أغرب تجارة من نوعها: رحلات بين دمشق والقاهرة بحقائب ملأى بالوثائق الرسمية!

أغرب تجارة من نوعها: رحلات بين دمشق والقاهرة  بحقائب ملأى بالوثائق الرسمية!
ما إن تطالع صفحات الجالية السورية في مصر، حتى تجد عشرات المنشورات من أشخاص، يعرضون إمكانية حمل أوراق رسمية وجوازات سفر خلال رحلاتهم بين دمشق والقاهرة، وللوهلة الأولى تظن أن الأمر ليس سوى مجرد خدمة إنسانية، إلا أن ذلك ليس دقيقا، حيث يستغل هؤلاء قدرتهم على السفر إلى دمشق حيث لا مساءلة أمنية تمنعهم أو خوف اعتقال يعرقل عودتهم، فيستثمرون في سفرهم حاجة الكثير من السوريين الممنوعين من العودة بلادهم إلى إنجاز معاملات رسمية، عارضين ما يسمونها " خدمة " مقابل أجر مادي!

 

يختلف هذا الأجر بحسب الأوراق الرسمية المرسلة، الأمر الذي يعتبر مخالفا قانونيا، خصوصا أنهم يحملون في حقائبهم عشرات الجوازات والأوراق الرسمية من سندات ووكالات وعقود بيع وشراء وغيرها، في وضع يعرض تلك الأوراق وأصحابها للمساءلة، أولئك الذين يضطرون استخدام هذه الطرق الملتوية، بسبب غلاء القنوات الرسمية التي يمكن الإرسال عبرها مثل شركات النقل العالمية، فضلا عن عدم قدرتهم على إنجاز معاملتهم الخاصة حيث حرمهم نظام الأسد من العودة لبلدهم.

تعامل بالخفاء

لا يصرح الأشخاص المشتغلون بهذه التجارة الملتوية عن أسمائهم، حيث يؤكد " مؤيد حاكمي " وهو سوري مقيم في القاهرة، أنهم يكتبون في صفحات الجالية السورية بمصر، أسماء مستعارة طالبين التواصل معهم عبر خدمة " واتس أب " حصرا، ثم يعطون الساعي إليهم مضطراً موعدا ما لأجل تسليم الأوراق المرسلة، ويتم التسليم ثم يطلبون من المتعامل أن يخبر المستلم في سوريا، انتظار اتصال من رقم غير محدد لأجل استلام الورق، مشيرا إلى أن الأمر لا يتوقف على الورق فحسب بل يمكن أن يكون مالا، حيث يرسل البعض عن طريقهم مبالغ مالية إلى سوريا بسعر السوق السوداء مقابل أجور توصيل.  

لكل ورقة تسعيرة

يقول " سمير هنداوي " إنه تواصل مضطرا مع أشخاص يعملون فيما سماه مهنة السفر الرابحة، ليرسل دفتر العسكرية ووكالة عامة إلى سوريا لإنجاز معاملة عن طريق أحد أقاربه، ليخبره الشخص الذي تواصل معه أن سعر الدفتر يختلف عن سعر الوكالة، ليكتشف أن لديهم لكل ورقة تسعيرة تتراوح بين 150 جنيه مصري وصولا إلى 700 جنيه قابلة للتغير بآخر لحظة عند تسليم الأوراق دون إعلام المرسل، فأرخصها مثلا إخراج القيد القادم من سوريا، وأغلاها جواز السفر، معتقدا أن ذلك مبني بالأساس على فكرة خطورة كل ورقة، لأنهم يحملون معهم عشرات الجوازات ودفاتر الخدمة العسكرية وغيرها من الأوراق التي ربما يدفعون لأجلها في مطار دمشق من أجل الدخول والخروج بها. 

الأمر الذي يؤكده المحامي المصري " عصام حامد "، الخبير بالشأن السوري في مصر، حيث يقول لأورينت إن من يكتشف أمره من هؤلاء الأشخاص حاملا هذا الكم من الأوراق والجوازات سيتعرض حتما للمخالفات حيث قد يدخل ضمن فئة جناية التزوير وحمل أوراق رسمية لأشخاص آخرين وهو ما قد تتراوح عقوبته في مصر بين سنة وعشرة سنوات، منوها إلى أن على السوريين تحمل عبء اتباع قنوات الإرسال الرسمية التي تعتبر أفضل وأكثر أمانا من تلك التي يستخدمها المتاجرون بحملها في حقائبهم، مشيرا إلى أن الكثير من هذه الحالات وقعت في مصيدة الأمن المصري وتم التعامل معها. 

لا شيء يضمن الوصول

قد تتأخر أوراقك أو لا تصل، هكذا تقول " راما السورية " وهو اسم مستعار لإحدى السيدات السوريات التي تعاملت مع أحد المستغلين، وأرسلت عدة أوراق رسمية معها خلال فترة فيروس كورونا، إلا أن تلك الأوراق لم تصل، وحين عادت وتواصلت معه مرة أخرى عبر " واتس أب " قام بحظرها نهائيا وحين اتصلت بالرقم السوري الذي يعمل عليه البرنامج، اكتشفت أنه خارج التغطية لتضيع الأوراق والمال الذي دفعته مضطرة، ناصحة الناس بعدم التعامل معهم لأنهم " نصابين " كما وصفتهم. 

من المستفيد ؟

في نظرة فاحصة لهذا النوع من الاستغلال، ستجد أن معظم هؤلاء المتعاملين، من أولئك القادرين على السفر إلى دمشق بسهولة، دون أن يمنعهم خوف اعتقال أو محاسبة، على العكس هم مرحب بهم هناك، ما يشي بطبيعة علاقتهم مع النظام في سوريا، وعدم وجود أي أزمة لديهم في التعامل معه. 

تعامل يحمل في طياته إمكانية تحقيق استفادة مشتركة بين المستغلين وآخرين ممن يسهلون لهم إدخال هذا الكم من الأوراق الرسمية إلى البلاد من ضباط وعناصر أمن مطار دمشق، أو الحدود السورية اللبنانية التي يمر عبرها القادمون عن طريق مطار بيروت، والتي يسيطر عليها المنتفعون من عمليات التهريب وغيرها، مقابل حصص في المبالغ التي يتم تحصيلها من المرسلين المضطرين، في عملية استغلال واضحة لحاجة البسطاء. 

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات