سنجار بين أنقرة وطهران: أهمية خلقتها الفوضى والجغرافيا والتقاء الصراع على النفوذ

سنجار بين أنقرة وطهران: أهمية خلقتها الفوضى والجغرافيا والتقاء الصراع على النفوذ
يحوز التوتر السياسي بين تركيا وإيران الذي وصل في ذروته إلى استدعاء السفراء لدى البلدين مؤخراً بسبب تصريحات لسفير نظام الملالي في العراق، على اهتمام وسائل الإعلام العربية والعالمية، والتي توقع بعضها بأن يكون الصراع المستقبلي في الشرق الأوسط بين الأطراف الثلاثة غير العربية (إسرائيل وتركية وإيران).

ففي مقال لمجلة فورن بوليسي حمل عنوان "لن تكون الصراعات القادمة في الشرق الأوسط بين الدول العربية وإيران"، سلّط الضوء على تنامي قوة الأطراف الثلاثة والنزاع الدائر بينهم على النفوذ في الشرق الأوسط، أبرزها التنافس الإيراني - التركي في العراق وسوريا.

وكان هذا التنافس وصل إلى ذروته في حرب من التصريحات بأكثر من ملف أبرزها أذربيجان وسوريا والعراق، آخرها أزمة الأسبوع الماضي التي أشعلها السفير الإيراني، إيرج مسجدي، في تصريحات لشبكة "رووداو" الكردية، قال فيها إن بلاده "لا تقبل بوجود قوات أجنبية في العراق" أو التدخل العسكري على أراضيه، مُعتبرا أنه "لا يجب أن تكون القوات التركية بأي شكل من الأشكال مصدر تهديد للأراضي العراقية ولا أن تقوم باحتلالها".

بالمقابل، كتب السفير التركي لدى العراق، فاتح يلدز، تغريدة عبر تويتر رداً على مسجدي، قال فيها: "أعتقد أن السفير الإيراني آخر شخص يمكن أن يعطي تركيا درسا في احترام حدود العراق"، لتبدأ الدولتان باستدعاء السفراء للاحتجاج على تصريحات دبلوماسييها. 

وكان العراق سبب أكثر من أزمة بين البلدين، يخلقها نظام الملالي عبر وكلائه من الميليشيات الشيعية مع كل عمل تركي في الشمال العراقي لمحاربة تنظيم "حزب العمال الكردستاني" المصنف على لوائح الإرهاب العالمي كمنظمة إرهابية، من بينها بيانات صريحة لميليشيات "عصائب أهل الحق" و"النجباء" توعدت بمهاجمة المصالح التركية وقواتها العسكرية إذا ما استمرت بعملياتها ضد ميليشيا "PKK".

أهمية تخلقها الفوضى والجغرافيا

في الرقعة الجغرافية الممتدة بين الموصل شرقاً والحدود السورية غرباً بين مثلث "تلعفر العراقية واليعربية والهول السوريتان"، يتموضع إقليم سنجار (شنكال بالكردية) الذي تتوسطه سلسلة جبلية تمتد من الشرق إلى الغرب ومحاطة بقرى للكرد والأزيديين والعرب والتركمان. 

مجموعة من النقاط يمتاز بها الإقليم وفقاً صبحي ناظم توفيق، المحلل السياسي العراقي، جعل منه موقع لصراع النفوذ، أولها موقعه الاستراتيجي الذي تأتي أهميته من تموضعه في المثلث التركي السوري العراقي وقربه من حدود البلدان الثلاثة، عدا عن الطبيعة الديموغرافية التي يتمتع بها الإقليم.

ومازاد من شهوة الصراع على الإقليم، هو حالة الاختلاف على تبعيته بين إقليم كردستان وحكومة بغداد كإحدى "المناطق المتنازع عليها"، يضاف إلى ذلك حالة الفوضى على الجانب السوري (مناطق سيطرة ميليشيا قسد) والمشابهة لحال سنجار اليوم التي تسلل إليها "العمال الكردستاني" بحجة محاربة داعش، وبالتالي أحد أبرز الدوافع لتركيا وإيران للتركيز على المنطقة.

التقاء صراع النفوذ

السعي الإيراني للسيطرة والتدخل في سنجار، كما يقول توفيق لأورينت نت، أن سنجار تشكل أحد ثلاثة طرق تصل إيران بالمياه الدافئة (المتوسط) عبر العراق وسوريا، وهو ما ينعكس على أرض الواقع بمحاولة سيطرة وكلاء طهران على المنطقة سواء من الحشد الشعبي أو حزب العمال الكردستاني، عدا عن "الادعاء الكردي" أن سنجار نقطة الوصل والربط بين إقليم كردستان العراق من جهة وما يسمونه "كردستان سوريا".

وكان إقليم سنجار أشعل توتراً بين الميليشيات الشيعية وتركيا منتصف العام 2017 عقب تمسك أنقرة بالإبقاء على قواتها في منطقة تلعفر العراقية التي تربط إقليم سنجار بالموصل، وهو ما قد يشير إلى الأهمية التي تعيها تركيا لسنجار والتموضع في أكثر من نقطة تتيح لها التحرك وفرض نفسها كأحد اللاعبين في المنطقة عموماً والإقليم على وجه الخصوص.

وبحسب المحلل السياسي العراقي فإن سنجار الواقعة على بعد 130 كم من الحدود التركية العراقية تشكل إشكالية لأنقرة في حربها على PKK، كونها خارجة عن العمق المتفق عليه بين أنقرة وبغداد، على عكس جبال قنديل القريبة من الحدود والتي يقع جزء منها داخل تركيا، بحيث يمكن للأخيرة التحرك بحرية في محاربة "العمال الكردستاني، الأمر الذي قد يفسر النزعة الإيرانية للتصعيد ضد الأتراك فيما لو كان "العراق وسنجار" محافظة إيرانية، كما يصفها المحلل السياسي، يوسف كاتب أوغلو.

كما أن الديدن الإيراني القائم على الإيديولوجية المذهبية - وفقاً لكاتب أوغلو - تتقاطع مصالحها مع "العمال الكردستاني" في المنطقة بالاتفاق غير المعلن على التعاون مع ميليشياتها في المنطقة، وإضعاف (الكردستاني) على يد تركيا يعني إضعاف وكلاء إيران.

يشار إلى أن حكومتي كردستان العراق وبغداد وقعتا اتفاقاً في 9 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يقضي بحفظ الأمن في قضاء سنجار من قبل "قوات الأمن الاتحادية" بالتنسيق مع قوات إقليم كردستان، وإخراج كل الجماعات المسلحة غير القانونية. كما ينص الاتفاق على إنهاء وجود "بي كا كا" في المنطقة، وإلغاء أي دور للكيانات المرتبطة بها في المنطقة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات