الجمر السوري يهدد الشركاء المتخاصمين في سوريا وسر تمسك إيران بأكراد سنجار

الجمر السوري يهدد الشركاء المتخاصمين في سوريا وسر تمسك إيران بأكراد سنجار
نفس القوى التي وجدت قبل عامين في معركتي عفرين وإدلب  مع تغيرات  بسيطة .. نفس القوى المؤثرة   في سنجار  وكأنها  تبتغي تكملة جولتي عفرين وإدلب .

قبل عامين وصل حر الجمر السوري إلى  ملف طرابلس الغرب على طاولة اللقاءات التركية الروسية، وأصبح الملف الليبي رديف  الملف السوري  بين الروس والترك.. وبات التأثير المتبادل في الملفين سيد الموقف. ظهر التدخل العسكري  التركي تباعاً  في ثلاث معارك  ـ عفرين وإدلب وطرابلس . وكان الجانب الروسي  قد تخلى عن  التدخل  في هذه المعارك  تحت ظلال تفاهمات مع الجانب التركي .. حينها أصبحت الميليشيات الكردية في معركة عفرين  بلا غطاء , ولاحقاً  أصبحت ميليشيات  النظام في معركة إدلب  بدون الغطاء الروسي  ومعها قواتها الرديفة الإيرانية واللبنانية ( حزب الله)  .

 وكذلك الأمر في معركة طرابلس حيث تنحى الروس جانباً مفسحين المجال للحسم العسكري التركي.. التفاهمات التركية الروسية لم تقف  عند  فضاء  المنطقة العربية بل تعدتها لتلقي بظلالها على معركة  كاراباخ  بين الأذر والأرمن،  حيث لم يفسح الروس فقط المجال  للتمدد التركي بل أخذوا دور الوساطة  قاطعين الطريق عنها أمام القوى الغربية . 

مع اشتداد المعارك في سنجار  وظهور رغبات عند أطراف  بالانخراط فيها سيما من قبل الجانب الإيراني وحليفه حزب الله ـ هناك عدة أسئلة ماتزال ملحة ـ ما هو هدف إيران في الوقوف إلى جانب الميليشيات الكردية التي تواجه مصيراً قاسياً  أمام الآلة العسكرية التركية المتقدمة نوعاً وكماً وأداءً ؟!! .. ولماذا تهرع إيران لمد يدها للميليشيات الكردية  بينما هي نفسها تعيش ظروفا أسوأ من ظروفها ؟!!.. وما الذي يضطر إيران للدخول في معركة شبه خاسرة  إلى جانب طرف ضعيف بالمقارنة مع الطرف التركي الذي يمتلك سلاحاً  أهّله لحسم خمس معارك في أقل من عامين ؟!!!.. 

هل باتت إيران  تدرك أن خسارة الأرمن في معركة  كاراباخ وخسارة الميليشيات الكردية في معارك سنجار يضعف سياج حديقتها الخلفية الشمالية ويجعلها مستباحة من قبل الجانب التركي وحليفه الأذري ؟!! هل باتت تدرك هذا جيداً !!!، وبات يؤرق مضجعها ؟!!.

هل تخلي الروس عن الأرمن  في معركة كاراباخ بالنسبة لإيران بات  ينذر  بتغيرات  مصيرية على الأرض ؟!  وهل هذا ما بات يحسب  له ألف حساب  في  مخيلة الساسة الإيرانيين ؟!!

 وإذا ما ذكرنا تجرؤ المكونات في الداخل الإيراني على المركزية الملالية ونظامها الطائفي  سيما الحراك البلوشي ـ كل هذا يكشف  مدى صعوبة الموقف بالنسبة لنظام إيران .

ولا يقف الأمر عند حد حراك بلوشستان فكل مناطق المكونات الأخرى تعاني القهر من فقر وتهميش  في ظل حكم  المركزية الطائفية ، المكونات كلها الكردي والعربي والتركماني  والأذري والبلوشي ..  وهذه المكونات غالبيتها تتلاقى مع دول في جوار إيران . فالبلوش يتلاقون مع باكستان كون باكستان  تحتوي على مكون بلوشي ، وكذلك الأمر يخص المكون التركماني الذي يتلاقى مع دول عدة أهمها تركيا . وكذلك المكون الأذري الذي يعتبر من أهم وأكبر المكونات  في الداخل الإيراني.

ولا يغيب عن المشهد  شبح تذمر المكون الكردي الذي بدأ يظهر له ظهير مهتم في شمال العراق يتمثل في إقليم كردستان العراق والذي بجغرافيته يلاصق مناطق الكرد في شمال غرب الجغرافيا الإيرانية  والملاصق بدوره للمناطق الأذرية ، والمقلق والمرعب لإيران هو الاهتمام التركي  بإقليم كردستان العراق  واهتمام أذربيجان بإقليمها المُلاصق لها بدعم تركي .

 ولا يغيب  كذلك من زاوية الرؤية أمام الإيرانيين  التحرك الباكستاني  في فضاء أزمة كاراباخ ، حتى وإن كان  دبلوماسياً ، وكذلك الشراكة الباكستانية التركية  وتجليها في الوقوف إلى جانب أذربيجان في ذات المعركة ، فالصورة التي تعكسها الزاوية  لاتظهر أرمينيا وحدها واقعة بين فكي الكماشة الباكستانية التركية ، بل إيران برمتها  التي لها حدود مع الدولتين . وإن كانت باكستان قد وقفت إلى جانب الأذريين ذوي الأصول التركية فسيكون أولى لها الوقوف إلى جانب البلوش التي تجمعها معها صلة العرق والقرابة ،  الصورة باتت تظهر إيران محصورة أكثر من أرمينيا نفسها . 

كل هذا يفسر الهلع المتصاعد في أروقة  السراديب الإيرانية والذي يدفعها مضطرة للدخول  في معركة هي أقرب إلى المغامرة الخاسرة والمحتومة . لعل الإيرانيين باتوا يدركون جوهر التحركات التركية  من حولهم في أذربيجان وباكستان وقطر وأخيراً في شمال العراق.

كانت إيران قد تكتمت على خسائرها  في معركة إدلب في آذار- مارس الماضي من جراء العملية العسكرية التركية ، وكانت العملية  مؤلمة وقاهرة للقوى الثلاث المتحالفة (حزب الله وميليشيا النظام والميليشيات الإيرانية ) وحده النظام خسر ما يقرب من ثلاثة آلاف عنصر . وكان التخلي الروسي  في المعركة يزيد إيلاما وحسرة لمن راهنوا عليه.

السؤال يبقى ـ مادامت إيران قد جربت على نفسها وعلى حلفائها لدغات البيرقدار المميتة " لماذا تضع إيران نفسها اليوم في سنجار مرة أخرى  في ظلال أجنحته وفي مرمى  جحيمه ؟!! .

إيران بلاشك في سنجار باتت ترتدي درع المدافع بعد أن  كانت في  العراق وسوريا لسنوات تحافظ على وضعية المهاجم  والمتسلل .. هل تدحرج الجمر السوري الذي أشعلته ونفخت فيه لسنوات ـ هل تدحرج من حولها ، وباتت تستشعر حرارة لهيبه بعيونها ؟!.

لاشك أن رماد معركة سنجار سينبت وسيغذي خضارا جديدا في المنطقة، وبعد أن تتوارى جثث  قتلى الميليشيات ستتغير بانوراما الأفق من حوله، ولا شك  سيكون المستفيد الأول  هو حكومة كردستان العراق  الحليف الجديد لتركيا .. وربما  سيغيب مشروع الدولة الكردية (الميليشياوي ) الذي كان من المفترض أن يشكل  حربة في خاصرة الدولة التركية ـ ليتمدد على أنقاضه كردستان العراق  الذي ربما يكون  بؤرة جيوسياسية  وجيوثقافية وجيواقتصادية مقلقة لإيران .. أمور وأوضاع عدة تتغير بسرعة في المنطقة ـ

 بقي لنا أن نتساءل ـ هل اشتعال جبهة سنجار باحتياط اللاعبين على الأرض السورية سيخفف الضغط عنها ـ إذا ما أنهكت قوى هذه الفرق  في خارج الفضاء السوري ؟!، أرجح ذلك.

التعليقات (7)

    عبدالله الأسعد

    ·منذ 3 سنوات شهر
    جميل جدا ماتكتبه دائما الأستاذ عبدالفتاح المحترم سلمت يداك

    خالد الطباع

    ·منذ 3 سنوات شهر
    قراءة عميقة للواقع تدل عن فهم للواقع بشكل دقيق.

    خالد حسين

    ·منذ 3 سنوات شهر
    مبدع دائما في تحليلاتك استاذ عبد الفتاح ،اصبت عين الحقيقة

    سليم

    ·منذ 3 سنوات شهر
    كلام حلل فاصاب

    صبحي

    ·منذ 3 سنوات شهر
    كلام فاضي ولا الو شي بالواقع

    Kurdo

    ·منذ 3 سنوات شهر
    مقال تافهه يفوح منه. عرق مرتزق ل تركيا تحول إلى طاحون فارغ خخخخخ

    محمد التميمي

    ·منذ 3 سنوات شهر
    قراءة جميلة للواقع العسكري والسياسي والثقافي أيضا.. سلمت يداك وتحليلك أستاذ طاحون
7

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات