ليست أخلاق العراقيين!
كان القاضي عريبي "52" عاماً. الذي قضى متأثراً بـ "كورونا"، قبل أيام. هو من أصدر حكم الإعدام، على الرئيس صدام.
ثمة جدل أثارته الصورة، على وسائل التواصل الاجتماعي العراقية. ما بين مستنكر لـ "إهانة الأموات"، البعيدة عن أخلاق العراقيين. وما بين مؤيد متحمس يرى أن: القاضي عريبي. تمكن من هزيمة حزب البعث. في حياته. وبعد مماته.
أرادوا الصورة لـ "إذلال صدام". بيد أنها عرّت الراحل عريبي. إذ لم يكن القاضي على ما يبدو عادلاً، في محاكمة الرئيس الراحل. ولم يكن مثالياً. ولن يبقى خالداً، في نفوس العراقيين عموماً، بحسب النعي الذي أصدره، مجلس القضاء الأعلى العراقي، بل فقط في ذاكرة الطائفيين الحاقدين منهم.
صدام والقوة سوبر 12
في تراجيديا "صدام حسين" مشاهد تتنافس في الإيلام. من محاكمة محسومة النتيجة سلفاً، إلى إعدامه في أول أيام عيد الأضحى المبارك، على إيقاع شعارات مذهبية قذرة. وما بينهما، تحكيه ذكريات لجنود من الوحدة 515، التابعة للشرطة العسكرية الأمريكية:
يروي الضابط ويل باردنويربر، في كتابه "صدام حسين وحراسه الأمريكيون، سجين قصره": أن بعض الألفة نشأت بين الحراس الأمريكيين، الذين أطلقوا على أنفسهم القوة "سوبر 12" نسبة لعددهم، وبين صدام الذي لم تبدُ عليه علامات الشر، في إشارة إلى ما كانت تطلقه عليه الولايات المتحدة "رمز محور الشر". وتطورت تلك العلاقة مع بعض الحراس إلى صداقة، خلال فترة قصيرة.
كان صدام. يبدي اهتماماً بالحياة الخاصة للحراس. ويسألهم عن أفراد أسرهم، حتى أنه كتب قصيدة لزوجة أحدهم. ويتبادل الأحاديث معهم، عن المشاكل التي يواجهها الآباء مع الأبناء. ويروي بعض الحوادث التي عايشها.
كان الكل بحسب "الضابط الكاتب"، على يقين بأن نتيجة المحكمة شبه محسومة. وبأن صدام يواجه الموت. لكن اللحظة الأقسى التي كانت في نهاية مهمتهم، هي الإحساس بأنهم لعبوا دوراً في موت شخص تعرفوا عليه، وعايشوه لفترة.
تعرض للركل وبُصق عليه بعد موته!
بدوره، أصغر الحراس "22" عاماً حينها، "آدم روجرسون". يصف في مقابلة أجريت معه 2018، اللحظات الأخيرة التي سبقت عملية إعدام صدام: "كان يوماً حزيناً، وقبل أن يسير إلى غرفة الإعدام، توجه إلينا وودعنا قائلاً: كنتم جميعاً بمثابة أصدقاء. بكى بعض الحراس. أما هو فقد كان حزيناً. كانت لحظات غريبة، تعاركت مع الآخرين، ونجوت من عبوات ناسفة، لكن لم أكن مهيأً لمواجهة وضع كهذا. بعد دخوله، سمعنا بعض الضجيج والصراخ، ثم سمعنا صوت سقوط شيء على الأرض، وإطلاق نار، بعدها شاهدته محمولاً على الأكتاف. كانت لحظات مشحونة للغاية، تقوم بتسليم الشخص الذي كنت تحميه كي يقتله الآخرون، ويتعرض للركل، ويُبصق عليه بعد موته. شعرت أني أكن له الاحترام ".
لم يحتج أحد!
المفارقة أن ميتاً انتهكت حرمته، في عزاء ميت أقيم في "مسجد " وسط بغداد. بحضور شخصيات سياسية، نيابية، مجتمعية، منظمات مدنية، ورؤساء عشائر. لكن أحداً منهم لم يُسجل اعتراضاً!
15 عاماً، على إعدام الرئيس صدام حسين، في 30 كانون الأول 2006. لا يزال الحقد يولد أحقاداً. . . أي مستقبل هذا الذي ينتظره العراق؟
التعليقات (19)