إذاً ،حماس حركة دينية فلسطينية مقاومة للاحتلال ،وهي استمرار لوعي حزب الإخوان المسلمين في غزة.
أن تظهر حركة فلسطينية مهما كانت أيديولوجيتها تقاوم الاحتلال وتدعو لتحرير فلسطين من البحر إلى البحر فهذا ينتمي إلى الحق.وتأسيساً على ذلك أخذت حركات المقاومة الفلسطينية كلها معانيها من هذا الحق.
ولكن المعنى لا يقوم في الاسم والخطاب فقط ،بل في الممارسة ولا شك.ولقد قدمت حماس آلاف الشهداء تأكيداً لمعنى المقاومة.
لقد وقفت حماس ضد اتفاق أوسلو خطبياً، وهذا أيضاً من حقها، لكنها تناقضت مع هذا الموقف بدخولها الانتخابات للمجلس التشريعي المتولد عن أوسلو.وهكذا فُقدَ أحد أهم جوانب معانيها المقاومة.
حين اختلفت حماس وفتح، قامت حماس باحتلال غزة وأقامت سلطة دينية-بائدة.وبعد سنوات على استيلاء حماس على السلطة في غزة يُطرح من أهل الرأي السؤال الآتي :
ما الفائدة التي عادت على حماس كحركة مقاومة وعلى غزة نفسها وعلى الكفاح الفلسطيني و على القضية الفلسطينية من جراء ذلك سوى غزة تكفيني .وهكذا فقدت حماس معنى المقاومة .
إذا ظلت حماس مسيطرة على غزة ، وبقيت السلطة الوطنية منتظرة الحل الدولي الذي يحمل إسرائيل على القبول بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس فاعلموا بأن القضية الفلسطينية ستعيش بياتاً زمنياً طويلاً بفضل حماس.
لقد أطلقت حماس على احتلال غزة مصطلح الحسم العسكري في غزة، وفرضت السيطرة الأمنية والإدارية عليها فما الذي جنته غزة من هذا الحسم و ما الذي عاد بالفائدة من جراء ذلك على القضية الفلسطينية؟ لا شيء ويطل عليك الهبل السياسي و عبيد السلطة بشارات النصر و اللغة الميتة .
حماس الآن سلطة تحكم غزة حكماً أصولياً ،وتصدر الفتاوى على شاكلة الفتوى التي أطلقها الأسطل تعقيبا على المسيرات الاحتجاجية في القطاع، جاء فيها “إن كل من خرج ليحتج بالشارع فهو مرتد عن الاسلام ، لأن حماس تمثل الإسلام و الخروج ضدها يعني الخروج ضد الإسلام، والخروج ضد الإسلام يعني الردة، ويجب إمهال المرتد ثلاثة أيام ومن ثم إطلاق النار على رأسه إن لم يتب”.
المتظاهر مرتد خارج عن الإسلام إن لم يتوقف عن التظاهر فرصاصة في رأسه بعد أيام ثلاثة .
أي نموذج مغرٍ للحكم هذا، وما علاقة هذه الفتوى بالمقاومة وتحرير فلسطين؟
ثم هناك فتوى عن منع سفر الثيب والعذراء إلا بموافقة ولي الأمر؟ ما الذي يربط بين هذه الفتوى ومعنى المقاومة؟
وعلينا أن نتساءل:ما الذي يمكن أن تقدمه إيران لحماس وما الذي يمكن أن تقدمه حماس لإيران.
إيران في أحسن الأحوال ستقدم لحماس جعالة مادية و وعد بقطمة من الأسلحة.
أما ما تقدمه حماس لإيران فهو الأهم: تبرئة من جرائمها في سوريا، تأكيد خطابها الممانعي،وإخفاء وجه إيران الطائفي.ما معنى هذا بالمعنى المقاوم؟
إذا سياسة حماس حمقاء.لن تجد بعد هذا عربيا في بلاد الشام والعراق من يكن لها الاحترام.وهذه خسارة تفوق آلاف المرات من ربح مؤقت إذا كان هناك من ربح.
زعماء حماس يطرحون ثلاثة شروط للمصالحة : المشاركة والمحاصصة والمقاسمة والاحتفاظ بغزة .
يا لروح المقاومة؟
الثورة مقاومة ،حسناً،ولكن السلطة الحاكمة لأي مكان في العالم ،حتى لو كان لديها خطاب مقاومة،فهي عملياً لا تنتمي إلى المقاومة.
حماس هي الآن شأنها شأن حزب الله ،حزب مقاومة وهبش سلطة ،إذاً هي الآن بلا معنى ذي علاقة بالمقاومة، معناها الآن في جملة واحدة: غزة تكفيني لأحقق مبدأ الحاكمية لله.
التعليقات (9)