لكن ما أثار استنكار الكثير من الناشطين هو بعض التصريحات من قادة "حماس" التي شكرت فيها إيران على دعمها بالمال والسلاح للمقاومة، وأعلنت استعداداها لإعادة العلاقات مع نظام "بشار الأسد" المجرم، بعد توجيه التحية له والثناء على الفصائل الفلسطينية التي اجتمعت معه.
حيث قال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في كلمة مسجلة عقب الهدنة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي: "لا يسعني إلا أن أقدم الشكر للذين قدموا المال والسلاح، للمقاومة الباسلة، للجمهورية الإسلامية في إيران، الذين لم يبخلوا عن هذه المقاومة بالمال وبالسلاح وبالتقنيات".
كما قال "أسامة حمدان" ممثل حماس في لبنان خلال لقاء مباشر بتاريخ 21.05.2021 مع قناة الميادين الداعمة لإيران والأسد، إنه مستعد لإعادة العلاقات مع دمشق وردّ بالتحية والامتنان على تحية بشار الأسد لفصائل المقاومة وقال إن الفصائل الفلسطينية التي اجتمعت مع الأسد تمثله وتنوب عنه!.
وقد سبق أن وصف "هنية" وعدد من قيادات حماس قاسم سليماني بشهيد القدس! مشرعنين بهذه التصريحات إجرام سليماني في سوريا الذي فاق إجرام إسرائيل بمئات المرات.
هذه التصريحات الغبية والمفتقرة لأدنى درجات الاحترام لمشاعر السوريين الذين قتلهم النظام الإيراني والأسدي أشعلت دعوات الاستنكار والتنديد بمواقف حماس الداعمة للقتلة والمجرمين.
إيران وميليشياتها وكل أذنابها من نظام الأسد وحزب الله وكل شخص شكرها وأعلن عن رغبته بإعادة العلاقات معها هو عدونا، هو عدو لتضحيات الملايين من السوريين، هو يرى بعين واحدة، يرى اليد التي تدفع له المال ولا يرى اليد الثانية التي تقتل أخاه.
عداؤنا لإيران أكثر من عدائنا للمحتل الإسرائيلي، فما أجرمه الاحتلال الإسرائيلي بحق أهلنا في غزة خلال هذه المعركة كلها كان يقوم بمثله المحتل الإيراني في دقائق فقط بحق السوريين، ولا أجد أي مبرر لشكر قاتل ومجرم، فالإنسانية لا تتجزأ ولا تكون في منطقة دون أخرى.
قد يسأل سائل فيقول: المقاومة مضطرة لدعم إيران وخصوصاً بعد أن تخلى عنها كل العرب والمسلمون؟ وإذا كنت تطلب من حماس عدم التعاون مع إيران فأعطني البديل؟
أقول: لسنا بحاجة مجرم وقاتل يقتل أخي ليساعدنا، حماس حركة مقاومة يفترض أنها تؤمن بالله وبنصر الله، وتعلم أن كل سلاحها وقدراتها لولا نصر الله لا قيمة له، فنصر الله لا يتطلب بديلاً ولا يتطلب استجداء القتلة والمجرمين، نصر الله يتطلب يقيناً وإيماناً صادقاً به والعمل مع الصادقين والشرفاء على إعداد العدة وتجهيز المعركة، ونعلم أن المال الذي تقدمه إيران لحماس مسروق من خيرات البلاد العربية، وأن السلاح الذي ترسله -إن كانت ترسله فعلاً- فهو مجرب في صدور السوريين قبل أن يرسل لحماس.
قد يسأل آخر: حماس ضمنيّاً مع الثورة السورية وهذه تصريحات إعلامية ومجاملات ليس لها قيمة، لماذا لا نغض النظر عنها؟
أجيب: من قال إن الإعلام ليس له قيمة؟ ألم يكن الإعلام هو أحد الأسباب الرئيسية لنصرة القضية الفلسطينية؟ لولا الإعلام لذهبت فلسطين كلها، إيران قدمت دعمها لحماس مقابل كلمة "شهيد القدس" وهي تعي جيداً قيمة هذه الكلمة من مقاومة دعمتها ووقفت معها جميع الشعوب العربية والإسلامية، تعي أثر جملة "شكراً للجمهورية الإسلامية الإيرانية" من ممثل مقاومة ينتظر كلامه مليار ونصف المليار من المسلمين، تعي جيداً معنى استعداد المقاومة لإعادة العلاقات مع نظام مجرم قتل مليونا وأكثر من شعبه، تعي جيداً أن هذه الكلمات والتصريحات من هؤلاء الأشخاص وبهذا التوقيت لها أثرها في إثبات نظرية إيران الكاذبة (بأنها حامية للقدس ولفلسطين)، وهذا سيعزز كلامها بأن طريق القدس يمر من إدلب وحلب وحمص! وسيدفعها لمزيد من القتل والإجرام.
لو قلبنا المسألة -لا قدر الله- وقلنا إن قادة الثورة السورية قرروا التطبيع مع إسرائيل وتلقي الدعم العسكري والمالي من إسرائيل لمحاربة نظام الأسد، وأننا لا نتدخل في شؤون الدول الأخرى وفلسطين دولة أخرى لا يهمنا ما يفعل بها الاحتلال الإسرائيلي، فنحن نشكر إسرائيل على دعمها ونبني العلاقات معها ولتجرم إسرائيل كما تشاء...عندها ما هو موقف أهلنا في فلسطين؟ ما هو موقف عوائل الشهداء والمهجرين؟ هل سيستنكرون عملنا ويعترضون علينا ويعادوننا أم أنهم سيباركون عملنا هذا فوق أشلاء ضحاياهم!
ختاماً أقول: إيران ونظام الأسد وحزب الله والميليشيات الإيرانية -على مر تاريخهم- لم يجلبوا سوى الدمار والقتل والتهجير والفقر ومحاولات التغيير الديموغرافي.. ولا يُرتجى من هؤلاء المجرمين تحرير ولا نصر، وأي دعم منهم سيكون له أثر سلبي على الشعوب العربية وحتى على فلسطين وغزة نفسها، فهذه التصريحات المستفزة من قبل قادة حماس مقابل دعم واهٍ ومشروط بكلمات الشكر والتبجيل للقتلة تدفع لفقدان دعم الشعوب العربية المظلومة من قبل إيران، وكلنا نعلم أنه لا توجد قوة ولا إرادة أقوى من قوة وإرادة الشعوب، وخصوصاً الشعوب المظلومة التي تلعن إيران ومن معها.
التعليقات (11)