ربما السؤال الأبرز هل هي بالفعل تجربة درامية شكلاً ومضموناً لم يتعودها المشاهد العربي من ذي قبل؟
يروي المسلسل قصة "نوح" الذي جسد دوره النجم عابد فهد، "نوح" رجل في الأربعينات من عمره، محامٍ محنك ومشهور يلقب بالقيصر لداريته وخبرته القانونية الواسعة، وهو متزوج من"ياسمين" -يجسد دورها الممثلة كارين رزق الله- ويعيش حياة أسرية سعيدة، قبل أن تنقلب حياته رأساً على عقب.
محام بنسخة عربية!
شخصية "نوح" الإشكالية تتحدث عن القضاء والقانون، ولكن "من فوق الأساطيح" كمن يلوح للحمام، هذه الشخصية القانونية الفذة التي نستوردها من بريطانيا وأمريكا وفرنسا، حيث القانون هو القانون، والعدالة هي العدالة، لكن هذا الاستيراد بالنسخة العربية، يتحول إلى شيء آخر.. حيث الغاية تبرر الوسيلة حتى لوكانت الغاية غير شريفة، السوبر محامي المتخيل بالافتراض أو ضرورات تعريب الحكاية، يذكرنا باستحالة وجود السوبر محامٍ في بيئات عربية تفتقر للمؤسسات، وتفتقر لصرامة القانون والقضاء في أعلى مستوياته.. ولكن محامي الشيطان "المعرّب" في هذا المسلسل، لديه خطوط حمراء يظهرها العمل بشكل واضح، حينما تجمد الكاميرا في مقدمة كل حلقة في مونولوج للسوبر محامٍ يستعرض محاذيره ونواهيه.
لا جديد في شخصية نوح التي نحتتها الكاتبة السورية ناديا الأحمر، دائماً عابد فهد يكرس تنميطا لحركته وشروده المصطنع وأدائه أمام الكاميرا، "دور ثقيل" لا يحمل الجديد ولا المختلف، أجزم ولا أبخس حقه لفهد أنه لا يعلق في ذاكرتي مشهد واحد له يشد، وإن اختلفت الأحداث بين كل عمل، لا يختلف اثنان على تكرار فهد لمشروعه التنميطي.. الذي يجعل التنميط محدودا بطبيعة الحال.
العلاقة بين القلب والعقل والذاكرة
الحكاية لم تأت بفتح مثلما حدث في الترويج الإعلاني والدعائي الضخم للعمل، الكثير من السردية والدرامية، تناولت العلاقة بين كل من القلب والعقل والذاكرة، هذا الحدث الرئيسي الذي تتمحور أحداث العمل حوله، حينما يتحول السوبر محامٍ من وكيل للشيطان إلى وكيل الحق.
ليست متعة بالمرة الثنائية التي جمعت سلوم حداد مع عابد فهد أمام كاميرا، فهذه الثنائية المكررة، يحدث أن يجمع بينهما منافسة على الأكثر سوء، يجسد سلوم حداد في مسلسل (٣٥٠جرام) دور"فايز الأشقر"زعيم مافيا، تربطه علاقة كلاسيكية بين السوبر محام والخارقين للقانون، لا شيء عن عالم المافيا ولا ملامحه، سماته ومكاسبه وانتصاراته وخسائره، علاقة ثأرية لا أكثر لزعيم مافيا مكلوم بقتل ابنه، تتقاطع مع ممارسات وكيله المحامي "نوح" حيث يعدل الأخير بعد تبدلات حياته عن إنقاذ ابنه الآخر من حبل المشنقة.
كارين زرق الله التي لعبت دور "ياسمين" أعتقد أن تجربتها الأولى في المارثون الرمضاني الحالي، لم تكن موفقة، لم تقدم شخصية"ياسمين"الشيء الكثير، ربما مشاهد "الشلف" و"المط" في الكثير من المشاهد ما منحها دور البطولة، "ست البيت" برتابة تأثيث البيت، جاءت الشخصية مملة، لا تحمل شيئا من الاختلاف اللذيذ، اللذة التي تنقلها من خانة الأسوأ إلى خانة الأفضل.
لمسة شياكة إيطالية..
تدور كاميرا المخرج الأردني محمد لطفي بشكل سهل وبشكل سريع، لا مكان مؤثث بصرياً بشكل أنيق، بما ينم عن حرفية تقانة وذكاء بصري، الكاميرا تدور بين الأثاث الشيك والثياب باهظة الأثمان والسيارات الفارهة والمجوهرات، لمسات الشياكة الإيطالية عبر المكياج والتصوير، حاضرة بوضوح، تقريباً لا دور للمخرج الذي لم يسبق أن له تجارب تعلق بالذاكرة، وكأنك أمام وجبة ترفيهية يمكن اعتبرها بمقياس الذائقة العامة"هيك بدو السوق الخليجي".
مسلسل (٣٥٠) جرام، إنه شكل معاصر لباب الحارة، لا أكثر ولا أقل، وأصبحت بفضل التمويل الخليجي بشكل خاص والعربي بشكل عام، تروج لمغمورين على مستوى التمثيل في خلطة التمثيل العربي المشترك.. ولأسباب تمويلية لا أكثر، إنها دراما"الشلف".
التعليقات (0)