لماذا أصدر الأسد قانون البيوع العقارية في هذا التوقيت؟

لماذا أصدر الأسد قانون البيوع العقارية في هذا التوقيت؟
يبدو أن المشهد السوري أكثر غموضاً مما يبدو عليه، فإصدار قانون البيوع الجديد رقم ١٥ لعام ٢٠٢١ (قانون البيوع العقارية) مثلاً يثير الاستغراب، من حيث التوقيت!

فهو قبيل مسرحية أو "مهزلة" الانتخابات الصورية، حيث التوقعات كانت تسير نحو إصدار الأسد وحكومته مراسيم محاباة للداخل لكسب تأييدهم بعد التذمر الكبير الذي انتشر بصفوف مؤيديه على خلفية التدهور الاقتصادي.

من حيث الهدف، فالتضخم بسورية كبير، فقد خسرت الموازنة منذ إقرارها حتى الآن بسعر السوق ما يقارب 45.45% ، وإن إصدار هذا القانون إنما يعني تعطيل كمية من الأموال التي كانت تستثمر بهذا القطاع الذي يعتبر القطاع الرئيسي للاستثمار في سورية  ، مما يدفع هذه الأموال لإعادة استثمارها بالسوق ، سواء بالسلع الغذائية فأنها سوف تزيد من طلب الدولار أو  المحافظة على قيمتها بالذهب ، مما يعني رفع التضخم من جديد !.

 فهل يعقل أن تصدر "الحكومة" قانوناً يطال تأثيره على سعر الصرف والاستثمار بشكل اعتباطي؟

باعتقادي أن أسماء الأسد تسعى جاهدة لترتيب البيئة الاقتصادية قبل تغير بالمشهد السوري يكون غير مرسوم ، فعملية تغير وإزالة القوانين السابقة بالفترة الانتقالية في حال حدوث تغير سياسي  هي ليست بالأمر السهل وتحتاج إلى وقت غالباً ما تفشل فيه ، كما أنها رسالة إلى البنك الدولي وإلى المستثمرين الغربيين والدوليين أن التحول إلى النظام الاقتصادي يسير وأنه لا شيء يعرقل  هذا الاتجاه ولا حتى أي تغير بالمنظومة السياسية مما يعتبر ضوءاً أخضر أو بطاقة أمان لهم  ، كما أن هذا التسارع بإصدار قانون البيوع إنما يعتبر إعادة تنظيم قنوات استثمار الأموال،  بإعادة ضخها بالاستثمار  عبر الشركات العقارية التي منحها القانون التراخيص ، ولم يترك الأمر اعتباطيا ، ليستطيع أي كان أن ينشئ شركات والاستفادة من القانون فقد تدرج بإصدار القوانين حول الشركات العاملة بالعقارات ، لإحكام سيطرته فقد ذكر  بالمادة ١٢ التي جاءت داعمة  للشركات القابضة التي تتعاون مع المحافظة دمشق من جهة ومن جهة الشركات التي أنشئت عبر القانون ١٥، مما سيدفع الكثيرين نحو منح تلك الشركات عقاراتها  وأموالها للاستثمار فيها  فقد ذكر القانون الجديد"

 لا تطبق أحكام هذا القانون على البيوع العقارية للجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي وعلى مشاريع التطوير العقاري المرخصة وفق أحكام القانون رقم /15/ لعام 2008 وتبقى خاضعة لأحكام قانون الضريبة على الدخل رقم /24/ لعام 2003 وتعديلاته" ، أي  شركاء شركة شام دمشق القابض سوف يكونون محميين من هذا القانون وتبعاته ، في حين الشركات الأخرى والأفراد فإنهم سوف يدفعون الرسوم ، لكن الخطر ليس فقط بالضريبة التي سيدفعونها إضافة إلى باقي العمولات والتي تصل إلى ٧% وأكثر بقليل؟ ، وليس لأن الضرائب شملت حتى الأسطحة غير المخصصة للأعمال ولا بالامتيازات الخفية بالضرائب التي منحت قبلاً  عند التأسيس شركات العقارية !  ، إنّما خطورتها تكمن في نقاط أخرى منها:

_المرسوم ٣ لعام ٢٠٢٠ يمنع تعامل بغير الليرة السورية بالتعاملات، كما أن التعليمات الصادرة من البنك المركزي حول تعميم المنع والتقيد بنقل الحوالات بين المحافظات أو حتى حمله وهذا التعليمات خاصة بالأفراد ، وهي  تصدر تبعاً (لتعليمات مقيدة لحرية حركة أموال الأفراد و تصرف بملكياتهم ) ، مما يعيق الاستثمار  وسداد الالتزامات لغير الشركات التي تمتلك الدعم وأُصدر القانون لها.

_ تحديد سعر البيع المتر الواحد بضوء نشاط شركة شام دمشق القابضة من جهة وتهديد بها من جهة الاستملاك ومن جهة أخرى فإن القانون سيصبح أداة تثبيت أسعار بحيث تصبح أداة للتقسيم الطبقي من جهة و أداة للاستيلاء على العقارات من خلال تحديد سعر الرائج وبالتالي يسهل عملية تنظيمها وفق مخططات شركة شام القابضة و حتى شراءها ، بحيث يمنع ارتفاع أسعارها نتيجة زيادة الطلب.

إن القول بأن هذا القانون هو رفد لخزينة الدولة بالأموال، هو كلام غير دقيق لأنه يعيق إعادة إعمار سورية المدمر منها أكثر من ٧٠% حسب تقارير دولية، وتسليمها لشركات محددة، كما أن الخزينة الدولة لا تمتلئ من الضرائب وقد تخلت حكومة النظام عن أهم الاستثمارات ومنحتها لحلفائها، حتى هذا القانون سيدعم الاتفاقيات المسبقة بين جانب حكومة النظام وبين حلفائها من إيرانيين وروس بخصوص بناء وحدات سكنية.

لكن يبقى السؤال هو كيف سيتم تطبيقه بالواقع وقد بدأت كثير من الجهات القانونية تشير إلى تعارض بنوده مع قوانين سابقة، كما أن تطبيقه لا يتناسب مع بطء المعاملات العقارية التي تتميز بها ، وهل ستكون فقط أداة لشرعنة تصرفات لاحقة لتيار أسماء الأسد ، وهل سوف تلقي المعارضة ضوءا على هذه القوانين لتلافيها مع أي حل سياسي أم أنه أصبح واقعاً لصالح ما اتُخذ لأجله؟

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات