وسائل التواصل أحدث وسيلة لاستجداء الطعام في اللاذقية والجوع يعم مناطق سيطرة أسد

وسائل التواصل أحدث وسيلة لاستجداء الطعام في اللاذقية والجوع يعم مناطق سيطرة أسد
نشرت إحدى صفحات "فيس بوك" الموالية لنظام أسد في اللاذقية خبر وفاة عقيد في جيش النظام قبل أيام، وانهالت تعليقات التعزية والمواساة بفقدان "البطل"، غير أن تعليقا لسيدة تحمل لقب زوجة الشهيد قلبَ فحوى المنشور رأسا على عقب، ليحوّله إلى ساحة صراع بين غاضبين من تعليق السيدة وحزانى عليها.

تعليق "زوجة الشهيد" حمل شتائم بألفاظ بذيئة للعقيد المتوفى وأسرته والمعزّين به، شتمت جيش أسد وسوريا والإرهاب، صبّت جام غضبها دفعة واحدة بكل اتجاه.

لم يخطر لي ككاتب لهذه المادة أن المنشور سيحذف قبل تصويره، ومما أتذكره من التعليق الطويل لتلك السيدة الغاضبة أنه يشرح حالة الفقر والعوز الشديد التي تعيشها مع أطفالها، حيث لا يجدون ما يكفيهم من طعام، وهي زوجة الشهيد "الذي قدم روحه فداء للوطن وسيد الوطن" وطالبت المشاركين بحفلة العزاء الافتراضية المبادرة لتقديم المساعدة لها لإطعام أطفالها بدل الاستمرار في "حملة النفاق" كما أسمتها.  

كثيرون شتموا السيدة لتطاولها على جيش الوطن، والبعض أبدى الحزن على حالها، واشتبك المعلّقون بالسباب والشتائم ولم يحفظوا للعقيد المتوفى حرمة، وهو موضوع المنشور الأساسي.

حتى لو لم تكن صفحة "زوجة الشهيد" حقيقية، إلا أن حالة الفقر التي وصلت بالناس إلى الجوع مؤكدة، دفعت الجوعى من المقيمين في مناطق سيطرة النظام لاستجداء المساعدة بكل الطرق، وآخرها أو أحدثها هو طلبها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

بالأمس فقط، السبت، كتبت سيدة تدعى أم أحمد على صفحة " اللاذقية" وهي معروفة على الفيس بوك مناشدة "رجاء ساعدوني بمواد غذائية أو مصاري كرمال ولادي والله الجوع كافر" وأرفقتها بوجه باكٍ، وقد التقطتُ على الفور صورة "أحتفظ بها" للمنشور الذي لم يلبث طويلا قبل حذفه من إدارة الصفحة، وأُبدي اعتذاري لعدم إرفاقها.

عشرات التعليقات وردت على المنشور دون أي متبرّع أو مبادر بطرح حلّ إسعافي لجوع أطفال أم أحمد بإرشادها إلى جمعية أو منظمة أو غير ذلك، هل بات الجميع جوعى عاجزين عن مساعدة أمٍ ترجو الخبز لأطفالها، أم أن الفقر والضغط في مناطق سيطرة أسد أوقف مبادرات الخير والمساعدة؟

وفي حالة ثالثة هدّد ضيغم أحمد على صفحته الشخصية باستعمال سلاحه لاقتناص الطعام لزوجته وطفله، وقد عجز وهو المعاق بسبب مشاركته في حرب أسد على "الإرهاب" عن تأمين الطعام لهما.

هذه مشاهدات عابرة لصفحات محدودة، غير أن الناشط الإعلامي محمد الساحلي من اللاذقية يؤكد أن المنشورات المشابهة باتت تملأ صفحات الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، واللافت إشارته إلى أن غالبيتها تعود لمتضررين من حرب أسد على السوريين.

في حديث هاتفي مع مدرّس متقاعد من اللاذقية علّق على اللجوء للإنترنت بحثا عن الطعام "كل سبل تأمين العيش انسدّت بوجوه المواطنين، إلا قلّة من التجار والمتنفّذين والحرامية، وهذا دفع للبحث عن طرق غير مألوفة للوصول إلى اللقمة فكان الإنترنت أحدثها، وكما يقال: الحاجة أم الاختراع". 

وأضاف "لكن حتى هذه الطريقة لم تجدِ نفعا، حيث لم يرتقِ التفاعل معها إلى حدّ المبادرة إلى المساعدة، بل اقتصر في غالبيته على مشاطرة الأسى لفظيا" وقال إنه لا يستطيع تحديد السبب الحقيقي لعدم مساعدة المحتاجين من قبل ميسوري الحال، لكنه رجّح عدم متابعة هؤلاء لصفحات الفقراء والشبكات الإعلامية التي تنشر مثل هذه الاستجداءات.

وما يثير الانتباه في التعامل مع هذه المنشورات أن أغلبها تتم إزالته من إدارات الصفحات العامة، ويتم إغلاق الصفحات الخاصة التي تنشرها، حسب قول الناشط الساحلي الذي رجح أن تكون سلطات النظام الأمنية وراء منعها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات