مذكرات خدّام5: حافظ أسد لم يجرؤ على الاقتحام دون موافقة أمريكا وعون هرب خلال ساعات

مذكرات خدّام5: حافظ أسد لم يجرؤ على الاقتحام دون موافقة أمريكا وعون هرب خلال ساعات
نشرت صحيفة الشرق الأوسط في السلسلة الخامسة لها من مذكرات نائب الرئيس السوري الأسبق عبد الحليم خدّام جانباً من مراسلات الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب إلى رأس النظام حافظ أسد، عبر وزير خارجية الولايات المتحدة جيمس بيكر والسفير الأمريكي في دمشق إدوارد دجيرجيان أواخر الثمانينات، ولقاءاته مع الرئيس اللبناني إلياس الهراوي قبل شن الحملة العسكرية على ميشال عون في تشرين الأول عام 1990.

في 29 من تشرين الثاني عام 1989، أبلغ وزير خارجية نظام أسد، فاروق الشرع وزير خارجية فرنسا آنذاك  دجيرجيان أن عون بات متمرداً، وإنّ عرقلة جهود الدولة في توجهها لإنهاء تمرده تعني استمرار الأزمة في لبنان واستمرار النزيف، على حد وصفه، ليأتي الرد الأمريكي بأن عون أصبح بالفعل العقبة الرئيسية في طريق تعزيز السلطة الشرعية الجديدة، واستعادة وحدة لبنان وتنفيذ اتفاق الطائف.

وجاء الرد الأمريكي بعيد يوم على رسالة باريس والتي حملها المبعوث الفرنسي فرنسوا شير إلى دمشق، والذي أقر أن عون هو عقبة في لبنان، مشيراً إلى أن جميع الاتصالات التي جرت معه لتأييد اتفاق الطائف والانصياع للسلطة الشرعية في البلاد لم تنجح.

وفي 29 من آب عام 1990، زار الرئيس اللبناني إلياس الهراوي رأس النظام حافظ، وبحسب ما ورد في المذكرة المنشورة، تساءل الهراوي عن كيفية معالجة الوضع في ظل تداعيات أزمة الخليج غير المعروف زمن انتهائها.

وعرج الهراوي على ما تم الاتفاق عليه بين شخوص لبنانية لتقديم الدعم العسكري للإطاحة بعون؛ حيث من المقرر أن يستعين إميل لحود بثمانية آلاف جندي، على أن يزوده قائد قوات الردع محمد سعيد بيرقدار بمدفعية وذخائر وأسلحة.

وتساءل الأسد الأب ما إن كانت مرحلة ما بعد عون ستكون مشكلة جديدة تواجه لبنان من قبل الأحزاب السياسية الأخرى كـ"القوات اللبنانية" بقيادة سمير جعجع.

وعرج الهراوي إلى ما جاء على ذكره موظف في الخارجية اللبنانية طوني شديد، والذي كان في محضر اللقاء الذي جمع وزير خارجية أسد فاروق الشرع مع نظيره الفرنسي، مشيراً إلى رفض باريس تدخل دمشق في إطاحة عون من منطلق أن المشكلة تقع على عاتق الحكومة اللبنانية. في حين تساءلت واشنطن عن رغبة مساعدة سوريا للإطاحة بعون ومساعيها لتحسين صورتها أمام الغرب، خاصة بعد اجتياح العراق للكويت.

من جانبه علّق خدّام على ما أورده الهراوي بالقول إن التدخل العسكري لسوريا في لبنان في هذا التوقيت سيقلق بعض دول الخليج من تأثير ذلك على اجتياح الكويت ويطيل من أمد الأزمة.

لكن الأحداث العسكرية والمواجهات المسلحة في لبنان أخذت في التصاعد بعد مضي فترة وجيزة على تلك المباحثات، ما دفع بالحكومة اللبنانية إلى فرض حصار على المنطقة التي كان ميشال عون يتحصن فيها.

استدعى عبد الحليم خدام السفير الأمريكي بدمشق وقتئذ إدوارد دجيرجيان ليبلغه الأخير بأن واشنطن لم تعطي ضوءا أخضر صريح بعد لدمشق في الشق العسكري لملف لبنان، إنما بيكر طلب من الشرع وضع الملف اللبناني جانباً في الفترة الحالية.

ونقل دجيرجيان عن بيكر قوله إن أي عمل عسكري من جانب سوريا ضدّ عون ربما سيُساء فهمه، وربما أيضاً سيستغل من قبل صدام، في حين رد الشرع على بيكر بالقول، إنه لا يوجد سوء تفاهم فيما يتعلق بالوضع بين الولايات المتحدة وسوريا، وإن سوريا تنظر أو ترى الموضوع بنفس الطريقة.

واستأنف خدّام حديثه بالقول إن نظام أسد لا يود التدخل في لبنان، كما فعل عام 1976، تجنباً لمواجهته حملات مناهضة لتدخله من قبل أطراف لبنانية مناهضة لنظام أسد.

في 9 من تشرين الأول 1990، تلقى عبد الحليم خدّام من مبعوث الرئيس الهراوي  رسالة موجهة له وأخرى للأسد الأب، تتضمنان الاستعداد لإنهاء تمرد عون.

وعند التصويت على قرار إنها تمرد عون في مجلس النواب، اعترض سليم الحص على استخدام القوة، ورفض توقيع الرسالة التي تطلب المساعدة السورية والتي كان يجب أن يوقعها باعتباره وزيراً للخارجية، لكن الهراوي وقع الرسالة بالنيابة عن الحص ووجهها لحافظ أسد.

وفي صباح 13 تشرين أول/ أكتوبر، شنت ميليشيات أسد إلى جانب الجيش اللبناني هجوماً واسعاً على المنطقة التي تحصن فيها عون، ومهدت له بقصف مدفعي وجوي، وفي التاسعة والنصف صباحاً، أعلن عون تسليمه للشرعية، ولجوءه للسفارة الفرنسية.

وختم عبد الحليم خدّام مذكرته حول الحادثة باستعراض جزء من رسالة حافظ أسد لإلياس الهراوي واصفاً تمرد ميشال عون بـ"الحالة الشاذة"، معلناً موافقته لتدخل سوريا لإنهاء تمرد عون.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات