حكايا وأسرار: براء البوشي.. أول صحفي عسكري ضحى بروحه من أجل الثورة

حكايا وأسرار: براء البوشي.. أول صحفي عسكري ضحى بروحه من أجل الثورة
منذ سنوات وأنا أريد أن أكتب عن براء البوشي، الذي عرفته عن قرب لأشهر جمعتنا قبيل الثورة وإبانها في الكلية السياسية العسكرية، أثناء أدائنا لخدمة التجنيد الإجباري.

ولكن في كل مرة أتراجع عن ذلك، لا أدري لماذا؟، ربما كي لا أحرج نفسي وأعترف بأني أخطأت في تقديري له، أو كي لايقال أني أكتب عنه من دافع مناطقي، في وقت كنت أرى في المناطقية إحدى آفات ثورتنا للتحرر من الظلم.

ولا أدري لماذا تشجعت وكتبت عنه اليوم، ربما تحقيقا لوعد أطلقته على نفسي بعد انشقاقه، بأني سأعتذر منه  وأنصفه من نفسي عندما التقيه، ولكن مع تعذر اللقاء، ربما تكون هذه الكلمات اعتذارا وإنصافا له، في الذكرى العاشرة  لثورتنا التي أحب والتي من أجلها ضحى.

في الشهر الأول من عام 2011، جاء براء إلينا في الكلية السياسية والعسكرية مع عدد من الطلاب الضباط المجندين ليختص معنا في "التوجيه السياسي"، وقد كنا ننظر إلى براء ومجموعته كضيوف " طارئين" على اعتبار أنهم سيقضون معنا دورة الاختصاص 4 أشهر ونصف، ثم يعودون إلى إداراتهم بينما سنبقى نحن الذين كانت "خدمتنا الرئيسة" لمصلحة الإدارة السياسية.

وكان براء شابا متوسط القامة والبنية، كان ناعم الذقن زيادة عن اللزوم، ويتحدث بصوت خافت وكان مظهره يشف  على أنه فتى مدلل.. " سمعت صوتا من ورائي كان زميلا من مجموعتنا، ينادي، يحيى، ألا تريد التعرف على بلودك،.. مين بلودي؟ ليرد علي؛ بلودك براء الذي قدم مع الدفعة الجديدة  ليؤدي دورة التوجيه السياسي عندنا.

لا يارجل لايبدو عليه أنه حموي، وأكملت ؛ ألا ترى أنه يبدو مدللا وناعما زيادة عن اللزوم، لا لا.. لا أعتقد أنه حموي، فنحن أكثر خشونة.. ولم أصدقه لولا أنه أقسم لي.

ورغم ذلك بقيت علاقتي مع براء مقتصرة على السلام وصباح الخير ليس أكثر، عندما كنا نرى بعضنا على باب المطعم أو باب قاعة المحاضرات.

وهكذا انتهت دورة التوجيه، وكانت الثورة قد بدأت حينها منذ نحو شهرين، وأنا ذهبت للإدارة السياسية، وهو عاد إلى إدارة الاستطلاع التي أتى منها.

وبعد نحو سنة من افتراقنا، جاءني صديقي نفسه، الذي كان من مجموعتي وتم فرزه معي إلى الإدارة السياسية ليخبرني،.. هل سمعت بمن انشق يايحيى؟ لا والله لم أسمع من يكون، .. لقد انشق من كنت تصفه بالفتى المدلل، رديت بدهشة لا تقول براء ؟!، .. ماغيرو . 

وأضاف صديقي، لاء ومو بس انشق وسبقك، كمان عمل شغلة مستحيل تتوقعها، .. شو عمل سألت بدهشة واستغراب، .. ليجيبني فورا " والله انشق وأخد معو بارودتين وأربع مخازن، والله عمداء وعقداء انشقوا وما عملوها".

نعم هذا هو براء وهذا الذي لم يُكتب عنه، وأتذكر أني قلت حينها لصديقي : إن كتب لي والتقيته سأعتذر منه لأني أخطأت في تقديري للرجل، ولكن ما هي إلا أشهر حتى أتانا نبأ مقتله في التل وكان ذلك قبل انشقاقي بأيام.

براء البوشي سوريا وحمويا أصيلا، ولد عام 1987، ودرس الإعلام مثلي في دمشق وتخرج بعدي بثلاث سنوات عام 2009، لكنه سبقني في التضحية والثورة بأشواط كثيرة، وعمل صحفيا في موقع سيريا نيوز قبل الالتحاق بالجندية، ويرحل برصاصة قناص غادرة في 11 آب وهو يوثق بكاميرته حصار ميليشيا أسد لمدينة التل بريف دمشق.

ساهم براء بعد انشقاقه بتأسيس سانا الثورة، وعمل ناطقا ومتحدثا إعلاميا لعدة فصائل تابعة للجيش الحر، قبيل أن يسلم الراية، ويؤكد كما غيره من عشرات الصحفيين والإعلاميين السوريين الذين ضحوا من قبله ومن بعده، أن الكلمة والكاميرا لا تقل أهميتها عن الرصاص، لابل تزيد، وأنه لولا كلماتهم وكاميراتهم لم نكن لنصل إلى إحياء الذكرى العاشرة للثورة على طريق الانتصار بإذن الله.

وفي الذكرى العاشرة  للثورة نستذكر بيان انشقاق براء في أيار 2012  ونختم به حين قال " أنا الملازم المجند براء يوسف البوشي مدرب مادة التوجيه السياسي في مدرسة الاستطلاع في ريف دمشق والتابعة لإدارة الاستطلاع في جيش طاغية الشام بشار، أعلن انشقاقي عن النظام .. قاتل الأطفال ومرتكب أبشع المجازر في حق شعبه".

التعليقات (1)

    Kamil Abbas

    ·منذ 3 سنوات شهر
    استشهاد هاذا الشب ولى طيب
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات