لعنة الكيماوي تلاحق بشار وماهر الأسد في أوروبا

لعنة الكيماوي تلاحق بشار وماهر الأسد في أوروبا
قدمت منظمات سورية ومجموعة من الناجين السوريين شكوى جنائية للمحاكم الفرنسية بهدف فتح تحقيق جنائي يفضي لمحاسبة نظام أسد وميليشياته وعلى رأسهم بشار أسد وشقيقه ماهر حول الهجمات الكيماوية ضد المدنيين في سوريا.

الشكوى قدمتها منظمات "الأرشيف السوري"، و"مبادرة العدالة"، و"المركز السوري للإعلام وحرية التعبير". مع مجموعة من الناجين أمام قضاة التحقيق في فرنسا، لمحاسبة منفذي استخدام السلاح الكيماوي في دوما وبلدات الغوطة الشرقية في آب عام 2013، وتتضمن الشكوى شهادات مستفيضة للعديد من الناجين من الهجمات الكيماوية، "على أمل أن يؤدي التحقيق الفرنسي في هذه الجرائم إلى محاسبة كل من أمر  وعمل على تنفيذ هذه الهجمات التي أودت بحياة أكثر من ألف شخص بينهم العديد من الأطفال".

وأشار المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في بيان إلى أن الشكوى المقدمة للمحاكم الفرنسية تأخذ طابع ادعاء طرف مدني، وتتضمن "تحليلا شاملا ودقيقا لسلسلة القيادة العسكرية السورية والمئات من الأدلة الموثقة"، بمافي ذلك الصور ومقاطع الفيديو، إضافة لأن الشكوى تزود القضاة بمعلومات وخيوط تحقيق جديدة، وتتهم بشكل مباشر نظام أسد وميليشياته بالمسؤولية الكاملة حول تنفيذ الهجمات الكيماوية التي تعتبر "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

بدوره قال مؤسس ومدير "الأرشيف السوري" هادي الخطيب: “لقد قمنا بجمع أدلة شاملة تحدد بدقة المسؤول عن هذه الهجمات في دوما والغوطة الشرقية، والتي حتى اليوم، لا تزال آثارها المروعة وعواقبها تؤثر على الناجين، لم تفصح أو تقر الحكومة السورية بعد عن إنتاجها للأسلحة الكيميائية واستخدامها وتخزينها، مما يعني أنها لا تزال تشكل تهديداً على مواطنيها المدنيين في سوريا، فضلاً عن السلم والأمن الدوليين، ويجب أن تخضع للمساءلة والمحاسبة”.

وأضاف الخطيب في البيان: "إنه من غير المقبول أن يمر استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين من دون محاسبة. لأننا إن سمحنا بذلك، فلن تحدث مثل هذه الهجمات مرة أخرى فحسب، بل سنعرض البشرية جمعاء لمخاطر حقيقية".

 

كما قال مازن درويش مؤسس ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (أحد مقدمي الشكوى): إن "محاسبة مرتكبي هذه الجرائم في سوريا لن توفر فقط قدراً من العدالة المستحقة لضحاياهم، ولكنها تضمن أيضاً قدراً أكبر من السلام والأمن العالميين، لهذا السبب، وبالإضافة إلى التحقيق في هذه الجرائم ومقاضاة مرتكبيها عند توافر الاختصاص القضائي، يجب على الدول التعاون أيضاً لإنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم.”

وبحسب المركز السوري فإن مبدأ الولاية القضائية خارج الإقليم يخول المحاكم الفرنسية بالتحقيق في الجرائم الدولية التي يرتكبها أجانب على أرض أجنبية ومقاضاة مرتكبيها، فيما نوه بيان المنظمات السورية إلى أن الأطراف المدنية في هذه القضية يمثلها المحاميان جان سولزر وكليمانس ويت المسجلان في نقابة المحامين في باريس.

شكوى سابقة مماثلة

وسبق أن قدمت تلك المنظمات السورية شكوى مماثلة أمام مكتب المدعى العام الاتحادي في ألمانيا في تشرين الأول 2020، حول الهجمات الكيماوية التي نفذتها ميليشيا أسد في الغوطة الشرقية لدمشق عام2013، وخان شيخون 2017، وتضمن الشكوى أدلة تحقيقات مفصلة مدعومة بوثائق وشهادات لناجين، إلى جانب وجود شخصيات حكومية وأمنية سابقة منشقة عن نظام أسد ساهمت في تقديم الأدلة للمحاكم الأوروبية.

ويقول المحامي في مبادرة العدالة ستيف كوستاس: "إننا نحث القضاة الفرنسيين على إجراء تحقيق مشترك مع المدعي العام الألماني بشأن الهجمات على الغوطة الشرقية. إذ إنه من خلال حشد الموارد والجهود، ستتمكن الدول من جمع أدلة قوية ضد المسؤولين السوريين المتورطين بشكل مباشر بهذه الهجمات بسهولة أكبر".

ويضيف كوستاس: “وهذا من شأنه أن يسمح للسلطات القضائية في مختلف البلدان بإقامة دعاوى جنائية جاهزة للنظر فيها، لمحاسبة هؤلاء المسؤولين السوريين بمجرد أن يتم اعتقالهم".

ونقلت صيحفة "التايمز"  البريطانية عن الخبير في الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والأستاذ في جامعة (جورج ميسون)، جريجوري كوبلنتز، المطلع على الدراسة التي قدمها السوريون: "إنه على الرغم من وجود الكثير من المواد مفتوحة المصدر ، إلا أنها تلقي الضوء على معلومات جديدة من المنشقين والمطلعين".

وكانت فرنسا طالبت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)  في وقت سابق بتعليق “حقوق وامتيازات” حكومة الأسد والتي ستشمل حقوقها في التصويت في المنظمة، و"ذلك لعدم الوفاء بمهلة تموز/ يوليو 2020 المحددة للإعلان عن الأسلحة الكيميائية المستخدمة في هجمات 2017 على بلدة اللطامنة والكشف عن مخزونها الكيميائي"، وهو اقتراح من المتوقع أن تناقشه باريس من قبل أكثر من 40 دولة خلال اجتماع ربيع 2021 للدول الأعضاء في المنظمة الدولية "OPCW".

ومنذ بداية الثورة السورية استخدمت ميليشيا أسد السلاح الكمياوي ضد المدنيين، ووثقت المنظمات الدولية أكثر من 300 هجوم بأسلحة كيماوية بمناطق مختلفة، كان أبرزها وأكبرها مجزرة الغوطة الشرقية في آب 2013، والتي أدت لمقتل أكثر من 1400 مدني معظمهم من النساء والأطفال.

لكن المجتمع الدولي اكتفى بسحب كميات من السلاح الكيماوي من ميليشيا أسد، بعد تحقيقات واسعة أجرتها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية حينها، لكن تلك التحقيقات لم تؤدِ إلى تحديد الفاعلين،  ليبقى نظام أسد دون محاسبة دولية عادلة برعاية الفيتو الروسي والصيني الذي استُخدم عشرات المرات لصالح النظام وجرائمه.

وتسعى تلك الإجراءات الجديدة في الدول الأوروبية إلى لمحاسبة كبار مسؤولي نظام أسد وخاصة رأس النظام بشار أسد و شقيقه ماهر باعتبارهم المسؤولين عن تنفيذ وارتكاب جرائم الحرب ضد المدنيين في سوريا، ولا تقتصر جرائمهم على استخدام السلاح الكيماوي فحسب، ولكن ذلك السلاح يعتبر الأخطر من نوعه وفق التصنيف الدولي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات