أهالي الشام في موسم "العقابية" في إدلب: يطاردون تباشير الربيع وينادون "أول فواكه الشام يا عوجا!

أهالي الشام في موسم "العقابية" في إدلب: يطاردون تباشير الربيع  وينادون "أول فواكه الشام يا عوجا!
في دمشق كان ينادي عليها الباعة الجوالون بالقول: "أول فواكه الشام يا عوجا.." فقد كان نزولها في الأسواق إيذانا برحيل الشتاء وقدوم فصل الربيع.. وفي إدلب ينادون عليها بـ: "العقابية الغضة للأسنان الفضة".. وتتعدد المسميات ما بين العوجا والعقابية واللوزية.. لكنها تبقى تعبيرا عن فاكهة شهية لعل أكثر ما يميزها أنها تبدأ النزول إلى الأسواق بأسعار مرتفعة، ثم ينخفض سعرها تدريجيا تبعا لانخفاض درجة طراوتها وقسوتها.

عن العوجا أو العقابية التي يبحث عنها أهل الشام في إدلب.. وعن موسمها الشهي والقصير.. كان لنا هذا التحقيق عن واحدة من أجمل ثمار وتباشير الربيع في حياة الكثير من السوريين. 

المصدر.. والأنواع 

مع أنها مثيرة لشهية من ينتظرون نزولها إلى الأسواق من عام إلى آخر.. وتكاد تكون في نظرهم لا تقاوم مهما ارتفع سعرها، إلا أن هذا لا يمنع أن يقوم الباعة بتزيينها  بحبات الطماطم والفراولة أو الفليفلة الحمراء وحتى الورود أحيانا لجذب الانتباه إليها بطريقة عرضها الجميلة، حيث باتت العوجا  على اختلاف مسمياتها لدى السوريين تصل للمحرر عن طريق الاستيراد بعد سيطرة ميليشيات أسد الطائفية مؤخراً على مساحات زراعية واسعة  كانت تنتج في غالبيتها  تلك الفاكهة، وحول مصادرها وأنواعها تحدث لأورينت نت (عبد الرحمن مواس) الذي يعمل تاجرا في سوق هال مدينة إدلب قائلاً "أغلب أنواع العوجا تأتينا من تركيا عبر معبر باب الهوى الحدودي ضمن برادات مختلفة الحجم، تصل إلى التجار عبر وساطة تجارية معروفة كاستيراد أي سلعة مصرّح بدخولها للمحرر، ومن جهة أخرى تصل من المنطقة الساحلية المسيطر عليها من قبل نظام أسد عبر معبر "التايهة" بمناطق سيطرة الميليشيات الكردية ومنه إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ومن ثم إلى إدلب عبر معبر الغزاوية، وأضاف (المواس) "نسبة قليلة جداً من فاكهة العوجا البلدية تدخل الأسواق بشكل متقطع من مصادر إنتاح محلية مثل منطقة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي كبلدات الحمامة واليعقوبية والغسانية ومحيطها على سبيل المثال، ولكن بيعها يكون أقرب إلى أماكن زراعتها فمن النادر وجود العوجا البلدية في كل مكان من المحرر، لعدم تغطية الكمية لحاجة السوق المحلية" 

من البلدية إلى التركية والإسبانية والفرنسية!  

بسؤالنا عن أنواع العوجا أجاب (فراس النعسان) تاجر خضار قائلاً "في المرتبة الأولى والتي لا يعلى عليها العوجا البلدية الطرية واللذيذة وصاحبة "القرشة" المتميزة، ثم تأتي الإسبانية والفرنسية والمستوردة عبر تركيا بالمرتبة الثانية من حيث الطعم والسعر، وبعدها اللوزية والفرك التي عادةً ما تكون صغيرة الحجم وقاسية الملمس، ولكل منها سعرها الخاص، وبالحديث عن الأسعار أفادنا (غادي الحمود) تاجر خضروات "في بداية موسم العوجا والذي يبدأ من الشهر الثاني ويستمر لنهاية الشهر الرابع تقريباً، يصل سعر الكيلو غرام لحوالي 30 إلى 50 ليرة تركية حسب النوع ثم ينخفض تدريجياً مع اقتراب نهاية الموسم وتحول العوجا إلى مرحلة "اليباس" وهو تحولها إلى لوز قاسٍ ليصل سعر الكيلو غرام العوجا بين 15 إلى 25 ليرة تركية" 

أهالي الغوطة يبحثون عن الطعم المفقود! 

"والله الحركة ضعيفة شوي هالسنة" هكذا بدأ حديثه معنا (سعد قدور) والذي يعمل بائعا متجولا على "بسطة" قائلاً "بسبب الوضع الاقتصادي العام والضعيف إلى حد ما جعل الكثيرين يقتصرون على الضروريات في المأكل والمشرب، وتعتبر العوجا من الثانويات والمرفهات، يشتريها نسبة قليلة من الأهالي للتذوق فقط وبكميات قليلة، وبغالب الأحيان لا يبلغ بيعي للعوجا في اليوم كله أكثر من خمسة كيلو غرامات.

وأضاف (القدور): "لم تعد العوجا مقتصرة في استهلاكها على فئة وبلد معين، حيث يتناولها جميع أطياف المجتمع دون استثناء" من جهته تحدث لنا (نذير الخطيب) المهجر من منطقة الغوطة بريف دمشق قائلاً "منذ تاريخ تهجرنا لم نتذوق طعم العوجا البلدية كما كنا نعرفها في الغوطة، وأنا من جهتي أشتريها بكميات قليلة فقط لأقضي شهوة أطفالي الصغار، بسبب غلائها بالدرجة الأولى وطعمها المغاير لما اعتدنا عليه في مناطقنا، خاصةً مناطق دير العصافير وبيت نايم  "أعادنا الله إليها عن قريب".

تعددت الأسماء.. والثمرة واحدة

"العقابية الغضة للأسنان الفضة" هكذا حدثنا الحاج (خالد عز الدين) من أهالي إدلب قائلاً "لكل منطقة أو بلد مسمىً مختلف بفاكهة العوجا متعارف عليه، فعل سبيل المثال أهالي دمشق وريفها ينادونها بالعوجا على اختلاف مصادرها وحجمها، أما أهالي إدلب فيطلقون عليها اسم "العقابية" وأهالي مناطق جبل الزاوية وشحشبو يطلقون عليها اسم "اللوزية" "الفرك" وأضاف (عزالدين) "سابقاً كنا نستهلك العقابية للأكل والضيافة وصناعة الكبيس" المخلل"  وحالياً اقتصر الاستهلاك على الأكل البسيط فقط".

الجدير بالذكر أن مدينة إدلب تشهد حركة تسوق كبيرة على الرغم من أعداد النازحين إليها من كافة المحافظات السورية، وما يشكله من ازدحام سكاني واستهلاكي مرتفع، فكان لابد من حل لتوفير متطلبات ذلك العدد السكاني المرتفع والذي يتمثل بنشاط المعابر الحدودية مع تركيا  التي وفرت البضائع المختلفة إلى حد كبير على الرغم من  ضعف الإنتاج المحلي، بسبب سيطرة نظام أسد والميليشيات الموالية له على مساحات زراعية واسعة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات