"حرب الحدود".. تحقيق يكشف طرق وأساليب "حزب الله" باستنزاف اقتصاد لبنان لدعم الأسد

"حرب الحدود".. تحقيق يكشف طرق وأساليب "حزب الله" باستنزاف اقتصاد لبنان لدعم الأسد
تعد مسألة التهريب بين سوريا ولبنان قضية أزلية ومزمنة تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، حيث يعد البلدان الجاران بحدود برية تبلغ نحو 360 كم مركزاً حيوياً وفعالاً لأنشطة المهربين المتنوعة والتي كان على رأسها الإتجار بالحشيش والمخدرات والممنوعات الأخرى، قبل أن يتم حظرها (نظرياً) بموجب اتفاقية بين لبنان وسوريا سنة 1990، أفضت للقضاء على جميع مزارع الحشيش الواقعة في الشمال اللبناني، قبل أن تعود تلك التجارة لتبلغ ذروتها بعد اندلاع الثورة في سوريا وتحول ميليشيا حزب الله اللبناني التي شاركت في قتل السوريين، لأكبر مصدر للمخدرات إلى سوريا.

وكشفت قناة (فرانس 24)الفرنسية في تحقيق مصور لها عنونته بـ (سوريا - لبنان : التهريب والعقوبات.. حرب أخرى على الحدود)، عن الخفايا التي تدور في منطقة (الهرمل) ومناطق الشمال اللبناني، والتي تعد واحدة من أكثر نقاط التهريب حيوية بين البلدين، إلا أن الشخصيات التي ظهرت في التقرير المصور للقناة غيرّت من مفهوم التهريب (بمسماه اللاشرعي) إلى (الضرورة الملحّة) التي يحتاجها كلا البلدين في ظل التدهور الاقتصادي.

التهريب من الهرمل... والوجهة؟

وفقاً للتقرير الذي استضافت فيه القناة المدعو (عمار نصر الدين) والتي وصفته على أنه أحد شيوخ العشائر في منطقة الهرمل، ذكر أن عمليات التهريب تتم بين (الهرمل) اللبنانية وقرية (الشيخ علي) السورية الحدودية مع لبنان، مشيراً إلى لجوء الناس هناك للعمل في التهريب يأتي بسبب ما أسماه (تهميش الدولة لهم)، حيث ذكر (نصر الدين) أن الأراضي في تلك المنطقة كانت تزرع بمادة الحشيش وكانت مصدر رزق لأهل المنطقة، واصفاً الحال بعد تطبيق اتفاقية منع المخدرات بأنه بائس وأن السكان (لم يعد هناك شيء يخشون خسارته).

وكشف التقرير أن عمليات التهريب في تلك المنطقة تتم عبر ألواح خشبية يتم بها صناعة (جسر) يتم وضعه فوق مجرى نهر العاصي الفاصل بين حدود الدولتين، ويتم عبره نقل كل شي يمكن تهريبه ونقله إلى سوريا، وأن عمليات التهريب كانت تتم أمام أنظار عناصر ميليشيات أسد، الذين أقاموا نقاطا ومخافر على طول تلك المنطقة الحدودية.

التهريب برعاية أمل وحزب الله ونظام أسد يشجّع

بحسب التقرير، فإن نظام أسد وعناصر ميليشياته باتوا لا يحركون ساكناً أمام عمليات التهريب مع لبنان، وذلك يعود للركود الاقتصادي الذي تسبب به فايروس كورونا،والعقوبات الدولية التي فرضها قانون قيصر على نظام أسد، وهو ما جعله يلجأ لهذه الطرق في استيراد المنتجات من دول الجوار، مشيراً إلى أن البضائع يتم تسليمها للبنان بشكل قانوني، وبعدها يتم تهريبها إلى سوريا عبر تلك المعابر.

وكشف التقرير أن بلدة (القصر) وهي إحدى أبرز البلدات التي يتم من خلالها التهريب، يتمتع فيها كل من حزب الله وحركة أمل بشعبية كبيرة، حيث أظهر التقرير صوراً لـ (قاسم سليماني وحسن نصرالله) معلقة في شوارع المدينة.

لبنانيون يخرجون عن صمتهم ووزير يكشف

وبعيداً عن الحدود وعمليات التهريب التي تتم منها، عرض التقرير لقطات من إحدى المظاهرات التي ذكر أنها باتت تقام بشكل يومي من قبل بعض شرائح الشعب اللبناني، ويتم خلالها قطع الطرقات بالإطارات المشتعلة حتى في العاصمة بيروت، وقد ظهر العديد من الأشخاص في الشريط، اتهموا خلاله إيران ومن خلفها السياسيين اللبنانيين الموالين لها ولنظام أسد، بالوضع المزري الذي آلت إليه البلاد من خلال التشجيع على التهريب، لافتين إلى أن سعر الكمامة وصل إلى 4000 ليرة لبنانية والسبب هو عمليات التصدير غير الشرعية (التهريب) إلى سوريا، فيما اتهم أحدهم وبشكل مباشر (حزب الله وحركة أمل) بتدمير البلاد افتصادياً.

وقد تزامنت المظاهرات مع تصريحات لوزير الطاقة (ريمون غجر) في اجتماع لمجلس الوزراء، والتي عزا فيها أزمة الوقود في بلاده إلى المتربحين من تهريب البنزين إلى سوريا، مشيراً إلى أن 30 % من البضائع اللبنانية المتنوعة يتم تهريبها إلى سوريا، مضيفاً أن فرق الأسعار بين البلدين يسمح للمهربين بتحقيق أرباح طائلة.

ضابط في الجيش اللبناني يسميها: الثورة السورية

وبعيداً عن التهريب الذي كان المحور الرئيسي في التقرير، وصف أحد ضباط الجيش اللبناني المسؤولين عن أمن الحدود والذي ظهر في التقرير، ما يجري في سوريا بأنه (ثورة شعب)، حيث قال في الدقيقة الـ 19 و 29 ثانية من زمن الفيديو: "قبل الثورة السورية كانت عمليات التهريب تتم من سوريا إلى لبنان، وبعد الثورة يعني (بعد الأزمة) أصبح التهريب من لبنان إلى سوريا"، هو توصيف لطالما غاب عن الطغمة الحاكمة في لبنان التي تسيطر عليها ميليشيا حزب الله عبر أذرعها السياسية والعسكرية.

حزب الله يعتبر التهريب (جزءاً من المقاومة)

التصريح الأكثر جدلية في التحقيق، كان لـ (صادق النابلسي) وهو أحد الأئمة الشيعة المعروفين في ضاحية جنوب بيروت التي تعد معقلاً لميليشيا حزب الله، حيث اعتبر أن التدهور الاقتصادي في سوريا ولبنان، سببه الحرب الاقتصادية الجديدة التي يتم شنها على (محور المقاومة) بعد فشل الحرب العسكرية، معتبراً أن عمليات التهريب التي تتم ما هي إلا (جزء من المقاومة وحماية لمصالح اللبنانيين).

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات