كيف أثّر غياب الرقابة التموينية على الوضع المعيشي في إدلب؟

كيف أثّر غياب الرقابة التموينية على الوضع المعيشي في إدلب؟
تشهد الأسواق في المناطق المحررة بإدلب ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الاستهلاكية والخضار والبضائع التجارية، وسط غياب للرقابة التموينية والجهات التي يمكنها ضبط تلك الأسعار بشكل جدّي.

وعلى الرغم من عشرات القرارات التي صدرت عن وزارة الاقتصاد التابعة لـ"حكومة الإنقاذ" في إدلب، ومديرياتها المختصة بالرقابة التموينية وحماية المستهلك، إلا أن أغلب القرارات لم يتم تطبيقها أو متابعتها، الأمر الذي زاد من استغلال التجار وأصحاب المحلات، وأثّر سلباً على الحياة المعيشية للأهالي.

حبر على ورق

وأصدرت وزارة الاقتصاد مؤخرا قراراً حدّدت فيه نسبة الأرباح المسموح بها لبائع الجملة والتاجر والمُنتج وبائع المفرّق، وقررت ألا تزيد هذه النسبة عن 20% للبضائع التي قيمتها أكثر من ليرة تركية واحدة، و30% لنفس البضاعة عند البيع بالمفرّق، ولكن على أرض الواقع فإن النسبة المُتعامل بها بين التجار والباعة هي أكبر من ذلك بكثير.

وعن عدم فعالية تلك القرارات، قال الخبير الاقتصادي "يوسف الرفاعي "لأورينت" إن عدم فعاليتها ينعكس على أرض الواقع، فالأسعار لم تُضبط يوماً، والمخالفات باتت بازدياد، والتنظيم التجاري والضريبي متهالك، ولهذا أيقن الغالبية أن هذه القرارات باتت حبراً على ورق.

وأضاف الرفاعي أن المسؤولون يعزون ضعف قدرتهم الرقابية بقلّة الكوادر وعدم الوعي الشعبي للرقابة الذاتية، ولكن هذا ليس تبريراً لتقصيرهم في إيجاد آليات وضوابط أكثر نفعاً، فمديريات التموين ولجان حماية المستهلك لديها أكثر من 200 موظف، أغلبهم يعملون على شكل دوريات جوّالة (مُراقب) ويقومون بملاحقة أصحاب المحلات والفعاليات التجارية من أجل التراخيص والسجل التجاري، دون المتابعة الحقيقية لتحديد وتوحيد الأسعار في المحافظة.

غياب الرقابة

كما التقت "أورينت" بأحد مرتادي الأسواق ويدعى "صلاح الحمدو" والذي أكد غياب الرقابة على الأسعار التي يتم بيعها.

وقال "الحمدو" إن سعر كيلو البندورة يبدأ من 3 ليرات تركية حتى 7 ليرات في نفس السوق، وكذلك أسعار بقية الخضار والفواكه وكافة الحاجيات، والغريب أن كل بائع يبيع على هواه، فأين التموين؟.

وأضاف "الحمدو" أن مديرية التموين وحماية المستهلك تبعُد عدة أمتار عن السوق ولم نرَ أحدا من مراقبي التموين".

بدوره، قال "عبدو الوالي" أحد تجّار الجملة في مدينة ادلب لـ"أورينت"، "هناك عدة إجراءات اتخذتها مديريات التموين من أجل تسجيل المحلات التجارية بسجل تجاري، واجتمعت مع بعض الفعاليات داخل المديرية ووزارة الاقتصاد وطلبت منهم عدة طلبات، ومن هذه الطلبات وجود سجل تجاري أو صناعي، وتشكيل ما يشبه جمعيات لكل مهنة للتواصل معهم، وأمهلت البعض عدة أيام للترخيص ومن ثم متابعة توحيد المواصفات والأسعار، ولكن هذه الإجراءات استغرقت عدة أسابيع دون أي فعالية، وأكثر ما يمكن قوله إنه تم إجبارنا على الترخيص ودفع ضرائب التسجيل التجاري دون أي متابعة لما بعد ذلك".

جشع وتلاعب

واعتبر الخبير الاقتصادي يوسف الرفاعي أن جشع التجار وتلاعبهم في الأسعار، وضعف الرقابة وتواطؤ بعض المراقبين، أدى كل ذلك لخلل في ميزان الأسعار والذي انعكس على الوضع المعيشي للأهالي.

وأشار الرفاعي إلى أن الكثير من التجار يحتكرون كميات كبيرة من بضاعتهم لقرب شهر رمضان، حيث يبيعونها في ذلك الوقت بأكثر من سعرها الحالي بكثير.

وأكّد على أن حالات الجشع باتت كثيرة ابتداءً من بائع الجملة وانتهاء ببائع المفرّق، حيث يرتفع سعر السلعة أكثر من 3 أضعاف فيما بينهم، فمثلاً البندورة يكون سعرها 2.5 ليرة عند المُنتج أو المستورد ليصل إلى حدود 6 أو 7 ليرات عند البائع بالمفرّق، وكل ذلك يتم تعويضه من جيب المواطن الذي لا يعلم كيف يؤمّن لقمة عيشه.

ولفت إلى أن الجشع والتلاعب بالأسعار ساعده انعدام الرقابة التموينية بشكل فعلي، وكذلك وجود حالات رشاوى عند بعض المراقبين حتى وإن كانت على شكل هدايا، ورغم أن الحالة ليست مُعممة ولكن وجودها ساعد على عدم وجود ذلك الرادع الكبير عند التجار والباعة.

ويبقى الرادع الأخلاقي هو الأساس، فكيف إذا غاب وغابت الرقابة أيضا، فحينها سيكون المواطن هو الضحية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات