منظمة دولية تكذّب نظام الأسد وتكشف حقيقة أزمة الخبز

منظمة دولية تكذّب نظام الأسد وتكشف حقيقة أزمة الخبز
حمّلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" نظام أسد مسؤولية أزمة الخبز في مناطق سيطرته، حيث سلطت الضوء على تحكم ميليشيا أسد في أزمة الخبز الراهنة عبر سياسة التمييز الطائفي والفساد الحكومي الممنهج، محذرة من تفاقم أزمة الجوع بسبب سياسة أسد وحليفته روسيا.

وفي تقرير موسع للمنظمة، اليوم الاثنين، أشارت إلى أن تقاعس نظام أسد عن معالجة أزمة الخبز في مناطق سيطرته، "بصورة عادلة وملائمة يدفع بملايين السوريين نحو الجوع"، وقالت مسؤولة المنظمة سارة الكيالي، "يقول المسؤولون السوريون إن ضمان حصول الجميع على ما يكفي من الخبز هو أولوية، لكن أفعالهم تظهر عكس ذلك. الملايين في سوريا يعيشون الجوع، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى تقصير الحكومة في معالجة أزمة الخبز التي ساهمت في خلقها".

التقرير يكشف وقوف ميليشيا أسد وراء أزمة الخبز الراهنة بشكل ممنهج، من حيث التمييز العنصري في التوزيع ورداءة نوع الخبز والطحين المقدمين للأفران، ويستند التقرير إلى بيانات رسمية وتقارير المنظمات الإغاثية المحلية ومنشورات مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة لمقابلات واسعة مع سكان وأصحاب مخابز وعمال إغاثة في معظم مدن ومحافظات خاضعة لسيطرة ميليشيا أسد.

سياسة تفضي إلى الجوع

تؤكد "رايتس ووتش" أن الكثير من العائلات في مناطق سيطرة ميليشيا أسد خفّضوا عدد وجبهاتهم اليومية بسبب النقص الحاد في الغذاء، و"أصبح الأمهات والآباء يجوعون لإطعام أطفالهم"، وقال شخص من مدينة الزبداني بريف دمشق إنه مع زيادة الأسعار والقيود التي تفرضها حكومة أسد، "فقد اكتفى هو وزوجته بوجبة صغيرة واحدة في اليوم ليؤمنا ما يكفي من الخبز لأطفالهما" وقال: "نقسم الخبز إلى قطع صغيرة ونغمسه في الشاي لجعله يبدو أكبر، ولأن النوعية سيئة للغاية".

ويعد معظم الخبز المقدم من الأفران التابعة لحكومة أسد سيئ الجودة بشكل محلوظ، الأمر الذي يجمع عليه أغلب السكان بحسب منشورات وصور على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر الخبز بلون أقرب للأسود بسبب خلطه بمواد أخرى كالعدس والشعير وغيرها من الحبوب وفي هذا الصدد تنقل المنظمة عن عدد من السكان قولهم،: إن "النوعية كانت سيئة لدرجة أن الخبز يجب أن يُغمس في الماء ليؤكل. وقال آخر إن هذا ينطبق بشكل خاص على الخبز المدعوم من الحكومة".

تمييز في التوزيع

على صعيد آخر، كشفت المنظمة عبر جولة واسعة من المقابلات والتحقيقات عن سياسة "التمييز العنصري" التي تتبعها ميليشيا أسد، إن كان في توزيع الخبز من حيث الفئات بشكل طائفي، وإن كان في المخابز التي تدعمها بحسب توزعها في الأحياء والمناطق وبشكل طائفي أيضا، وذلك من خلال إعطاء الأفضلية في التوزيع لعناصر ميليشيا أسد ورفض إعطاء الخبز للمدنيين وخاصة النازحين.

وبحسب تقرير لـ "معهد نيوزلاينز" فإن مخابرات وميليشيا أسد تتدخل في توزيع الخبز والقمح في مناطق سيطرتها، إلى جانب إعطاء رخص لعناصرها لبيع الخبز وتوزيعه في السوق السوداء وبأسعار مضاعفة على حساب لقمة المدنيين لاسيما الطبقة المستضعفة.

ونقلت "رايتس ووتش" عن ناشطة محلية زارت مناطق ريف دمشق، وحمص، وطرطوس قولها: إن "الأفران المدعومة من الحكومة فيها طوابير منفصلة لكل من السكان العاديين، والنازحين، والجيش والمخابرات. كان طابور الجيش والمخابرات هو الأسرع، بينما تحرك النازحون بمعدل مكان واحد لكل خمسة أماكن في الخط النظامي. في بعض الأحيان، كان عمال المخابز يبعدون النازحين، ويقولون لهم (ارجعوا من وين ما اجيتوا) وبأنهم كانوا سبب الأزمة"، مشيرة إلى أن ذلك الوضع ينطبق تماما في مناطق بالسويداء ودرعا.

ويشمل التمييز الطائفي توزيع الطحين على الأفران في مناطق سيطرة ميليشيا أسد، حيث يقول موظفا إغاثة في مؤسسات مسؤولة عن تقديم الغذاء والدعم المعيشي، وناشطة محلية للمنظمة:، إن "هناك أيضا مشاكل تتعلق بتوزيع الخبز والقمح من قبل بعض المنظمات الإنسانية، وهناك عدد قليل فقط من المنظمات المحلية تقدم الخبز، وإن بعضها يوزع على أساس الإثنية، والطائفة، والمنطقة الأصلية للمتلقين"، فيما يؤكد مسؤولان دوليان أن حكومة أسد تزود فرقهم المسؤولة عن تأهيل المخابز المدمرة عبر "توجيه المنظمات بإعادة تأهيل المخابز وتوصيل سلال غذائية حسب الانتماءات السياسية للحي المعني، وليس على أساس الحاجة وحدها."

فساد ممنهج

اتهمت المنظمة الحقوقية ميليشيا أسد بلعب دور رئيسي في الاحتيال في مبيعات الخبز والقمح بمناطق سيطرتها، عبر إعطاء موافقات أمنية لعناصر لمخابرات ببيع الخبز في السوق السوداء بأسعار مضاعفة على حساب مخصصات المواطنين، إضافة لإصدار قرارات تمنع المخابز غير المعتمدة من بيع الخبز المدعوم، بينما تسهل لعناصرها سهولة سرقة الخبز وبيعه. 

إضافة لذلك أعطت حكومة أسد موافقات أمنية لعناصر المخابرات كموزعين لبيع الخبز في مناطق سيطرتها، الأمر الذي يسهل عمليات التلاعب والاحتيال ببيع الخبز، حيث يبيع الموزع (عنصر المخابرات) الربطة الواحدة بأسعار مضاعفة دون وجود رقيب ولا حسيب، وفق "رايتس ووتش".

ولا يقف الفساد في هذا الموضع، بل إن عناصر ميليشيا أسد يسرقون معظم المواد الغذائية المقدمة من المنظمات الإنسانية ويبيعونها في السوق السوداء، وتشمل تلك المواد الدقيق والسكر والأرز وغيرها من المواد الأساسية، في حين يعاني السكان أزمة اقتصادية لافتة بسبب فساد الميليشيا الممنهج.

روسيا شريكة في الأزمة

فيما حمّلت هيومن رايتس ووتش حكومة أسد أزمة الخبز والجوع الحالية وقالت إنها "ملزمة بمراجعة القيود على كمية الخبز المدعوم التي يمكن للأسر الحصول عليها حتى لا تجوع، وتقديم دعم إضافي للأسر غير القادرة على تحمل تكاليف المواد الغذائية الأساسية"، إضافة للمطالبة بوقف انتهاكات ميليشيا أسد ومخابراتها بما يخص توزيع الخبز وأزمة الجوع المتفاقمة لاسيما التمييز في توزيع الخبز والطحين.

كما اعتبرت روسيا شريكة أساسية في أزمة الجوع في مناطق سيطرة ميليشيا أسد، "بما أنها طرف في النزاع بموجب القانون الدولي" وطالبتها بتقديم تعوضيات عن الانتهاكات التي كانت ضالعة فيها باعتبارها المسؤولة عن تدمير الأفران والمنشآت والبنى التحتية خلال حربها على الشعب السوري في الأعوام الماضية.

محاسبة الفاسدين

في حين طالبت المنظمة الدول المعنية والجهات المانحة للأمم المتحدة والوكالات الإنسانية الأخرى المسؤولة عن إصلاح الأفران المدمرة في سوريا، أن "تضمن محاسبة الأطراف المسؤولة عن تدمير المخابز والأراضي الزراعية الصالحة على أعلى المستويات، وأن عليها توجيه رسالة للتنديد بالتوزيع التمييزي للغذاء في مناطق سيطرة ميليشيا أسد،.

وقالت الكيالي في هذا الصدد: "القيود التي تفرضها سياسات الحكومة السورية بمواجهة أزمة الخبز تزيد الأمور سوءا، ما أدى إلى ظهور سوق سوداء تخدم الأغنياء ومن لديهم ́واسطة. على الحكومة السورية ضمان توزيع الخبز بكميات ونوعيات ملائمة على كل من يحتاج إليه في جميع المناطق التي تسيطر عليها".

أزمة غير مسبوقة

وتشهد مناطق سيطرة أسد أسوأ أزمة غذائية غير مسبوقة على صعيد تأمين رغيف الخبز، تمثلت بطوابير الخبز في معظم تلك المناطق لاسيما العاصة دمشق، إلى التزايد، وعمد النظام الصيف الماضي إلى رفع أسعار الخبز بنسبة 100% وتقنين بيعه عبر البطاقة الذكية وإسناد استيراد القمح إلى القطاع الخاص.

وزادت تلك الأزمة في الأسابيع الماضية بشكل ينذر بمجاعة حقيقية تهدد ملايين السوريين في تلك المناطق، وسط فساد حكومي ممنهج ومكابرة من نظام أسد وحليفه الروسي عن إنقاذ السكان عبر الامتثال للقرارات الدولية الرامية لإيجاد حل سياسي وفق قرار مجلس الأمن الدولي، بما يفتح الباب أمام انفراجة حقيقية تجنب البلاد مجاعة غير مسبوقة في تاريخها.

وفي ظل تلك الوقائع، لاسبيل لنظام أسد عن استدراك الأزمة الحقيقية إلا بقبول القرارات الدولية، حيث إن حليفتيه روسيا وإيران غير قادرتين على دعمه لاعتبارات كثيرة منها الأزمات والعقوبات الدولية التي تعصف بهما بحسب اعترافات رسمية، إلى جانب خسارة أسد لمصادر القمح في سوريا الواقعة تحت سيطرة ميليشيا قسد بدعم القوات الأمريكية هناك، ناهيك عن انهيار اقتصادي لا يؤهل النظام لاستيراد القمح.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات