اللاذقية: موائد فقرائها بلا غاز تنتظر "بطاقة أسماء الذكية" وشبيح يسخر من الجموع

اللاذقية: موائد فقرائها بلا غاز تنتظر "بطاقة أسماء الذكية" وشبيح يسخر من الجموع
لسان حالهم يقول: يمكننا تحمّل فقدان الكهرباء إذ نستبدلها بالشموع أو النوم عند المغيب، ويمكننا الصبر على غياب بنزين السيارات ونسير على أقدامنا إلى قضاء حاجاتنا وعملنا، لا نحتاج الحلويات والفواكه غالية الثمن، وكذلك اللحوم بأنواعها، إلا الغاز المنزلي، هذا ضرورة يومية، نريد تسخين الحليب لأطفالنا وطهي ما تبقى من برغل أو أرز لطعامهم.

إنهم سكان محافظة اللاذقية، طبعا، البسطاء منهم فقط، لأن هذه المعاناة لا تصل إلى الشبيحة والمسؤولين وضباط الأمن والجيش والأثرياء، هؤلاء يحصلون على جرة الغاز دون الحاجة لانتظار رسالة تصلهم على الهاتف إعلاما بوصولها، يستولون عليها من مخصصات الفقراء، أو يشترونها بأسعار تتضاعف مرات عديدة. لا مشكلة.

70 يوماً مرّت حتى يوم السبت دون رسائل من مؤسسة محروقات تصل للمواطنين تحمل الخبر السعيد بوصول الغاز، ومئات الأسر بل الآلاف لا تطهو الطعام ولا تسخن الحليب، هذا حال سكان محافظة اللاذقية.

"ذهبت إلى قصر المحافظة في اليوم السابق للعيد، طلبت مقابلة المحافظ، لكنهم رفضوا السماح لي بلقائه، صرخت بين المكاتب، سألت عددا من أعضاء مجلس المحافظة عن موعد وصول الغاز، لكنهم كالجدران، لا جواب لديهم، سألتهم كيف يطهون الطعام، وضحكت من نفسي بعدما تذكرت أنهم بالتأكيد يسرقون مخصصاتنا من الغاز ويطهون بها ما يشاؤون، بل ويبيعون ما يزيد عن حاجتهم بأسعار كبيرة، لم أخرج بإرادتي، كنت مصرّة على مقابلة المحافظ، لكنهم جعلوني أقابل مفرزة الأمن العسكري التي سحبتني خارجا، قبل أن يدوسوا على شرفي، حسب تهديدهم، عدتُ بما جئت به من غمّ، لا ألوي على حيلة".

محاولات يائسة

إنها شكوى أسرّتها لأورينت نت سيدة تعمل في محل بيع أقمشة، لديها ثلاثة أطفال، أصغرهم في الثانية من عمره، تقول إن زوجها راجع مؤسسة توزيع الغاز مرات عديدة، وتوسّل لهم منحه جرّة ولو بسعر أعلى قليلا، لكنهم لم يفعلوا رغم أنهم كانوا يعطون جرارا عديدة لسيارات أمنية تأتي للمكان.

حال هذه الأسرة كحال أُسر كثيرة، لم تجد طريقة للحصول على الغاز، حاولت هذه السيدة مرارا، كما غيرها، الطهي على سخان كهربائي، لكنها كانت تقضي يوما كاملا لتحضير طبخة صغيرة، إذ تنقطع الكهرباء قبل نضجها، لتعود باردة مع عودة الكهرباء، وهكذا دواليك، كما قالت.

أبو عمر من حي الصليبة، سعى للتغلب على المشكلة إلى جمع بعض الحطب لإشعاله على شرفة منزله والطهي، لكنه بالكاد تمكّن من جمع ما يفي يومين، إذ لا يتوفر في الحدائق أو البساتين القريبة، كل الناس تسعى إليه، وخلت منه المناشر لازدياد الطلب عليه.

لا حلّ قريبا

معلومات حصل عليها الناشط محمد الساحلي المتعاون مع أورينت نت من مصدر في مؤسسة محروقات تشير إلى أن كمية الغاز التي تصل لفرع المؤسسة في اللاذقية من مركزها بدمشق لا تسدّ سوى 20% من حاجة المحافظة، وستحتاج الأُسر لخمسة أضعاف الوقت المقرر لها للحصول على جرة الغاز.

وأشار مصدر مؤسسة محروقات إلى أنه لا توجد أي دلائل أو معلومات عن إمكانية توفر الغاز في وقت قريب، "نحن ننتظر مثلكم"، لكن المسؤول تهرّب من الإجابة على سؤال الساحلي، عن كيفية وصولها للسوق السوداء، وكيفية حصول الشبيحة وعناصر الأمن عليها بكل بساطة.

وكان نظام أسد لجأ إلى حصر توزيع الغاز عبر ما يسمونها البطاقة الذكية بعد تلقّي رسالة هاتفية تفيد بوصول دور حاملها، وتتراوح مدة الحصول على الجرّة التالية بين 30 و45 يوما، ومن المعلوم أن جرّة الغاز لا تكفي أسرة متوسطة العدد أكثر من عشرين يوما.

أضيفت أزمة الغاز لقائمة الأزمات الطويلة التي يعانيها قاطنو المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، لا سيما أولئك المحسوبين دون إفصاح على المعارضة، لكن هذه الأزمة أشدّ وطأة، لأنها تطال حليب الأطفال، وطعام الناس.

ونختم بما قاله لأورينت نت أبو محمد الرجل الستيني من حيّ المارتقلا "اجتمعت كل أسرتنا كما العادة في كل عيد، ولأول مرة في حياتي يحصل أن لا يكون على طاولتنا ما يؤكل ساخنا، أشكر الله على وجود شيء آخر تناولناه، ضحكنا قليلا، وصمتنا طويلا".   

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات