذقية.. مؤسسات قهرية وتجمعات العلويين المترددة تربك المشهد
إن أخفوها أو أعلنوها، الجميع يدرك أنها تمثيلية معتادة، انتخابات نظام أسد المزورة استمرارية لديكتاتورية لا تعرف من الديموقراطية إلا حبرا على ورق الإعلام، وهذا بدأ منذ اليوم الأول لانقلاب حافظ الأسد عام 1970.

لا شيء سيتغير إلا نسبة نجاح الديكتاتور، لا شك سيخفّضها محاولا إظهار انتخاباته بأنها ديمقراطية، وهو الذي سمح للمرة الثانية بترشّح غيره لها، هذا ما جعل سكان ما يسمى (سوريا المفيدة) عموما وأبناء الساحل على وجه الخصوص يقبلون بفتور وملل على المشاركة في التجمعات الانتخابية التي تسبق استكمال المشهد بالتصويت، رغم قناعة أبناء طائفته أن هذا واجب عليهم.

وشهدت محافظة اللاذقية عشرات التجمعات الانتخابية، وحاولت أجهزة نظام أسد حشد أكبر عدد ممكن فيها، فلجأت لإلغاء التجمعات المركزية خشية عدم قدرتها على شحن الموالين إليها بأعداد تكفي لإقناع المتابعين باهتمام أنصاره بالانتخابات، واستبدلتها بتجمعات مناطقية، لكنها تدعو إليها كما لو أنها مركزية، فتفرض على كثير من الشرائح الاجتماعية في كل المحافظة الحضور إليها لتبدو كبيرة.

مهمة الإرغام

وعلمت أورينت من مصادرها أن أجهزة الأمن توكل إلى المؤسسات القهرية مثل حزب البعث واتحاد شبيبة الثورة ومنظمة طلائع البعث مهمة الطلب من منتسبيها الحضور إلى التجمعات تحت التهديد بالفصل، كما أوعزت للمؤسسات الرسمية والنقابات والمنظمات للطلب من موظفيها وأعضائها مغادرة العمل والتوجه للمشاركة في التجمعات أينما أقيمت، والأكثر فجاجة من كل ذلك أعلمت الأجهزة الأمنية مخاتير الأحياء والقرى بضرورة إبلاغ المواطنين بأنها ستوقف منح سلال الغذاء لكل من يتوانى عن حضور التجمعات الانتخابية.  

وتعقيبا على هذا الأمر بالتحديد قال الدكتور  (أحمد . ن) بعلم الاجتماع بجامعة تشرين إن تهديد المواطن بما تبقى له من لقمة العيش عمل قذر وجبان إذا لم يشارك في هذه المهزلة، "إن هذا وحده سبب كاف ليكره السوريون نظامهم ورئيسهم وبلدهم، بل وحياتهم، ولا غرابة إن كانت ردة فعل بعضهم عدم المشاركة حفاظا على كرامته" حسب قول الدكتور.

توفير المستلزمات

كما أوعزت الفروع الأمنية لمؤسسة النقل العامة بتخصيص باصاتها لنقل المشاركين في "العرس الانتخابي"، وفرضت على تجّار المدينة وأصحاب المهن دفع مبالغ مالية كبيرة لتمويل التجمعات الانتخابية من شراء الأعلام والصور إلى الطعام وتكلفة المواصلات وغيرها.

تاجر لبيع الأقمشة في المدينة أكد لأورينت نت أن عناصر دورية أمنية حضروا لمحلّه التجاري وطلبوا منه خمسة ملايين ليرة سورية من أجل تمويل انتخابات نظام أسد، وهدّدوه بإغلاق المحلّ إن لم يدفع، وقال لنا والأسى واضح بصوته على الهاتف "لم أبِع خلال شهر كامل بهذا المبلغ، أحتاج شهورا لتعويضه".

غير أن هناك ما هو أكثر سخرية سوداء، نقله لنا سائق سيارة نقل عمومية في اللاذقية، حيث أشار إلى أن ثلاثة شبان ركبوا معه من حيّ دمسرخو طالبين الذهاب إلى قرية دوير بعبدة بالقرب من القرداحة، وعندما أوصلهم رفضوا إعطاءه الأجرة، وصرخ أحدهم بوجهه "ولك نحن جايين عالتجمع الانتخابي، والله إذا ما بتمشي فورا من هون لبلّغ الأمن عنك".

هذه صور سريعة وموجزة لانتخابات أسد الديموقراطية، تبدأ بممارساته هنا لتصل إلى تنصيبه على رقاب السوريين لسبع سنوات جديدة يعزز فيها هذه الصورة من الديموقراطية.

الصورة

وتفرغت منظومة إعلام نظام أسد بكل مكوناتها المشهودة والمقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي لتغطية الاحتفالات السابقة للانتخابات، فسكبت الكثير من الحبر ونشرت المشاهد والصور التي رغم المحاولات الحثيثة لإظهارها كبيرة وواسعة إلا أنها لم تنجح في ذلك غالب الأحيان، فبانت مشاركة خجولة وضعيفة، وفشلت إلى حد كبير محاولات إرغام "الناخبين" على المشاركة في مراسم الدبكات والرقص.

ففي ناحية البهلولية (تجمع علوي نشط مؤخرا بمعارضة بشار في الفضاء الافتراضي) شرق اللاذقية استنفرت المفارز الأمنية ومخافر الشرطة والمجالس المحلية والمخاتير لاستحضار عدد كبير للمشاركة في تجمّعٍ انتخابي أقيم فيها، لكن الحضور لم يتجاوز العشرات تبيّن أن معظمهم تم شحنه قسريّا من حيّ الرمل الجنوبي في اللاذقية حسب ما أفادنا محمد الساحلي الناشط المتعاون مع أورينت نت.

ما جرى في البهلولية ينطبق على بقية التجمعات الانتخابية في المناطق الأخرى، من حيث المشاركة، وأكد الساحلي أن المشاركة فيها تكاد تقتصر على عناصر الأمن وأعضاء الفرق والشعب الحزبية، إضافة لبعض الراغبين بتناول الطعام أو الشراب المقدّم فيها أو اللهو قليلا.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات