الموقف والمعنى: لماذا يتخذ الإنسان موقفاً؟

الموقف والمعنى: لماذا يتخذ الإنسان موقفاً؟
ما العلاقة التي تقوم بين الوضع المعيشي و اتخاذ الموقف في لحظات التاريخ المفصلية؟  و التي نصوغها  بالسؤال : ما معنى الموقف من الحياة و الوجود و التاريخ و المصير و الإنسان ، لماذ يتخذ الإنسان موقفاً؟

السؤال لماذا يتخذ الإنسان موقفاً جوابه سهل ولا يحتاج إلى عناء. فالموقف هو تعبير عن  نظرة إلى الحياة و معنى وجود الإنسان . وجميع البشر بلا استثناء لديهم نظرة إلى الحياة و معنى لوجودهم .من الفلاح و العامل وحتى الفيلسوف و الشاعر مروراً بالثري و الفئات الوسطى إلخ . 

النظرة إلى الحياة تعني بأن كل فرد يمنح حياته معنىً ما بل معاني و يمضي في طريقه على هديها. وليس هذا فحسب فحين يختار الإنسان معاني حياته عبر تأمل وتعقل بالحياة، مهما كانت ماهياتها، فإنه عملياً ،يظهر حر يته .  

 فِيمَا القتلة و المجرمون و السياسيون و الدكتاتوريون وأمراء الحروب والهباشون  ،وهم يخوضون حربهم بمعنى الحياة الوضيع ، يطرحون أمام البسطاء من الناس المعاني الأثيرة لديهم و المتطابقة مع هوياتهم الساكنة . 

الدكتاتور القاتل و الذي ولد في بنية قاتله  يواجه المعاني النبيلة للبشر النابعة من شعورهم بالحرية بمعانٍ زائفة تخفي معنى وجوده الوضيع في الحكم عبر القتل ، فتصبح العروبة و الممانعة و الصراع مع الصهيونية و مواجهة الإرهاب عدته الأيديولوجية لجر العدد الأكبر إلى ساحة معركته المنحطة. وحليفه المعمم لن يقول للبسطاء هيّا إلى الحرب دفاعاً عن جماعة حاكمة لنا مصلحة باستمرار حكمها، بل يدعوهم باسم الأسماء الأثيرة التي تسكن هويتهم الطائفية : فيصبح الدفاع عن زينب وفاطمة و الثأر لمقتل الحسين والانتقام من يزيد و ما شابه ذلك من أسماء ستارة المعنى الزائف التي تخفي المعنى الوضيع الحقيقي لجر الناس إلى القتال. 

وقس على ذلك المعمم الآخر النقيض الذي يدعو البشر للموت في سبيل الخلافة و تحقيق حكم الله ، لأن الحاكمية لله وحده .فيمارس قتل المختلفين بدم بارد باسم الأمر الإلهي . 

و هكذا يتحدُ الدكتاتور القاتل و العمامة المجرمة بهدف مشترك،  ألا وهو العداء للحياة .ولهذا فإن القتل و الإجرام والتدمير هي أشكال السلوك الطبيعة لأعداء الحياة.

أحباء الحياة الحرة، الحياة المتحدة بقيمة الإنسان الحر ، يخوضون معركتهم بوصفها معركة معنى الحياة كما يجب أن تكون ، حياة تتحد فيها قيم الوجود الحر و مركزية الإنسان . هذا المعنى يتجاوز النظرة البيولوجية للإنسان، يتجاوز مستوى الحياة المعيشية الخاصة . ويعلن بكل وضوح أنا حر إذاً أنا أكون. 

فمعنى الحياة الذي ينطلق منه الإنسان هو الذي يحدد سلوكه تجاه الحياة،بمعزل عن وضعه الحياتي المعيشي،و الصراعات صراعات معانٍ متعينة بالأفراد و الجماعات .فمعاني الحرية و الديمقراطية و العلمانية و الكرامة الفردية و الوطنية  و الحق و القانون و الأمان المادي و الروحي  والانتماء إليها هي التي تقودنا إلى الالتزام الوطني و الإنساني و الأخلاقي، وبالتالي التعلل بوضع مادي ما للتحرر من معنى الوجود المدافع عن الحرية والكرامة،موقف منحط أخلاقياً.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات