للوقوف على ما آلت إليه المدينة وأسباب نهوضها، يستعرض هذا التحقيق وقائع تطور مدينة "سرمدا" من بلدة حدودية مع تركيا، إلى مركز نشاط تجاري وحيوي في الشمال السوري المحرر.
سرمدا.. القصة الكاملة
يروي رئيس المجلس المحلي لأورينت نت رامي قزي حكاية مدينة سرمدا بالقول"حتى بداية عام 2011 كانت سرمدا بلدة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها عشرين ألف نسمة، مع بداية الثورة السورية كانت نسبة صغيرة من أبناء سرمدا تعمل بالتجارة وتنشط بمعبر باب الهوى ونقلوا من خلاله مركز التعامل والتجارة إلى ساحتها الرئيسية.
ومع تزايد وتيرة النشاط التجاري، تحول الدور الأساسي لتجار المدينة إلى النهضة الاقتصادية والعمرانية العملاقة التي أخذت تتنامى مع الازدياد السكاني بسبب حركات النزوح المتكررة، وفق تعبيره. حيث باتت المدينة مقصداً لنازحي المدن الأخرى ممن يشكلون نسبة 80% من سكان سرمدا.
كما تقع على مقربة من المعبر الحدودي التركي وتتمتع بالأمان النسبي مقارنة بغيرها من المناطق ما جعلها موطناً لظهور رؤوس الأموال والاستثمارات العمرانية فيها إلى جانب المعامل والشركات، وفق تعبيره.
جامعة خاصة.. و ١٥٠٠ شركة
وبالحديث عن الواقع الاقتصادي والتجاري، أوضح أمين السجل التجاري في مدينة سرمدا أسامة كل لأورينت نت أن المدينة تضم ما يقارب من ألفي شركة تجارية ومنشأة صناعية تنشط في كافة المجالات ولاسيما السيارات والأغذية والطاقة البديلة والألبسة ومواد البناء والحديد والصلب، الأمر الذي يوفر اكتفاءً ذاتياً إلى حد كبير يغطي احتياجات ومتطلبات الشمال المحرر.
كما تضم سرمدا جامعة الشمال الخاصة، الصرح العلمي المتكامل والذي يضم عشرات الطلاب في مختلف المجالات الدراسية، ما يجعل المدينة مقصداً عاماً لكل العاملين أو الباحثين عن المتطلبات اليومية، حسب تعبيره.
انتعاش وفرص العمل
ومع ازدياد النشاط التجاري في المدينة، أتيحت معه مئات فرص العمل لأبناء الشمال السوري على اختلاف الأعمار والاختصاصات. تحدث فؤاد مروان لأورينت وهو صاحب إحدى الشركات الغذائية يقول إن الخطوط الإنتاجية الكثيرة التي وفرتها الشركات والمصانع خلقت طلباً على اليد العاملة من عاملين ومشرفين، حيث يعمل في كل شركة حوالي ثلاثين موظفاً على الأقل؛ الأمر الذي حد من البطالة بشكل واسع وجعل مدينة سرمدا مقصداً للباحثين عن العمل.
من جهته، شاركنا (سعيد الباشا) وهو أحد مهجّري مدينة حمص سعادته في حصوله على فرصة عمل كمحاسب في شركة إنتاج للحديد والصلب بدخل شهري مُجزٍ على حد تعبيره، إذ ليس من السهل أن يجد الانسان فرص عمل لما درسه وتعلمه، حسب وصفه.
تحديات وصعوبات
بعد أن كان تعداد سكانها لا يتجاوز 20 ألفاً، تضاعف عدد سكان مدينة سرمدا ليصل إلى 150 ألفاً الأمر الذي أثر سلبا على الخدمات والبنية التحتية في المدينة بحسب رئيس المجلس المحلي للمدينة (رامي قزي).
ويرى قزّي أن المدينة لم تكن مهيّأة بالأصل لاستيعاب هذا العدد الكبير من السكان والذي بات يشكل ضغطاً هائلاً على خدمات المدينة بالدرجة الأولى؛ كالصرف الصحي وحتى منازل السكن .
حيث لا يزال المجلس المحلي يعالج هذه الظاهرة من خلال عدة تنظيمات ومشاريع نهضوية والتشبيك مع كافة الجهات المعنية لاحتواء حركة التزايد السكاني وتأمين متطلباتهم المتزايدة لجعل المدينة منشأة متكاملة من كل شيء لمواكبة التطور الحاصل، حسب قوله.
قصور سرمدا.. ثورة عمرانية
خلال جولة ميدانية في أحياء مدينة سرمدا، تتجلى أمام المارة أبنية سكنية ضخمة لا تزال قيد الإنشاء ولافتات طرقية كبيرة تتوزع على جنبات الطرق كتب عليها "ضاحية قصور سرمدا"، والتي تتموضع عند المدخل الجنوبي للمدينة وباتت اليوم أحد أهم المعالم العمرانية فيها.
وحول ذلك، قال المدير التنفيذي لمشروع قصور الضاحية محمود قاسم لأورينت نت إن المدينة تشهد تطوراً عمرانياً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، خاصة بعد توافد النازحين إليها وتزايد الحاجة إلى تأمين مساكن لهم.
وعن ضاحية المدينة، فقد صممت المنطقة لتضم ألف شقة سكنية، تم تجهيز 250 شقة منها حتى اللحظة بأسعار مناسبة، تمتاز ببنية تحتية تضم شوارع وشبكات مياه وكهرباء وحدائق إضافة للجدران المقاومة للزلازل، بحسب تعبير قاسم.
عقدة مواصلات هامة
تعد مدينة سرمدا عقدة مواصلات استراتيجية تتموضع عند مفترق طرق؛ فالمدينة المجاورة للحدود التركية تقع على مقربة من مخيمات الشمال المحرر التي تضم مئات الآلاف من اللاجئين.. ولهذا تجد منظمات المجتمع المدني الناشطة في الشمال السوري، والمعنية بتقديم مساعدات لهذه المخيمات.. تجد في سرمدا مقرا ونقطة انطلاق هامة، ما يُسهل على أي منظمة حصولها على دعم لوجستي في المدينة.
التعليقات (7)