إدلب: أمهات يروين لـأورينت قصص العودة لمقاعد الدراسة

إدلب: أمهات يروين لـأورينت قصص العودة لمقاعد الدراسة
لا تُخفي السيدة الأربعينية، رهف العلوش سعادتها بعودتها لمقاعد الدراسة من جديد، فهي ترى أن قرارها هذا كان من أكثر القرارات الصائبة في حياتها وإن جاء متأخراً.

عودة أمهات إلى الدراسة بعد انقطاع طويل لم تعد ظاهرة لافتة في الشمال السوري، وخاصة بعد زيادة المتقدمات لامتحانات الشهادات الأساسية والثانوية والجامعية بمختلف فروعها، متحديات كل العوائق والصعوبات.

تروي رهف قصة زواجها في سن مبكرة بعد حصولها على شهادة التعليم الأساسي، حيث بقي حلم الدراسة يراودها مع تقدم السنين والمسؤوليات، إلى أن غدت ابنتها البكر حلا في الثانوية العامة، وهنا راحت الأم تشجعها على الدراسة والحصول على أعلى الدرجات ما يؤهلها لدخول الفرع الجامعي الذي تطمح إليه، وأثناء مساعدة ابنتها على الحفظ وتسميع الدروس لمعت في رأسها فكرة الدراسة مع ابنتها وتقديم الامتحانات معا.

وتقول السيدة: "شجعتني ابنتي وشجعني زوجي وإخوتي على الخطوة وبدأت بالتحضير لأنال الشهادة الثانوية بكل عزيمة وإصرار، وروح المنافسة والتحدي بيني وبين ابنتي دفعنا لننجح وبعلامات عالية".

لم يقف حلم العلوش عند هذا الحد وإنما قررت دخول الجامعة بذات الفرع الذي اختارته ابنتها حلا وهو الأدب العربي، وهي اليوم في سنتها الثانية، وتتوق لإنهاء دراستها والحصول على وظيفة مناسبة تساعدها وأسرتها على العيش الكريم في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها بعد نزوحها من مدينتها خان شيخون عام ٢٠١٨ جراء الحملة العسكرية الواسعة التي شنتها ميليشيا أسد وحليفها الروسي على المنطقة.

نجاح رهف شكّل حافزاً وسبباً شجع الكثيرات من النساء على العودة إلى مقاعد الدراسة من جديد والعمل على تحقيق طموحاتهن وأحلامهن الدراسية بعد أن أجبرن على ترك مسيرة التعليم بسبب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وانشغالهن بتربية أطفالهن والاهتمام بحياتهن الزوجية.

عدم التمكن من الالتزام بالدوام في الجامعات والمعاهد بسبب وضعهن الأسري كان من أكبر العوائق التي واجهت الأمهات اللواتي قررن العودة إلى الدراسة، غير أن الدروس المتاحة على الانترنت وإحضار المحاضرات المطبوعة لهن بشكل مستمر من قبل أقربائهن وذويهن في الجامعات ساعدهن على تجاوز هذه العقبة.

" شو بدك بالدراسة بعد هالعمر"، كانت هذه الكلمات إحدى العبارات التي انتقدت قرار سلوى الحسون (٣٠عاماً) بالعودة إلى الدراسة ولكن إصرارها على المتابعة والنجاح غير من النظرة المجتمعية الناقدة لقرارها، وتقول سلوى في هذا الصدد: "طلب العلم ليس مقيدا بسن محددة، والأحلام لا يمكن أن تموت، وأمام الإرادة والعزيمة لا يوجد مستحيل، أشعر بسعادة كبيرة وأنا أمضي في سبيل تحقيق حلمي وكأنني ولدت من جديد".

تمكنت سلوى بعد جهد وتعب من الحصول على الشهادة الثانوية والمتابعة في جامعة قسم التاريخ السنة الأولى وترغب بعد حصولها على إجازة في التاريخ على المتابعة بدراسات عليا، ولن تتوانى عن المضي قدماً مهما كانت التحديات على حد تعبيرها.

سلوى أم لأربعة أبناء وهي تحاول تنسيق وتنظيم وقتها مابين العناية بأولادها وزوجها وبين متابعة دراستها والتحضير بشكل جيد لامتحاناتها، وتؤكد أن حبها للدراسة وشعورها بالحرمان من حقوقها الدراسية دفعها لاتخاذ هذا القرار إضافة لوجود وقت فراغ بحياتها أرادت أن تستثمره بما يعود عليها بالنجاح والفائدة.

من جهته يؤيد المدرس الجامعي عدي الأحمد، عودة الأمهات إلى مقاعد الدراسة بقوله "أن تصل متأخراً خيراً من ألا تصل أبداً" في إشارة منه لأهمية استدراك التعليم وخاصة بالنسبة للمرأة لأنها وفق رؤيته: "مدرسة حقيقية بالنسبة لأبنائها وعائلتها ، فلا يجب أن تستهين النساء بقدراتهن وعليهن دائماً العمل على تحدي واقعهن وإثبات ذواتهن وتحقيق أحلامهن، فهن لسن ضعيفات وإنما قادرات على ذلك".

ويضيف أن من شأن تعليم المرأة أن يساهم في تغيير مسار حياتها نحو الأفضل وتحسين صحتها العامة والنفسية وزيادة ثقتها بنفسها ومساعدة أسرتها مالياً ومعنوياً ما يعطيها أهمية في مجتمعها، ويمكنها من الدفاع عن حقوقها.

لاتوجد إحصائيات رسمية عن عدد المتزوجات اللواتي عدن إلى مقاعد الدراسة  في الشمال السوري غير أن مصادر تعليمية عدة أكدت زيادة نسبتهن لا سيما خلال السنوات الأخيرة.

التعليقات (1)

    Ahmad

    ·منذ سنتين 11 شهر
    هلأ يجيك واحد ويقولك تعليم المرأة حرام
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات