رغم الخوف منها.. مواقع إدلب الأثرية تتحول إلى منازل للنازحين (صور)

رغم الخوف منها.. مواقع إدلب الأثرية تتحول إلى منازل للنازحين (صور)
بينما تهم لغسيل ملابس أطفالها في وعاء بلاستيكي ونشرها وسط ساحة تحيط بها الأعمدة الأثرية، تروي النازحة خديجة الحسون (٣٥عاماً) قصة نزوحها عن بلدتها، ليستقر بها حال النزوح مع أطفالها منذ أكثر من عامين في الموقع الأثري الواقع في بلدة رأس الحصن شمال إدلب، والذي يعود للحقبة الرومانية والبيزنطية.

تقول خديجة في حديثها لأورينت نت إنها اضطرت للتأقلم مع المكان رغم انتشار الحشرات والعقارب الموجودة بكثرة داخل الآثار، فضلاً عن بعده عن مركز المدينة، واصفة المكان رغم وحشته فإنه "يحن علينا ويؤوينا في الوقت الذي لم نجد هذا الأمر من البشر".

ولم تُخفِ خديجة خشيتها على أطفالها من خطورة المكان حيث يلعبون في المكان ويقفزون فوق الأعمدة أن تنهار تلك الجدران المتهالكة عليهم، لكنها تأمل ألا يحدث هذا الأمر، إذ لا يوجد مكان آخر يذهبون إليه، بحسب تعبيرها.

وعرّجت خديجة في معرض حديثها إلى استغلال أصحاب المنازل والمكاتب العقارية للنازحين ومطالبتهم بدفع أجور مرتفعة، في الوقت الذي يعاني فيه النازح من الفقر والتهجير وقلة فرص العمل.

على مقربة من رأس الحصن، أضحت الأطلال الأثرية المترامية على أطراف بلدة دير حسان وجهة نزوح لعائلة النازح الأربعيني جمعة الراعي بعد أن ضاقت بها السبل إثر نزوحها من بلدتها بريف إدلب الجنوبي، وعجزها عن دفع إيجارات المنازل المرتفعة شمال غرب سوريا.

وقال الراعي في حديثه لأورينت نت إنه أَلِف المكان الذي وجده أفضل بكثير من مخيمات النازحين المكتظة، وبعيداً عن الأمراض والأوبئة السارية لا سيما في ظل انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) المستجد، فضلاً عن أن "الأعمدة والجدران العالية تمنع الرياح من اقتلاع الخيام".

وأشار الراعي إلى استفادة النازحين في المنطقة من أطلالها، إذ تستخدم الحجارة المنحوتة لبناء أقنان الدجاج وتعزيز الخيام، كما تحولت الكهوف إلى مواضع لحفظ المؤن، فضلاً عن استخدامها كملاجئ آمنة في حال تعرضت المنطقة لغارات جوية مفاجئة.

وقال مسؤول الآثار في الإدارة المحلية بمحافظة إدلب أيمن النابو لأورينت نت إن القصف والغارات الجوية دمرت العديد من المواقع التاريخية، وإن ما يجري مؤخراً من نقل الحجارة من أماكنها أو تكسيرها لبناء مبان جديدة من قبل المجتمع المحلي يشكل تهديداً جديداً لبقائها.

لم تكن عائلة الراعي الوحيدة التي توجهت لتستوطن بين الأسوار ومباني عشرات القرى الأثرية المتناثرة في المناطق المحررة شمال غرب سوريا، إنما استبدلت مئات العوائل الأخرى خيمها المتهالكة بالأماكن الأثرية وسط التزايد الكبير في أعداد النازحين الباحثين عن مأوى.

وتضم دير حسان الواقعة على بعد ٤٠ كيلو مترا شمال مدينة إدلب مجموعة من الآثار التي تتركز في وسط البلدة وفي الجهة الغربية منها، ومعظمها يعود للفترة الرومانية في القرن السادس الميلادي. 

ويبلغ عدد المواقع الأثرية في محافظة إدلب ٧٦٠ موقعاً أثرياً يعود تاريخها إلى حقب زمنية مختلفة، وتضم المحافظة مواقع أثرية مسجلة على قائمة التراث العالمي فيما يبقى الكثير من المواقع الأثرية الأخرى المجهولة عرضة للتخريب.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات