هل تتحول أوكرانيا إلى ساحة لتصفية الحسابات؟

هل تتحول أوكرانيا إلى ساحة لتصفية الحسابات؟
تترقب الأنظار الدولية الحراك العسكري الروسي على جبهات أوكرانيا والتي قد تكون ساحات مواجهات دولية خطرة لتصفية الحسابات بين روسيا وتركيا من جهة وبين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائهم الأوروبيين من جهة أخرى، في ظل قلق واسع من أن تكون تلك الجبهات شرارة لبدء حرب عالمية جديدة.

ورغم أن الصراع الحالي الذي تقوده روسيا في أوكرانيا يشكل تحديا واضحا لإدارة بايدن التي أعلنت عداءها لبوتين وتوعدت بدعم أوكرانيا مع حلفائها الأوروبيين، إلا أن ذلك الصراع قد يكون فخا أمريكيا لضرب الشراكة الروسية التركية المتحالفة في ملفات إقليمية ودولية عديدة، أو من الممكن أن يكون مكسبا لأنقرة التي تمتلك أوراقا عرقية واقتصادية وعسكرية كبيرة في أوكرانيا في وجه شريكتها روسيا.

ورقة ضغط لتركيا

ويرى الخبير بالشأن الروسي عبد الفتاح أبو طاحون أن الملف الأوكراني يشكل ورقة ضغط لتركيا على حليفتها روسيا لتحصيل مكاسب في ملفات أخرى وأبرزها الملف السوري وتحديدا في إدلب، خاصة وأن أنقرة تعلن بشكل دائم رفضها للتدخل الروسي في أوكرانيا وترفض أيضا الاعتراف بجزيرة القرم التي ضمتها موسكو باستفتاء أحادي عام 2014.

ويقول أبو طاحون في تصريحات خاصة لأورينت نت: "يبدو أن تركيا  تريد امتلاك ورقة ضغط على روسيا في الملف الأوكراني لتوظيفها في الملف السوري أولاً، وثانياً امتلاك زمام المبادرة في إدارة تحركات حلف الناتو في محيطها سيما أن تركيا هي القوة الأولى عسكرياً في الفضاء الأوروبي".

ضرب الشراكة الروسية التركية

من جهة أخرى قد يكون الهدف الأمريكي في أوكرانيا هو ضرب الشراكة الروسية التركية التي تؤرق الأمريكيين والأوروبيين بشكل كبير، خاصة في صفقات (إس 400) والطائرات الروسية، وهي قضايا دفعت الإدارة الأمريكية لفرض عقوبات اقتصادية على أنقرة بهدف إلغائها والحد من تلك الشراكة المتنامية، بحسب أبو طاحون.

ويقول الخبير في الشأن الروسي في هذا الصدد:  "الأمريكان يسعون لتأزيم العلاقة بين موسكو وأنقرة لأنهم كانوا متضررين من اللجوء التركي إلى روسيا بصفقة السلاح وغيرها من الملفات"، مستندا بذلك إلى أن تلعب المسيّرات التركية دورا في ضرب تلك الشراكة ويقول: "السلاح الأكثر  تميزاً والذي خاض أربعة حروب ضد السلاح التقليدي الروسي في أقل من عامين محرزاً فارقاً هو سلاح المسيّرات التركية .. يبدو أن الغرب يريد أن يدفع بتركيا لمواجهة روسيا بحجة مساندة أكرانيا".

أوراق تركية في الملف السوري

وتعتبر أنقرة الملف الأوكراني ورقة هامة بالنسبة لها، كما حصل في ملف قراباغ أواخر العام الماضي، وذلك للضغط على الروس في ملفات إقليمية عديدة وأهمها الملف السوري الذي وصل إلى طرق مسدودة بسبب التعنت الروسي ورفضه القرارات الدولية حول سوريا وخاصة إدلب.

وما يؤرق موسكو هو دعم أنقرة لأوكرانيا بالطائرات المسيرة التركية "بيرقدار" التي تشكل الورقة التركية الأقوى في وجه روسيا، خاصة مع تفوق تلك الطائرات في معارك إقليم كاراباخ ليبيا وإدلب، وهو أمر سيشكل ضررا لروسيا وسلاحها، لاسيما مع الدعم الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا ضد الغزو الروسي المحتمل.

يعتقد الخبير في الشأن الروسي عبد الفتاح أبو طاحون: أن "الروس سيتنازلون في النهاية لأنهم جربوا البيرقدار عن قرب في ليبيا وكاراباغ وإدلب والرهانات عالية في حال دخول الطائرات المسيرة"، ويضيف، "مرة أخرى الخردة الروسية ستكون في مأزق كبير، وزيادة الرهانات بسلاح آخر سيوسع الموضوع ومن الممكن أن يكون في تصعيد على الجبهة الأوكرانية والسورية".

يأتي ذلك في ظل حشود عسكرية روسية غير مسبوقة في شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو، وعلى الحدود الروسية - الأوكرانية في دونباس، قرب أراض خاضعة لسيطرة انفصاليين مدعومين من الكرملين، وترافق ذلك مع قصف أكثر من عشرين موقعا للجيش الأوكراني، ما أثار قلقا من نشوب حرب عالمية قد تكون شرارتها في أوكرانيا.

ودفع ذلك إعلان إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن دعمها لأوكرانيا ووحدة أراضيها في مواجهة ما وصفه بالعدوان الروسي المستمر في دونباس وشبه جزيرة القرم، واتصل وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن بنظيريهما الأوكرانيين لتأكيد دعم واشنطن لكييف.

في حين حذر الناطق باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس روسيا من "ترهيب" أوكرانيا، قائلا: "نشعر بقلق تام حيال التصعيد مؤخراً لتحركات روسيا العدائية والاستفزازية في شرق أوكرانيا.. ما نعارضه هو خطوات معادية هدفها ترهيب وتهديد شريكتنا أوكرانيا".

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قال إن محاولات إشعال حرب جديدة في دونباس، من شأنها أن تدمر أوكرانيا، وتابع: "يدرك الكثير من الجنود حجم الضرر الذي قد ينجم عن أي عمل يشعل صراعا ساخنا، وآمل ألا يتمكن السياسيون الذين يحركهم الغرب، وخاصة الولايات المتحدة من استفزاز الجنود".

كما حذر المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، حلف شمال الأطلسي "الناتو" من إرسال قوات لمساعدة أوكرانيا، قائلا: إن روسيا سوف تتخذ إجراءات إضافية إذا أقدم الناتو على مثل تلك الخطوة.

وتدعم موسكو انفصاليين في منطقة "دونباس"، شرق أوكرانيا، ولا سيما منذ عام 2014، ما أشعل حربا أهلية لم تتمكن كييف خلالها من استعادة السيطرة، فيما أجرت روسيا، بالعام نفسه، استفتاء من طرف واحد، ضمت على إثره شبه جزيرة القرم، جنوب أوكرانيا، دون اعتراف دولي.

فيما يتوقع محللون أن يكون الحراك الروسي في أوكرانيا مشابها إلى حد كبير لسيناريو جورجيا التي سيطرت عليها روسيا عام 2008، ومازالت تسعى لإعادة امبراطورية الاتحاد السوفييتي بالتدخلات العسكرية لاتجاهات عديدة تخطت حدود بلاد القوقاز إلى أوروبا الشرقية وإلى الشرق الأوسط، وعلى وجه التحديد سوريا وليبيا.

التعليقات (1)

    خالد شحادة

    ·منذ سنتين 11 شهر
    انا اقول انه من اوكرانيا ستنتقل الحروب الى اوربا وتنتهي في الوطن العربي .انها بداية الحروب والدمار ليذوقوا مافعلوه في العرب والمسلمين .....يارب ارنا باسك فيهم وانتقم منهم اجمعين
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات