في ظل انهيار منظومة الدولة: السوريون يستعيدون أسلوب "التجريسة" لفضح اللصوص

في ظل انهيار منظومة الدولة: السوريون يستعيدون أسلوب "التجريسة" لفضح اللصوص
برزت ظاهرة محاسبة اللصوص والمجرمين بشكل فردي من قبل الأهالي في مناطق ميليشيا أسد، وخاصة في محافظات الجنوب وطرطوس، وذلك بعد عجز نظام أسد وأجهزته الأمنية عن الحد من تفشي جرائم السرقة والسطو المسلح التي تؤرق حياة السكان، في ظل تزايد حالة الفلتان الأمني في تلك المناطق بشكل غير مسبوق.

آخر تلك الحالات سجلتها محافظة السويداء قبل يومين، بتعليق شاب وهو مكبل في ساحة قرية نمرة شمال السويداء بعد اتامه ببعض السرقات في القرية، وذكرت شبكة "السويداء24"، أن مجموعة من أبناء القرية قبضوا على الشاب (ه ز) بتهمة سرقة (جوالات ومازوت وأسلاك كهرباء) ومسروقات أخرى اعترف باقترافها في القرية ذاتها، فيما أكدت مصادر محلية أن الشاب من أصحاب السوابق في مجال السرقة وأنه أُطلق سراحه مؤخرا من السجن لكنه مازال يمارس السرقة.

واللافت في الأمر قيام المجموعة المحلية باقتياد الشاب المتهم إلى ساحة القرية وتكبيله وتعليقه في الساحة حتى الصباح، بهدف أن يكون "عبرة لمن يعتبر"، وأن يكون تصرفا رادعا لجميع اللصوص الكثر في المحافظة، خاصة مع غياب شبه تام لأجهزة الشرطة التابعة لميليشيا أسد عن ضبط الوضع الأمني.

ولاقت الخطوة انقساما في آراء الأهالي بين رافض للفكرة وبين مرحب في السويداء، فيما دلت معظم التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي أن التصرف الفردي ناجم عن عجز نظام أسد عن ضبط الأمن والحد من الجرائم في المنطقة، في حين طالب آخرون بمحاسبة كبار اللصوص في إشارة إلى مسؤولي نظام أسد.

وعلق Safwan Munther بقوله: "عندما نفقد سيادة القانون سوف نرى ماهو أبشع من ذلك، من قام بالفعل هو مجموعة فقدت الثقة بسيادة القانون والقائمين عليه سواء التحقيق أو المحاكمة أو التنفيذ، فارتكبت جرما غوغائيا بحجة تحقيق العدالة، لكن التعليق الأبرز كان لـ Rafe Al Halabe التي علقت: "من يسرق عن مهنة تقطع يده ومن يسرق عن جوع تقطع رقبة الحاكم".

ميليشيا أسد وراء الجرائم

وتشير الوقائع الموثقة إلى أن ميليشيا أسد تقف وراء تفشي الجرائم والسطو المسلح بغطاء "قانوني" في السويداء، عبر إعطاء أفراد العصابات هويات أمنية تسهل عبورهم على الحواجز الأمنية وتبعد عنهم الشبهات في ذات الوقت.  

وقال مصدر خاص من المدينة لأورينت نت، إن السلطة الأمنية المتمثلة بميليشيا أسد (الشرطة والأمن الجنائي) تقف وراء تفشي ظاهرة السطو المسلح والسرقات والجرائم المختلفة بين الأهالي، ولا تتدخل بأي شكل من الأشكال في ضبط الأمن وملاحقة المجرمين، وذلك بهدف إذلال المنطقة الرافضة لحكم نظام أسد وميليشياته. 

ويدلل المصدر على دور ميليشيا أسد التخريبي بحادثة سجلتها السويداء في الأشهر الماضية، من خلال تعرف شخص من الأهالي على أحد السارقين لمنزله بعد ضربه على رأسه، ليقوم صاحب المنزل في اليوم الثاني بإخبار والد السارق، فيما اتضح أن السارق موقوف قبل أيام في فرع الأمن الجنائي، وخلال زيارة صاحب المنزل ووالد السارق للفرع تم التأكد من وجود الشاب المتهم وهو مصاب في رأسه، الأمر الذي فضح دور الفرع بتعزيز السرقة والسطو المسلح بإطلاق الموقوفين لديه لسرقة المنازل وتقاسم المسروقات فيما بينهم.

