معابر روسيا في سوريا

معابر روسيا في سوريا
نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن المركز الروسي للمصالحة السورية: إن روسيا اقترحت أن تعيد تركيا فتح ثلاثة معابر بسبب الأوضاع الإنسانية الصعبة في سوريا، والمعابر المطلوب فتحها هي في كل من سراقب وميزنار شرق إدلب، ومعبر أبو الزندين شمال حلب.

يأتي الطلب الروسي بأعقاب هجوم صاروخي جوي وبحري نفذته مقاتلات روسية من قاعدة "حميميم" ومن سواحل المتوسط قبالة الشواطئ السورية حيث تتمركز السفن الروسية الحاملة للصواريخ، الهجوم الذي استهدف مصادر الطاقة من صهاريج نقل ومصافي بدائية لتكرير النفط في عدة مواقع في الشمال المحرر (سرمدا، باب الهوى، جرابلس)، إضافة لمشفى في بلدة الأتارب، ولم تغفل تلك الضربات عن استهداف تجمعات سكنية في قرية قاح بمنطقة خفض التصعيد في إدلب، وقصف آخر طال حتى النازحين والمهجرين قرب بلدة باب الهوى وعلى بعد عشرات الأمتار من الحدود التركية_السورية.

من البديهي أن الوجود الروسي اليوم في سوريا ليس جديداً ولا يمكن إغفاله، ويجب التعامل معه بجدية، وحتى الإدارة الأمريكية وفي مناسبات متعددة أبلغت أعضاء من الوفود التفاوضية للمعارضة السورية أن الحل السوري وبجزئه الأكبر يوجد في موسكو، وعليكم التوجه لهناك (وإن كان البعض يخفي تلك المعلومة أو يكابر على قولها كي لا يغضب مرجعيته).

لكن بالمقابل كان على موسكو أن تحسن البصر والبصيرة، وتنظر للقضية السورية على أنها قضية شعب يرفض الاستمرار بالخنوع لديكتاتورية تتحكم به منذ خمسة عقود، لا أن تراها موسكو ورقة يمكن أن تساوم عليها في بازار النخاسة الدولي، أو ورقة مقايضة يمكن استخدامها على طاولات قمار لاس فيغاس الشرق أوسطية، وتبادلها بملف شبه جزيرة القرم، أو ملف الدرع الصاروخي، أو ملف أوكرانيا، أو العقوبات الغربية على موسكو، وكان الأجدى بموسكو أن تتفهم موقع سوريا الأقرب للشرق منه للغرب وخاصة بعقيدة جيشه وعدته وعتاده، وكان على موسكو أن تقرأ قيمة سوريا لدى الغرب التي لا تعادل أكثر من حماية الحدود الشمالية لإسرائيل، وعدا ذلك فلا رهان لهم بسوريا، وعلى هذا الأساس كان يجب على موسكو أن تنظر لقضية الشعب السوري كقضية شعبين متحالفين لا نظرة حاكمين متحالفين.

عندما تقترح "حميميم" قضية المعابر وتتفاوض مع تركيا لفتحها وبأوامر وردتها من وزارة الدفاع والكرملين، كان على موسكو قبل حميميم اختيار المعابر الأهم التي يجب أن تفتح:

كان على موسكو ومنذ عام 2015 وبعد تدخلها العسكري في سوريا فتح معابر إخراج الميليشيات الإيرانية وميليشيات حزب الله وكل الميليشيات الطائفية التي أحضرها المقتول "قاسم سليماني" إلى سوريا بالتعاون مع بشار الأسد وبأوامر من ولاية الفقيه التي يتبع لها، لأن موسكو تعلم أن إيران قادمة إلى سوريا ليس لإنقاذ الأسد فحسب، بل لتنفيذ ما قاله مهدي طائب، رئيس مقر "عمار" الاستراتيجي الإيراني للحروب الناعمة، التابع للحرس الثوري: إن "سوريا هي المحافظة الـ35" وتعد محافظة استراتيجية بالنسبة لنا.

لكن بدلاً من فتح الأبواب السورية لطرد إيران وتوابعها، عملت موسكو على التحالف معها وتقديم الدعم والغطاء الجوي وشاركتها بقتل الشعب السوري الذي يطالب بالحرية والتخلص من التبعية الإيرانية، وزادت عليه موسكو باتهام السوريين بالإرهاب، وحتى منظمة الدفاع المدني "الخوذ البيضاء" لاحقتها موسكو بتهمة الإرهاب، وموسكو تعلم عن ظهر قلب أن الشعب السوري لا يعرف الغلو بالدين ولا التشدد، وأنه شعب معتدل، وأن كل الإرهاب الداعشي والقاعدي في سوريا هو حصيلة تلاعب استخباراتي شاركت به دول متعددة، لكن أبرز داعمي هذا الإرهاب هم أجهزة استخبارات الأسد والحرس الثوري الإيراني، وما كان إخراج المتشددين الإرهابيين من سجون الأسد وكذلك مسرحية هروب الإرهابيين من سجون المالكي إلا حلقة من هذا المسلسل القذر لتلطيخ ثورة شعب طالب بالحرية والكرامة فتم وصفه بالإرهاب.

كان على موسكو ومنذ عام 2011 وبحكم امتلاكها مقعداً دائماً في مجلس الأمن أن تفتح معابرها لقلوب السوريين عبر إنصافهم بقرارات دولية تعيد لهم حقهم ممن استدعى الغرباء لقتل أبنائهم وفلذات أكبادهم، وفيمن جلب المرتزقة لقتل المدنيين وتشريدهم إلى الدول المجاورة والغربية، وفيمن استخدم الكيماوي وتسبب بقتل النساء والأطفال والشيوخ دون رحمه، لا أن تستخدم موسكو الفيتو أكثر من 14 مرة في مجلس الأمن فقط لإجهاض مشاريع قرارات أممية للتحقيق بجرائم كيماوي الأسد أو لإجهاض وإغلاق معابر كانت تعبرها قوافل الإغاثة الأممية لشعب نازح ومهجر هارب من قتلة الأسد ومرتزقته على الحدود السورية.

هناك الكثير من المعابر التي أغلقتها موسكو بوجه السوريين، السوريون الذين تخرج أبناؤهم من الجامعات الروسية، ومن خدم أبناؤهم على الدبابة الروسية، ومن زغردت لهم أمهاتهم من نساء سوريا وهم يطلقون صواريخ "سام" التي أحرقت طائرات إسرائيل عام 1973 وتربى أبناؤهن على العقيدة الشرقية في سنوات خدمتهم بالجيش العربي السوري، ولكن بدلاً عن ذلك باعت موسكو 24 مليون سوري وبعثرت أحلامهم بالحرية كرمى لعيون بشار الأسد وأقل من 200 مجرم يلتفون حوله.

بوابات كبرى ومعابر عدة كان باستطاعة موسكو فتحها، وأهمها فتح معبر بري أو جوي أو بحري تدفع به بشار الأسد للجحيم، وتلتفت لشعب سوريا الخلاق، شعب كان يكن لها كل الصداقة والمحبة، شعب تواق للحرية ومخلص لصداقاته، شعب ينتظر لحظة الخلاص ليعود لربوع وطنه ويشمر عن زنوده مع كل إخوانه السوريين النشامى، ليعيد ترميم ما دمرته آلة قتل الأسد وحلفائه، ويطوي صفحة حرب دمرت سوريا.

التعليقات (1)

    احمد

    ·منذ 3 سنوات شهر
    كلام الحق في زمن الباطل والخذلان العربي بالوقوف تجاه الغطرسة الهماجيه ضد شعبنا
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات