رمضانيات أورينت نت: سوريون ينصهرون مع عادات رمضان في مصر.. والمعروك في مواجهة البسبوسة

لم تعد مسألة قضاء رمضان خارج سوريا بالنسبة للكثير من السوريين في مصر ذاك الهاجس المقلق، الذي طالما كان يرافقهم في سنوات سابقة، التأقلم على الحياة الجديدة، وظهور جيل كامل نشأ في مصر وتربى فيها، كان له أثره الواضح على الانخراط في طبيعة الحياة المصرية وتفاصيلها، فضلا عن الاحتفاظ بالعادات والتقاليد السورية لهذه الأيام الفضيلة، الأمر الذي أنشأ قيمة جديدة لرمضان السوريين في مصر، فيه من السوري ما يكفيه ليحافظ على نفسه وفيه من المصري ما يدل على التعود والذوبان في مجتمع مصر الغني بالعادات في رمضان.

أورينت نت رصدت حياة السوريين في رمضان 2021 وأعدت التقرير التالي:

بعضٌ من سوريا 

ما إن تمر في المناطق التي استقر فيها السوريون في مصر، لاسيما مدينة السادس من أكتوبر و العبور، إلا وستستنشق بعض الحياة السورية الماضية، كمثل التي كانت في سوريا، قبيل الهجرة، حيث بسطات المشروبات السورية المشهورة، والحلويات السورية، والناعم وغيرها من الأكلات الرمضانية التي تملأ تلك المناطق، حتى أصبحت تجذب الزبائن المصريين أنفسهم إليها، فصارت موضع مقارنة مع ما هو مصري من مثيلها، خصوصا وأن السوريين يضيفون نكهات ومشروبات لا يعرفها المصريون بطعمها السوري، حيث يؤكد راشد الشامي ، وهو بائع عصير في رمضان أن المصريين مثلا لا يعرفون مشروب " الجلاب " السوري الشهير، ويصنعون " التمر الهندي " بطريقة مغايرة للسوري، لذلك فالنكهة تختلف والسوري ربما أكثر لذة والدليل أن المصريين يشترونه بكثرة، مشيرا إلى أن مشروب مثلا " السوبيا " المصري صار أيضا يصنع بيد سورية، لأنه سهل، وبالتالي يمكن أن تجد على بسطة المشروبات السورية جميع ما تريد بما فيه السوري والمصري، وهو ما يجعلها موضع جذب، والرزق على الله. 

فوانيس مصر وأضواؤها الساحرة 

لا شك أن رمضان في مصر هو الأجمل في العالم، هكذا تقول " شيماء محمد " وهي سورية مقيمة في مصر منذ عدة سنوات، مضيفة أن المصريين يهتمون بهذا الشهر بشكل خصوصي، حيث يعتبرونه الشهر الأكثر جمالا في العام، وهو حال المسلمين جميعا إلا أن إضافات المصريين لهذه الأيام تكاد تكون فريدة من نوعها، فالاحتفالات الكثيرة والابتهالات التي تقال في منابر المساجد، فضلا عن زينة رمضان التي لا تجد بيتا في مصر إلا يقوم بوضعها لاسيما الفوانيس الرمضانية بأحجامها وأشكالها المختلفة، والتي تنير الطرق والمنازل ليلا، مؤكدة أن السوريين في مصر أصبحوا اليوم مثل المصريين يشترون من هذه الفوانيس ويزينون شرفات منازلهم، وهذا ما يؤكده " سيد أبو العلا " وهو بائع فوانيس في منطقة مدينة نصر، الذي يشير إلى أن زبائنه في هذا المناسبة ليسوا مصريين فقط بل من جنسيات أخرى لاسيما السوريين والعراقيين المقيمين في مصر، والذين يشترون الفوانيس الصغيرة المضيئة فضلا عن فوانيس الأطفال، والبعض يشتري فوانيس كبيرة الحجم التي تعلق في مداخل العمارات لتنيرها، فضلا عن شرائهم " فرشات السفر " المصنوعة من القماش الملون الخاص برمضان. 

منافسات الحلويات " معركة لذيذة " 

ما بين المعروك السوري و الكنافة السورية وغيرها من الحلويات .. والكنافة المصرية بالمنجا والبسبوسة بالقشطة والقطايف متنوعة الحشوات المصرية، يزيد التنافس السنوي بين الحلويات السورية والحلويات المصرية، حيث يؤكد مازن السوري ، وهو صاحب محل حلويات صغير في مدينة أكتوبر، أن الحلويات المصرية والسورية تختلف في الكثير من تفاصيلها من حيث الحشوة والنوع وطريقة التقديم، إلا أنه لا يمكن القول أن هذه لذيذة والأخرى لا، فالحلويات وعكس المأكولات الأخرى تجد دوما من يحبها بطعماتها وطرقها المختلفة، مؤكدا أنه في رمضان وكمحل حلويات سوري، ولأجل إرضاء الزبائن المصريين، يقوم بتصنيع حلويات مصرية وسورية أيضا، إلا أنه يتفاجأ في الكثير من الأحيان أن المصريين يشترون السوري منها والسوريون يرغبون ببعضها المصري، ما يؤكد أن هناك نوعا من التبادل الذوقي فيما يتعلق بمسألة الحلويات هذه، مشيرا إلى أن المصريين أحبوا المعروك بالعجوة والتمر، والسوريين عشقوا الكنافة بالمنجا مع المكسرات. 

للجائحة آثارها

رمضان آخر يمر في مصر وفايروس كورونا مازال منتشرا، الأمر الذي دفع الكثير من أصحاب المحال والبسطات والباعة الواقفين في الشوارع لأخذ بعض الإجراءات الاحترازية من أجل سلامة ونظافة ما يتم بيعه، من حيث استخدام الزجاجات الخاصة بالعصائر بدل الأكياس التي كانت تعبأ بها في سنوات سابقة، فضلا عن تغطية الحلويات المباعة للحفاظ على نظافتها، وتغطية الوجه بالكمامة لأجل تعامل أكثر أمنا، وهو ما يمكن أن تلاحظه على معظم البائعين الأمر الذي يجد حالة إيجابية عند الزبائن المقبلين عليهم.