وسبق أن اتهمت السويداء من خلال وقفات احتجاجية عديدة نظام أسد وميليشياته بالوقوف وراء الفساد والاغتيالات والفلتان الأمني في المنطقة، خاصة أن المحافظة باتت الأولى على مناطق سيطرة ميليشيا أسد من حيث عمليات الخطف والقتل من قبل عصابات تمولها وتدعمها ميليشيا "الأمن العسكري" بالتعاون مع ميليشيا "حزب الله" اللبناني.

طرطوس تحاسب محتالا

سبق ذلك ظاهرة مشابهة سجلتها محافظة طرطوس الساحلية، أبرز معاقل ميليشيا أسد، في 17 من الشهر الحالي، وذلك بقيام أهالي حي الرادار في المدينة بالقبض على شخص متهم بالنصب والاحتيال يدعى (م س)  وتقييده على أحد أعمدة الكهرباء في الحي وتعذيبه أمام المارة، مع توجيه شتائم قاسية له.

ونشرت الشبكات الموالية صورا تظهر المتهم مكبلا ويتم ضربه بالحذاء من قبل المارة بما فيهم النساء، حيث ادعى الأهالي أن الرجل قام بأخذ مبالغ مالية كبيرة منهم لقاء الحصول على شقق سكنية وعقارات، ليتضح فيما بعد أنه يمتهن النصب والاحتيال، بحسب زعمهم.

وأثارت تلك الخطوة غضب ميليشيا أسد بسبب المحاسبة الذاتية من قبل الأهالي وعدم تسليم الأمر للسلطات المسؤولة عن الأمن، حيث نقلت مواقع موالية عن أحد المحامين في المنطقة قوله: "لا يجوز استيفاء الحق بالذات قانوناً، فهناك أسس وأساليب قانونية تحت رعاية دولة مؤسسات تحمي المواطن من التعرض للجرائم".

درعا هي السبّاقة

لكن الحادثة الأولى من محاسبة اللصوص بشكل فردي بدأت في درعا في 9 من الشهر الحالي، خلال القبض على شاب وتكبيله بشكل محكم وسط ساحة مدينة نوى وتعليق لافتة عليه كتب عليها (حرامي رقم 1) وذلك بعد اتهامه بسرقة دراجة نارية في المدينة.

ووثقت الصحفات المحلية الحادثة بنشر صور الشاب خلال وهو مكبل بشكل ذليل وسط المدينة، لتبدأ ثورة من التعليقات الرافضة بمجملها لذلك التصرف، حيث اعتبر المعلقون أن تلك الظاهرة غير شرعية وغير قانونية، بسبب استنادها إلى الأحكام الشخصية و"محاسبة الضعاف وترك كبار الفاسدين".

وقال عضو مكتب توثيق الشهداء في درعا، الناشط محمد الشرع لأورينت نت، إن الأسباب الكامنة وراء تلك الظاهرة هي الفوضى الأمنية المتفشية في المحافظة وزيادة حالات السرقة والسطو المسلح وغيرها من الجرائم، خاصة وأن المنطقة تشتكي بشكل لافت من زيادة السرقات وعجز ميليشيا أسد عن ضبط الأمن.

ولاقت الحادثة استهجانا واسعا من الأهالي في درعا، الذين رفضوا بشكل قاطع تعليق الشاب السارق وإهانته بهذا الشكل وعلق Adel Alhorane: "عم تتشاطروا على فقير سرق مشان يوكل روحو تشاطرو على اللي حرق بيوتكم وقتل ولادكم وسرقكم وسرق خيرات بلادكم يلعن عظام حافض بقبرو لوين وصلنا"، فيما قال محمد الزعبي: "لو انو ابن حمولة يلي سارق ما في زلم بحوران بسترجي يطل عليه بس امبين ما لوش حدا الله يفرجها احسن اشي ودور على حاميها حراميها".

وخلال الأشهر الماضية زاد معدل الجرائم والسرقات بشكل واسع في مناطق سيطرة ميليشيا أسد، وفق ما توثق مواقع التواصل الاجتماعي لتلك الجرائم والسرقات، فيما تعجز الميليشيا بأجهزتها المخابراتية عن ضبط الأمن والحد من تلك الظواهر، كما يعتبر نظام أسد المسؤول الأول عن الفلتان الأمني في مناطق سيطرته بسبب ميليشياته التي تمتهن التعفيش والسرقة والسطو المسلح، إلى جانب الأزمات الاقتصادية التي يعانيها السكان وتهدد بانفجار شعبي واسع.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات